مقالات الظهيرة

ياسر الفادني يكتب …. صندوق دعم الطلاب بولاية الجزيرة يشتبك مع الخراب وينتصر ! 

لم يكن هناك وقت للبكاء على الأطلال، بعد أن تم دحر التمرد في ولاية الجزيرة، لم تُترك المجمعات الطلابية للمجهول، تحرك صندوق دعم الطلاب بقيادة الأستاذ ميرغني علي عبد الرحمن البطحاني كمن يدخل أرضاً محررة ليقيم فيها خط الدفاع الأول عن المستقبل، لا رفاهية في الانتظار، الأرض التي داستها المليشيا، ونهبت فيها الحجر والبشر، كان يجب أن تُطهّر… لا بالتصريحات، بل بالفعل الصارم

 

عشرة مجمعات جامعية عادت إلى الحياة، كل المحليات شملها التأهيل عدا المناقل ،الحصاحيصا نالت النصيب الأكبر، الصندوق لم ينتظر تجهيزات “مثالية”، بل أعاد الكهرباء إلى المجمعات عبر كابلات جديدة، ونفذ حملة تعقيم واسعة إمتدت لشهرين، بدعم تمويلي تقني من المركز ، كل ذلك لم يكن بديلاً عن شيء، بل إسترداد حقيقي لمواقع ضربها التمرد مباشرة في عمقها الخدمي والتعليمي

 

٣٥ ألف طالب وطالبة سيعودون إلى هذه المجمعات، ليس بقرارٍ فوقي، بل بروح وطنية نادرة، حيث قَبِل الطلاب بالواقع المتاح، ووقفوا مع مؤسساتهم لا ضدها، لأنهم ببساطة يعرفون أن البديل هو الفراغ والدمار، إنهم لم يساوموا، بل تصرفوا كحراس لمستقبلهم

 

أما المنهوبات، فقد تم استرداد جزء منها، ليس منّة من أحد، بل إنتزاع بالقانون والعمل الميداني، التأهيل لم يكن دفعة واحدة، بل عبر مراحل محسوبة، لأن إدارة الأزمة لا تتسامح مع التهور، المقاومة الشعبية لم تكن شعاراً هذه المرة، بل شركاء أمنيين حقيقيين في تأمين المجمعات، إلى جانب اللجنة الأمنية في ولاية الجزيرة، التي أدت واجبها بمستوى من المسؤولية يستحق الإظهار الحقيقي لا المجاملة

 

لا ننسى الدعم الغذائي الملموس الذي وصل عبر العون الإنساني بالجزيرة والذي ساهم في إستقرار البيئة السكنية للطلاب، لكن التحديات لم تنته، الدفع المتكدسة ستخلق ضغطاً، وهذا ما يعلمه الجميع، إلا أن المشروع الجديد للسكن بالشراكة بين الصندوق والطلاب والدولة يقدم حلاً واقعيًا؛ الصندوق سيتكفّل بـ50% من تكلفة السكن، والباقي موزع ضمن شراكة لا ترهق أحداً، لكنها تُلزم الجميع وتقدم خدمة مريحة سهلة

 

في لحظة كانت فيها بعض المؤسسات تتعلل بـ”غياب الظروف”، كانت حكومة ولاية الجزيرة تُقدّم العون الحقيقي على الأرض، لا في المنصات، والي الولاية ولجنته ظلوا في موضع الدعم لا التنظير، ووقفوا مع الصندوق دون تباطؤ أو حسابات سياسية

 

ولأن الإنصاف من شيم الأقوياء، فإن الشكر لا بد أن يُوجه للدكتور أحمد حمزة الأمين الماحي، الأمين العام لصندوق دعم الطلاب، الذي لم يكتفِ بالتصريحات من الخرطوم، بل كان ظهيرًا حقيقياً لهذه المعركة الإدارية الصلبة

 

هذه ليست عودة إلى الروتين، بل إعادة تأسيس بعد معركة بقاء وما فعله صندوق دعم الطلاب بالجزيرة هو أن الدولة يمكن أن تنهض من تحت الأنقاض حين يتحرك مسؤولوها كجنود، لا كضيوف شرف، المجمعات الآن تتنفس، لكن عيونها ما زالت مفتوحة على من حاولوا خنقها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى