مقالات الظهيرة

عبد الله حسن محمد سعيد يكتب… السودان في قلب العاصفة : قراءة في الاستهداف الأجنبي ومقاومة التفكيك ..

شدتني انشودة المرحوم الفنان حسن خليفة العطبراوي وكأنها تخاطب وجدان الشعوب العربية والعالمية من غزة والخرطوم تحكي المأساة الانسانية في حرب وجودية تطال الشعب الفلسطيني والشعب السوداني.

في اعتداءات ممنهجة وازمات خانقة وصور تجاوزت كل ما هو إنساني في القتل والسحل والاغتصاب والتهجير وأسباب الضحايا النازحون ملؤوا الطريق ولا من مجيب صمت رهيب يزيد العذاب والمعافاة ولا من مجيب .. صرخة في وادي الصمت ولا مجيب ..

وهناك
أسراب الضحايا النازحون..
ملؤوا الطريق ..
وعيونهم
مجروحة الأغوار
ذابلة البريق..
يتهامسون ..
وسياط سفاح

تسوق خطاهمُ ويغمغمون..
تمشى الملايين
الجائعون مشردون..
والمعتدون
يقهقهون ويضحكون !

يجلجل الصوت الرهيب كأنه الظلم اللعين!
وتظل تصخب في الدجى المشؤوم أفواه
البنادق و الحروب..
ما تصنعون؟
جثث و أشلاء ممزقة
في كل حين
هل ينظرون ؟
والحرب ملتهب
يؤج حياله نهد وجيد
هل يسمعون ؟
صخب الرعود ؟
صخب الملايين يشق أسماع الوجود ؟
لا يسمعون !!
في اللاشعور حياتهم فكأنهم صم الصخور

وغدا نعود ..
حتماً نعود
للقرية الغناء
للكوخ الموشح بالورود
ونسير فوق جماجم الاسياد مرفوعي البنود
وتزغرد الجارات
والأطفال ترقص
والصغار
والنخل والصفصاف والسيال زاهية الثمار
وسنابل القمح المنور
في الحقول
وفي الديار
لا لن نظل مشردون
حتما نعود ..
وتعود أنغام الصباح

دعوني افتتح لقاء اليوم في إطار الوقوف مع الشعب السوداني في محنته والتي اقدمها تحت عنوان :
السودان في قلب العاصفة : قراءة في الاستهداف الأجنبي ومقاومة التفكيك …

ايضا ببعض ابيات تغني بها العطبراوي …
أيها الناس نحن من نفر عمروا الأرض حيثما قطنوا
يذكر المجد حيثما ذكروا وهو يعتز حين يقترن
حكموا العدل في الورى زمنا يا ترى هل يعود ذا الزمن
ردد الدهر حسن سيرتهم ما بها حطة ولا درن
وكثيرون في صدورهم تتنزى الأحقاد والإحن
دوحة العرب أصلها كرم وإلى العرب تنسب الفطن
أيقظ الدهر بينهم فتنا ولكم أفنت الورى الفتن
يا بلادا حوت مآثرنا كالفراديس فيضها منن
قد جرى النيل في أباطحها يكفل العيش وهي تحتضن
رقصت تلكم الرياض له وتثنت غصونها اللدن
وتغنى هزارها طربا كعشوق حدا به الطرب
حفل الشيب والشباب معا وبتقديس القمين عنوا
هن بالروح للسودان فدا فلتدم أنت أيها الوطن
فلتدم انت ايها الوطن …

الي المتكئين علي الوهم والوعد الكذوب ..
الي عملاء قحط المتنطعين علي موائد اللئام في الفنادق من باعوا اوطانهم واعراضهم …
الي دويلة الشر اسرائيل وحلفاؤها الحالمون بارض المعاد في السودان ..
نقول لهم جميعا :

في زحمة الصراعات العالمية وتبدّل خرائط النفوذ ، يظل السودان حاضرًا في قلب الاستهداف الاجنبي ، لا لضعفه ، بل لموضعه القوي في معادلة الجغرافيا والتاريخ والمستقبل . ما يجري على أرضه ليس مجرد نزاع داخلي ، بل فصل جديد من فصول معركة طويلة ، تسعى فيها قوى خارجية لإفراغ هذا الوطن من مضمونه ، وتفكيك وحدته ، وتحويله إلى ساحة للارتزاق والصراعات بالوكالة .
هذه الحرب ، التي تتخفى خلف شعارات سياسية وخلافات عسكرية ، هي في جوهرها معركة وجود ، وسعي محموم لوأد الهوية ، وسرقة الموارد ، وتشويه التاريخ الوطني .

نكتب اليوم ، لا من باب الرثاء ، ولا الاتكاء على ذاكرة الجراح ، بل لنرفع الصوت عاليًا :

السودان ليس للبيع ، وتاريخه لا يُختصر في نشرة أخبار ، وكرامته لا تُقايض ببندقية ولا بعقد مرتزقة .
نكتب لتبصير الغافلين ، ولشحذ همم الواقفين في الصف وعلي السياج ، ولتذكير من ظن أن الشعب السوداني سيسقط من الذاكرة أو من الجغرافيا . فنحن باقون مادامت الارض باقية اقراءوا التاريخ لتعلموا من نحن .. ولتعلموا أن الارض لنا والله ناصرنا …
ورغم ان بلادنا السودان يمر اليوم بأخطر مراحله منذ الاستقلال ، حيث تدور حرب عبثية وجودية بأدوات دولية وإقليمية ، تستهدف الإنسان ، الأرض ، القيم ، والمستقبل .

لم تعد المعركة عسكرية فحسب ، بل هي معركة وجود ومصير ، تتداخل فيها أطماع الموارد ، والجغرافيا ، والديمغرافيا ، ضمن خطة جهنمية لجعل السودان أرضًا بلا سكان . لكن شعبنا ، بوعيه وتاريخه وصموده ، لن يكون لقمة سائغة ، بل سيكون سدًا منيعًا ، ومشروعًا مضادًا للتقسيم والتبعية …

تمددت حرب الاستحواز علي السودان ارضا وعرضا وتغيرت ادواتها بعد فشل الانقلاب علي السلطة لتأخذ لونا آخر له أبعاد استراتيجية لا إنسانية من قتل المدنيين والاطفال والنساء وكبار السن وتصفية الشباب بدعاوي أنهم فلول يجب ابادتهم . وتُوثق تقارير عديدة وقوع انتهاكات مروعة ضد النساء من اغتصاب وتعذيب وتهجير ، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية والإنسانية . تظهر صورة مهينة لم تراعي حرمة دينية ولا مبادئ وقيم إنسانية ، وتحطيم للبنية التحتية المدنية من مستشفيات ودور العلم في المدارس والجامعات وحتي مراكز البحوث والمتاحف وثائق الأراضي وسجلات الهوية وغيرها .

وطالت حتي دور العبادة لم تسلم من عبثهم وقد رُصدت انتهاكات طالت دور العبادة ، مما شكل صدمة للمجتمع السوداني المسلم المحافظ (ان المساجد لله ) وتهجير الأبرياء من قراهم ومدنهم وبيوتهم التي أصبحت خرابا خالية من المتاع ومن الحياة هجروا عنوة بالتهديد والقتل والتعذيب ..

لن تتوقف المصائب ومخططات دول محور الشر ولن تتوقف المؤامرات ضد السودان بداية وكسر شوكته ووحدته وتمددها للدول العربية تقسيما وتغييرا للهوية وحربا ضد العقيدة الاسلامية (ولن ترضي عنك اليهود والنصاري حتي تتبع ملتهم ) ،.

المؤامرات لم تتوقف منذ محاولات الروم والفرس في بدء التاريخ اجتياحا للارض ولن تتوقف حتي تنفيذ خطة جعل السودان ارضا محروقة واستهداف السودان لما فيه من خير عميم باسط ذراعيه في أرض السودان الزاخرة بالخيرات التي تتناقص في كل المعمورة الماء العذب والارض الصالحة للزراعة والمعادن المتنوعة في باطن الارض وظاهرها ، وسيزداد الكيد شراسة ولؤماً لموقع السودان ارضا ولما يمتاز به السودانيون قبولا وتسامحا وكرما ولدورهم المعلوم الرابط بين الوسط العالمي أفريقيا وعربيا وآسيويا ..

لكن السودان لن يبالي لأن نحو مليون من مواطنيه قد امتشقوا السلاح ايمانا بوطنهم وحدته وسلامته وأقسموا ألا يسقط من صفوفهم فرد واحد إلا بعد أن يسقطوا العشرات من الغاصبين وشعارهم : (احرص علي الموت توهب لك الحياة ) وستتوالي الملايين تملأ الآفاق تحمل السلاح وان دعي الأمر ستحارب معنا المقابر شحذا للهمم واستلهاما للبطولات . ورغم الصمت العربي والتآمر الافريقي سيمضي السودان برجاله وعون الله الي هزيمة التآمر العالمي والمخطط الغربي .

والمخطط الأجنبي لجعل السودان ارضا محروقة خالية من السكان في الاعوام ما بين العام ٢٠٤٠ والعام ٢٠٥٠ للاستحواز علي ارضه وموارده هي خطة تطال دول الشرق الأوسط والدول العربية كلها بلا استثناء والسودان هو العقبة الكؤود التي يجب تقسيمه اولا وهزيمة جيشه واستبداله بمسخ مشوه من الشتات الافريقي ومجرمي ومرتادي السجون في الدول الافريقية والعالمية والعملاء والمرتزقة في حرب عالمية رصدت لها مليارات الدولارات إضافة لآلة حربية متنوعة ومتطورة لم يشهد العالم مثلها تعهدت بها بعض القوى الإقليمية والدولية المتحالفة مع الاحتلال الإسرائيلي.

ومشروعات دولية تستغل شعارات دينية جديدة لتكريس الهيمنة السياسية والاقتصادية وحشد لها مرتزقة من كل العالم وخاصة ما يحيط بنا من دول افريقية انحازت للمتآمرين الذين يحلمون بارض الميعاد في السودان ..

وايضا حشد من دول خارج منظومة الجوار من الدول التي اغراها رنين الذهب والدولار فباعت قيمها وانسانيتها ، وصمت عربي مريب يحتار العقل أن يجد له مبرر وتفسيرا وغفلة اجتاحت كل الدول العربية التي لم تحرك ساكنا عما يدور في غزة وما يدور في السودان والصمت عن التآمر علي الإسلام عقيدة وقيما واخلاقا وخرابا ينتشر في كل مكان.

وارتكاب فظائع يندي لها الجبين ولم تظهر بعضا من الدول العربية حتي موقف تحسب به من تلك الموجة العارمة التي اعلنتها قونزاليزا رايس ونشرت خطواتها التنفيذية عبر الفوضي الخلاقة و تبين خريطة تقسيم الشرق الاوسط والدول العربية التي جاءت في مخطط سايكس بيكو …

 

فما هو معلوم أن استهداف السودان هو استهداف لكل الدول العربية شاء من شاء ووعي الدرس وغفل عنه من استهوته الدنانير من الذهب والفضة وانسته حتي عقيدته ودينه الذي ارتضاه وما وعي قول الله تعالي (لن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم )و قوله تعالي (اعدوا لهم ما استطعتم من قوة … ) ..

ونقولها بالصوت العالي أن السودان لن يؤكل من احشائه كما هو مخطط بعد أن ذهبت بعضا من اطرافه تآمرا علي وحدته وحتي يكون رأس الرمح الذي به يقسم السودان بعد التخطيط وبذرة الشقاق والتآمر لفصل دارفور وغيرها من الأقاليم بفعل هذا التآمر القذر .

لقد وعي الشعب السوداني الدرس بعد تآمر عملاء قحت وغفلة حكومته السابقة وعظم التضحيات التي قدمها ولن يلدغ من جحر مرتين … فانحاز الشعب للقوات المسلحة والاجهزة الامنية ووعت الحركات المسلحة أبعاد التآمر وأصبحت جزءا من قوة الجيش الضاربة ..إن السودان بكل أقاليمه ، من دارفور إلى الشرق إلى الشمال والجنوب والوسط ، وحدة لا تتجزأ ، ولن تفلح محاولات تفتيته والتقسيم فكل اجزائه لنا وطن نباهي به ونفتخر ..

( أنا سوداني أنا…أنا سوداني أنا
كل أرجائه لنا وطن إذ نباهي به ونفتتن
نتغنى بحسنه أبدا دونه لا يرومنا حسن
حيث كنا حدت بنا فكر ملؤها الشوق كلنا فدا ..)
ومن هنا فاننا ندعو كل الشعوب الحرة ، وكل الضمائر الحيّة ، للوقوف مع السودان ، لأجل الإنسانية أولًا ، ولأجل العدالة والسيادة والكرامة .
واخر قولي ما جاء علي لسان الشريف زين العابدين الهندي في كتابه آخر الكلم ( لم يبق الا كلمة سواء بيننا غير الجهاد المسلح شرعة المتعاقدين علي وطن الدين والدنيا وكرامة الوجود والحياة .
يا اهلنا بطل الجدل العقيم واستنفذ النطق كل مقول وذابت الدروب في الذهاب والإياب وملت الاسماع رجع الصدي اليائس المضمحل ..وعميت عيون الانتظار والترقب من تعاقب الصور الباهتة الشحوب وجفت ينابيع الأمل من استنزاف الوعود الكاذبة ، واستوت في قمة الاعناق رائعة البيان (كتب عليكم القتال وهو كره لكم ) انه القتال المشروع عن النفس والمبادئ والوطن والمواطنين . ولن يضل السائل الملحاح عن فصل الخطاب ولا الجواب ..
ربنا افتح بيننا وبين قومنا وانت خير الفاتحين ربنا عليك توكلنا واليك انبنا واليك المصير ..وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..)
وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب سينقلبون والله اكبر والنصر للقوات المسلحة وللمشتركة وللمستنفرين والاجهزة الامنية ولدرع السودان والمقاومة الشعبية ..
لك الله يا وطني …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى