لـواء رُكن ( م ) د. يونس محمود محمد يكتب…تقاسم الأوجاع ،،،، حتى لا تكون الحرب نزهة
وزير الدفاع الأمريكي ( *بيت هيجسيث* ) يفتح بوابة السجن لإيران لتدخل حتى تأمن عواقب الحرب التي بدأت بالأمس، وذلك في دعوته لإيران بالرضوخ للتفاوض حول برنامجها النووي، وعليها أن تقبل بالشروط الأمريكية الإسرائلية أو ستواجه مزيدًا من التدمير الذي ستقوم به أمريكا ( *شخصيًا* ) وبهذا تكون أمريكا قد وضعت الكيان الإسرائيلي وراء ظهرها لحمايته وبرزت للحرب بكل عدتها وعتادها، هذا الوضع السياسي والعسكري الذي تمخّضت عنه الحرب في يوميها الأولين، ولم تؤشر بعد إلى أي مسارٍ تتجه، لكن إيران المعتدى عليها بهذا التواطؤ الدولي وصمت العالمين هي التي مضت في مشوار التفاوض لسنوات وكلّما عبرت عقبة تبدت لها عقبات من نِسب تخصيب اليورانيوم إلى تفتيش المفاعلات، إلى القدرات الصاروخية، وكُل ذلك تحت الضغط والحصار النفطي والتكنولوجي والإقتصادي وحملات من التشويه الإعلامي والإختراق العميق من الجواسيس والعملاء الذين أوقدوا نار الفتنة وإثارة الداخل بدعاوى الديموقراطية، تمامًا كما فعل ( *القحاطة* ) في السودان فأخرجوه من جناتِ أمنه ونعيمه إلى نار الخصومة والحروب.
بذلك يُمكن القول إنَّ ما إنتهت إليه المفاوضات مع الغرب هو هذه الحربُ المدبرة، ليس بغرضِ تدمير ِبرامج إيران النووية فقط وإنما إخراجها من المعادلة تمامًا كقوّةٍ إقليميةٍ مناهضةً للمشروع الصهيوني الطموح الذي وجدَ أرض العربِ والمسلمينَ خلاءً بلا حِمى ولا حرز، ومورادها مُشرعةٌ بلا رقيب حيثُ الشعوب في أقفاص الخوف ولم تبقى عقبةْ غير إيران وشبابُ القسّام خضر السواعد، فصبّت الصهيونية عليهم جامَ غضبها، والآن إيرانُ تحت نار الحرب ولم يعُد لديها ما تخسرهُ أكثر مما خسرت طوال سنواتِ تفاوضها مع الغرب الذي إنتهى عهده وإنطوت صفحاته، وهي في حِلٍ من كُل ذلك، وعليها توزيعُ مواجعُ الحربِ على اوسع نطاقٍ ممكنٍ حتى يذوق من أشعلها وسعى إليها وبالَ أمره ويدفعُ الثمن، ولن يكونَ ذلك إلّا بالصواريخ الفرط صوتية لتنزل على أم رؤوس المُدن والبلداتِ الفلسطينيةِ المحتلّة، والقواعد الأمريكية في المنطقة كلّها، والدولُ التي تعاونت مع العدوان وهي تحتُ الرصد بالطبع، ممن سهّل التزوّد بالوقود جوًّا، ومن آوى طائرات الكيان وصنعَ له جسرًا للإمداد بالمؤن والذخائر.
نعم، لا بُدَّ أن يتدفأ بنارِ الحربِ من أوقدها، وقدّم لها الحطب، وحتى الذين رقصوا على ضوء لهيبها رقصةُ الموت طربًا لضرب إيران، وما دروا أنَّ الدور قادمٌ عليهم وبذاتِ سُرعةِ الصواريخ الفرط صوتية، لتدمّر قلاعهم الزجاجية، أو يعيشون خدمًا في بلاط بني صهيون تحقيقًا لنبؤات التوراةِ بأنَّ العرب هُم خدم شعب الله المختار.
إيرانٌ مخوّلة الآن لقفل مضيق هرمز ومنع الملاحة بأنواعها، وعلى العالمِ المتآمر أن يتدبّر أمره ويعرف أنَّ لفقدان التوازن ثمنه الدوليّ، وأنَّ غيابَ مجلسُ الأمنِ والقانون الدولي هو إيذانٌ بشريعة الغاب والتي ستنتصرُ فيها إرادةُ الشعوب، وليس قدرُ طيرانُ الشبحِ الذي حلّق فوق سماواتِ أفغانستان عشرين سنة ثمَّ جثا على ركبه يطلبُ الخروج الآمن.
الحربُ صبرٌ، وعلى إيرانِ ممارسةُ هذه الفضيلة بكل ما أوتيت من عزمٍ، وأن تستمر في قصف البيت اليهودي الخاوي الخائف، وأن تُلزمه الملاجئ، وأن تحرمه الحركة والحياة برشقاتٍ مستمرة فوق الغلاف الجوي بصواريخها التي سخرت من دعاية القُبة الحديدية، وأن تحرمهم فرحة قتل القادةِ العسكريين وعلماءِ الذرّة الذين لونت دماؤهم سماء المنطقة وثأرهم هو ثأرُ شعبِ إيران المسلم الحُر.
والنصرُ حليفُ أهل الحق الصابرين أهل الحضارات الراسخة في التاريخ في كافّة مراحله، أمّا الطارئون الغُرباء المغتصبون للأرض تحت وصاية الغرب المسيحي فلا مقامَ لهُم، وإن طال الزمن، وهذا الإحساسُ هو الذي يراودهم ويقضُّ مضاجعهم.
لعلَّ هذه الحرب لها وجهٌ غير الشرِّ الذي تُبديه، فلعلّها تكونُ قاصمةَ ظهرٍ للمشروع الصهيونيّ الذي يلهثُ الآن لولا حبلٌ من أمريكا وبعضُ دول أوروبا وخدمُ اليهود في المدى العربي، ولكنَّ ذلك إلى أجل، فالشعوبُ باقيةٌ بحولِ الله، والقضيّةُ حيّةٌ والقادةُ الشباب قادمونَ كمشاعلَ تفج وجه الظلام القبيح، وغدًا تتفتقُ المنطقةُ بأزاهيرِالحياة، وتُنبت الأرضُ ألف قناةٍ عليها رمحٌ وراية، وصهيلُ خيلِ النصرةِ تتردّدُ أصداؤه من وراء الوادي، ولا مناصَ من الصلاةِفي الأقصى الحبيب، فآذانه مجابٌ ولو بعد حين.
إنها الحربُ إذًا ويجبُ أن تمضي إلى غايتها، تتقدُ من دماء الشرفاء حتى تُضيء الطريق وعلى الذين أشعلوها وساعدوا على إشعالها وتولوا كبرها يجبُ أن يذوقوا ويلاتها حتى يعلموا أنها ليست نزهة، أن تحرق أرض العرب والمسلمين ثم لا يمسك منهم ضر.
*إيران أرمي قدام، والرهيفة التنقد*
*ولا غالبَ إلّا الله*