ياسر الفادني يكتب… فُقِئَت عين المليشيا !!
في عملية نوعية تُحسب بدقة لرجال تمكنت القوات المسلحة السودانية من توجيه ضربة إستخباراتية هائلة لميليشيا الدعم السريع، بعد السيطرة الكاملة على أحد أخطر وأدق أنظمة الإنذار المبكر المستخدمة في الدفاع عن مراكزهم الحيوية.
في قلب منطقة “صالحة” بالخرطوم، لم تكن مجرد عملية عسكرية ناجحة، بل كانت إختراقًا مركبًا جمع بين العمل الاستخباراتي المحترف والقدرة القتالية الميدانية التي أزاحت الستار عن واحدة من أهم ركائز التحصين التقني للمليشيا
العملية كشفت تفاصيل مذهلة: تحديد هوية المرتزق الكولومبي الخطير Arnulfo Patiño، من ساعة ميلاده إلى عنوانه في “روبيرا” بمحافظة توليما، مرورًا بمكان إقامته الأخير قبل تسلله إلى السودان، هذا الاختراق البشري ليس إلا مقدمة لما تم إنجازه ميدانيًا، حين استولت القوات المسلحة على منظومة الكشف الصينية المتطورة WS-DF-5000A التي كانت تشكّل العين الإلكترونية للمليشيا ضد الطائرات المسيّرة
هذا النظام، الذي يتفوق بدقة رصده وتحليله، كان يغطي نطاقًا بين 5 إلى 10 كيلومترات، مستخدمًا تقنيات متقدمة لتحليل إشارات المسيرات وفك تشفير بياناتها، واستخلاص الرمز الفريد Dody Code لكل طائرة على حدة، مع تحديد موقع المسيّرة ومكان المشغّل بدقة تصل إلى المتر، أي أن كل حركة في السماء، وكل مشغّل على الأرض، كان تحت عين المليشيا… حتى جاءت هذه الضربة
المعلومات التي يُحدثها النظام كل أقل من ثانيتين تشمل زاوية الطيران، الارتفاع، سرعة الطائرة، ومسارها الكامل، مما كان يمنح المليشيا قدرة شبه كاملة على حماية مواقعها الأكثر حساسية، وقد لجأت إلى وسائل تمويه شديدة الحذر، فأخفت أجزاء النظام داخل “خزانات المياه” لتفادي الرصد الجوي، إلا أن الذكاء العسكري سبقهم بخطوة
من المهم أن نوضح أن WS-DF-5000A ليس نظام تشويش أو هجوم إلكتروني، بل جهاز متخصص في الرصد والاستخلاص المعلوماتي الدقيق، لا يعترض ولا يقطع الاتصال، لا يتحكم بالطائرات ولا يُجبرها على الهبوط، ولكنه يسحب منها كل ما يُخفيه الجو ويكشف أسرارها بلا صوت
إني من منصتي أنظر ….حيث أرى …أنه بتحرير الصالحة أنظمة الكترونية أصبحت بأيدي القوات المسلحة السودانية وهي ليس مجرد غنيمة بل تحول إستراتيجي في معادلة الحرب، ما تم انتزاعه في “صالحة” هو أكثر من جهاز؛ إنه فقدان بوصلة للمليشيا، وسقوط حاد في قدرتها على حماية خطوطها الأمامية ومراكزها الحرجة، لقد فقدت أعينها… وأصبحت مكشوفة أمام سيف الدولة.