مالو اعياه النضال بدني… الحلقة الثانية عشرة

الظهيرة- عبد الله حسن محمد سعيد:
الفن ترجمان الشعوب يحمل ثقافتها ويعبر عن حضارتها ويرسم خطوط فنونها ويبين هويتها ويعكس ابداعاتهم.
والفن يرتبط بالوجدان المرهفة في احاسيسها و مشاعرها التي تعتلج في الدواخل مترجمة لمكنوناتها من فرح وحزن ورضي وقبول واستسلام وسعادة وشقاء ونشوة .
الفن والموسيقي اغاني تطرب و أهازيج تلامس و تداعب شغاف القلوب فتسحر الألباب وتخاطب العواطف الجياشة وتداعب الوجدان والعقول …
الفن هبة الرحمن اختص به مبدعون وهبهم حناجر ذهبية تدوزن الحروف كأنها تخرج من مزامير داؤد فلا تملك معها إلا أن تشتعل أحاسيسك نشوة وتهتز طربا في كل مقطع تدوزنه أنامل ذهبية أبدعت وهي تداعب الأوتار ليخرج نغم يمتزج مع إفرازات الأحاسيس بالفرح والطرب …
وفارسنا اليوم جاء من رحم الجزيرة الولود التي أعطت وما بخلت في كل ضروب الثقافة والفنون والسياسة وصنوف الإبداع كتابا وشعراء ومغنون و مغنيات وسياسيون وسياسيات وكانت ام ولود لها في كل دار بصمة تميز ..كان مولده بقرية ودالنعيم ومن عائلة ود الازيرق التي اعطت السودان افذاذا ناضلوا من اجل حقوق اخوانهم مزارعي الجزيرة والمناقل.
قدمت ودالازيرق ذلك المناضل الذي خاض المعارك مع اخوته في النضال عبدالله محمد توم ومحمد الأمين الضرير ويوسف محمد المصطفي وشيخ الوالي.
وودالمبارك قدموا سفرا نضاليا سيظل في ذاكرة الوطن لارتباطه بحركة المزارعين ونضالهم ضد الاستعمار الانجليزي والمطالبة بحقوق اهل الجزيرة في مال الاحتياطي ووضع اسس العمل الاجتماعي وذلك سفر نضالي يحتاج لكتاب يبين في صفحاته نضال جمع من المميزين فكرا وهمة ووطنية.
ونحن هنا إذ نشير الي عائلة ولدت واهدت السودان أسطورة الغناء والفن والموسيقي الأستاذ الموسيقار محمد الامين امير الفن والعود أحد مشاهير السودان الذين أبدعوا في الفن الموسيقي والغناء وطوعوا العود لي حب الناس افتتاحية أفغانية وهو يداعب الأوتار ..
التحق الفنان محمد الامين في العام الف وتسعمائة وستون بموسيقا الشرطة بمدني وكان علي رأسها الموسيقار محمد ادم المنصوري وجمع من المبدعين الموسيقيين بالمدينة التي قدمت للفن افذاذ وقامات من المبدعين المساح والكاشف ورمضان زائد وبوعركي البخيت والموسيقار حسين بطري.
قدم في اوائل تجاربه فنا راقيا وابداعا غنائيا من اغاني الكابلي ووردي وقدم بدور القلعة وجوهرا وقدم انا وحبيبي التي كانت جواز مروره لدنيا الفن والابداع فاجاد وابدع في الاداء بصوت مميز اكسبه حب الجماهير التي تفاعلت معه في كل حفل اقامها او مسرح صعد علي خشبته مغنيا ومقدما دروسا في الموسيقي .
يعتبر الفنان محمد الامين أحد ايقونات الغناء والموسيقي السودانية المعاصرة ومن أكثرهم شهرة وصايتا فقدم عملا موسيقيا غنائيا ولج به الي العالمية وطور به الموسيقي السودانية.
ونشرها خارج السودان فاكتسبت شهرة عالمية لما تميزت به أغانيه من كلمات صيغت بعناية فائقة ولحن مميز وأداء أكثر روعة وجمالا تشدك اليها شدا رحيما فتأسرك الكلمات وتسكرك الموسيقي والألحان وينقلك الصوت المميز الي عوالم العشق والحب والوله والطرب فترقص أطرافك نشوة وطربا وتسافر مع الكلمات الي رحاب الوطن الحبيب والثورة في اكتوبر فتعيش لحظات النضال فتهتف بعلو صوتك الرصاص لن يثنينا .
وكان في صدورنا غضب بركان ونحن بنهتف للاوطان ،، وتسير في مواكب النصر الي القصر في ساعة النصر وينفجر ذلك الغضب من صدورنا بركان يغلي ونحن نهتف للسودان .. تمتزج الكلمات الطروبة والألحان العزبة مع الإحساس بالوطن وتتدفق مشاعر العشق الوطني تفاعلا وانفعالا مع ذلك الفنان الموهوب الاسطورة التي أبدعت في كل فن وفي كل لون .
قدم محمد الامين فنا راقيا بآلة العود فكان ملكا للعود غني لمدني ،،،
مالو اعياه النضال بدني ،،
وروحي ليه مشتهية ودمدني ،،،
ليت حظي يسمح ويسعدني ،،،
طوفة فد يوم في ربوع مدني ،،
كنت ازور أبويا ودمدني ،،
واشيك ليه الحضري والمدني ،،
اه علي حشاشتي ودجني ،،
وحنيني ولوعتي وشجني ،،
اه دار ابويا ومتعتي وعجني ،،
يا سعادتي وثروتي ومجني ،،،
غني حبا لتلك المدينة التي سكن حبها في داخله فبادلته حبا بحب وعشقا بعشق فهي مرتع طفولته وممراح صباه ، وملاذ كهولته.
تتحدث عنه صفوف عشاق فنه وهي تتزاحم علي أبواب المسرح عندما يحيي محمد الامين حفلا وتدافع الجماهير صوب دار الرياضة عندما يصدح صوته فيها ، قدم زاد الشجون وتتعلم من الايام وقدم الابتهالات الدينية التي تنقلك الي عوالم التصوف والعقيدة السمحاء ابتهالات ترتفع بها الدعوات الصادقات الي عنان السماء الي عالم الروح والسكينة والطمأنينة.
قدم عويناتك وقدم يا حاسدين غرامنا وقدم حلم الاماسي وقدم أربعة سنين عاشم الحب .
غني لاكتوبر ملحمة خالدة تجلت فيها ابداعات الاداء الجماعي من فنانون وفنانات ابدعوا في أدائهم تميزوا فخلدت في ذاكرة الوطن كاحد الروائع التي لا تتكرر غني وعد النوار وحروف اسمك وقالوا متألم شوية والجريدة وقدم خمس سنين وجاني طيفو طايف وغربه وشوق .
ولا يتسع المجال لانه بحر عميق في بحر غرام الجماهير التي عشقت أغانيه وإبداعات فنه ..
الفنان محمد الامين لونية لن تتكرر لكثير من المزايا التي يمتاز بها وتميزه من دون الفنانين الذين شهدتهم الساحة الفنية السودانية والعربية.
لما قدمه من فن مميز في توزيعات موسيقاه وكلماتها المعبرة ومعانيها المتفردة المعبرة عن الأحاسيس الجياشة و عن الحب والجمال والعشق والاشواق والامنيات ،الفنان محمد الامين اسطورة الفن الراقي والموسيقي الحالمة والأداء الأروع.
سكن القلوب وأحب الكل مزاياه الكثيرة فهو إنسان تشرب بحب الوطن وعشق التغني بحبه اجتماعي من الطراز الفريد ….
كتبنا حلقات من ذاكرة المدينة تحت عنوان احدي أغانيه التي خلدت في أذهان الناس لتنوع صورها حديثا عن ربوع مدني ودور اهلها من افذاذ الصوفية الذين أقاموا بين الناس مدارس للتصوف ومآخاة المريدين في ظلال الطريق الوارفة تتوحد سحنهم ومللهم يسلكون طريق القوم الي رب كريم رحيم.
وحديث عن النضال الطويل الذي اه يا البدن عشقا وش وقت لمدمني وربيع مدني ،، أنموذج للإبداع الذي خص به الله أحد عباده فحببه للناس وأحبه الناس فقدم لهم ما أسعدهم …