مقالات الظهيرة

صبري محمد علي العيكورة يكتب… (بعيداً عن السياسة)… علاقة الشريف يوسف الهندي بالعيكورة كيف بدأت؟

سبق أن كتبتُ ضمن كتابي (شجرة ود العوض) أظنها ثلاث حلقات عن علاقة الشريف يوسف الهندي بالعيكورة ومناسبة زواجه من بخيته بت الحاج عباس وإنجابه منها إبنها الوحيد الشريف الصديق يوسف الهندي

 

ولعله من المناسب التذكير ببعضاً منها خلال هذه الأيام الطيبه لنبتعد بها قليلاً عن الاحداث السياسية .

 

أغلب الروايات التي حصلت عليها وبعضاً مِن مَن عاصروا كبارنا الذين إن لم يكونوا عايشوها فقد إستقوها من آبائهم

 

كان للشريف محمد الأمين والد الشريف يوسف الهندي خلاوى لتحفيظ القرآن الكريم وعلوم الدين بقرية نوارة ضواحى الشريف يعقوب ولعل موقعها قد أصبح ضمن أراضي مشروع الرهد الزراعي حالياً

 

وكان هناك نفرٌ من شباب العيكورة دفع بهم أهليهم لحفظ القرآن هناك والهجرة الى (نوارة)

 

وهم أحمد شاع الدين (أب شنب) والد عابدين وإخوانه ومحمد الحاج عبد الرحمن والد النمر و أستاذ عوض الكريم واخوانهما ومحمد واحمد سنيطة (جد السنيطاب) وأحمد ود بابكر جد الصواردة

 

فالشريف محمد الأمين كان قد أوصى إبنه الشريف يوسف بتفقد طلبة العلم بعد رجوعهم الى مناطقهم وتشجيعهم علي نشر العلم وفتح المزيد من الخلاوى

 

فمن هُنا جاءت زيارة الشريف يوسف الهندي للعيكورة في العام ١٩١٢م و(الهندي) نسبة لمُرضعته يقال أنها كانت هندية قدمت من مكة المكرمة ولم أجد تفصيلاً لهذه الرواية

 

 

تقول أوثق الروايات أن الصواردة والجعليين قد إختلفوا في من ….

منهما أحق بضيافة الشريف يوسف فحل هذا الخلاف بحكمته بأطلق العنان لناقته مُقترحاً عليهم أن يتركوها تسرح وفي أي أرض (بركت) الناقة فأهل الأرض هم من سيكرم الشريف

وقد كان ذلك

 

 

فبركت الناقة عند شجرات بأرضٍ للحاج عباس شمال غرب موقع الجزارات الحالي وأغلب ظني أنها تقع شمال منزل الأستاذ حنين

 

لم أجد ما يسرد كيف كان إكرام الشريف ولا كم يوماً جلس بالعيكورة ولكنه خطب خلالها بنت صاحب الأرض (بخيته) والدة الشريف الصديق

 

ولعل ذلك يعود لما قدّره الشريف يوسف لربما لكرم وشهامة الحاج عباس أو غيرها من الصفات التي أُعجب بها الشريف يوسف

 

أيضاً لم أجد ما يوثق تاريخ الزفاف ولكنه إكتمل في ذات العام بإعتبار أن الشريف الصديق قد وُلد في العام ١٩١٤م وتوفت والدته بعيد الولادة فأتم رضاعته من والدة الشريف عمر ببري و عاش طفولته في كنفها هُناك

 

الروايات لم تتطرق لوصف مناسبة الزواج ولكنه قطعاً كان زواجاً غير عادياً لرجل دين وسياسة في مقام الشريف يوسف الهندي ولكن ذكرت أنه تم زفاف العروسة لبري عبر القطار وكانت الإحتفائية (بسيرة) ضخمة من العيكورة وحتي محطة القطار بقرية (الفُقراء) غربي العيكورة وكانت تقوم بخدمتها إحدي حوارري الشريف يوسف تُدعى (الصّبُر) وهي ليست (الصّبُر) والدة جاوين سواق الشريف التي عاصرناها

 

بعد أن إشتد عُود الوليد اليتيم أماً ببُري ذهب بعضاً من خؤولته وهم حسن وابراهيم ومحمد احمد (شين) وأحمد والخليفة و إبراهيم للشريف يوسف يستأذنونه في أن يأخذوا إبن أختهم (الشريف الصديق) ليربى بينهم

 

حقيقة لم أجد من الروايات ما ذكرت هل ذهبوا كلهم أم إختاروا وفداً مُصغراً يُمثلهم

 

أيضاً لم أجد ما يؤكد كم كان عُمر الشريف الصديق في ذلك الوقت ولكن قطعاً كان دون سن المدرسة بدليل أن الشريف يوسف وافقهم على ذهابه معهم شرط أن يُحفظ القرآن وعلوم الدين

وهناك رواية ذكرت أن عُمره كان (١٢) عاماً

 

درس الشريف بخلوة الفكي أحمد ود حمدون بقرية الدوينيب (التحتاني) ولعله هو جد أو والد القارئ صديق أحمد حمدون

 

يُقال أن الشريف الصديق نبغ في وقت باكر في الحفظ وإهتم بعلوم الشرع وتعليم الناس وأصبح مرجعاً لأهل القرية والقرى المجاررة في الفتوى

 

فكلفة والده الشريف يوسف أن يكون (وصيّاً على الدين)

 

حقيقة وقفت أمام هذه الجملة طويلاً فلم أجد لها تفسيراً غير أنها تعني أن يكون مرجعاً و منارة لنشر الدين والعلم بالقرية

 

وهذا معقول في ذلك الوقت وسط ظلام وجهل دامس بأمور الدين بداية القرن التاسع عشر لربما ١٩٢٢ أو ١٩٢٦ .

 

بنى الشريف الصديق أول مسجد بالقرية على أرض إشتراها من حر ماله هي ذات الأرض التي عليها المسجد الكبير الحالي التي تقع غرب منزل قسم الباري ود العوض

 

تهدّم المسجد خلال فيضان ١٩٤٦م وأعاد بناءه الشريف على أحدث طراز في ذلك الوقت ذو الأقواس والسقف العالي وقد إستجلب له أمهر بنائئ ود مدني حينذاك وهو (الأسطى) سعدابي

 

هذ المسجد شهدناه في طفولتنا الباكرة وأذكر أنه كان يُؤذن فيه إبراهيم ود حمدون (الدريويش) والد الطيب والأمين رحمهما الله جميعاً

وقيل لي أن من كان يؤم الناس هو الفكي أبوعلامة ود منصور (جد البلولاب)

 

قبل أن يتم هدمه لغرض التوسعة بإتساع القرية وبناء مسجد أحدث منه الموجود حالياً مجاوراً للمسجد الكبير الحديث الحالي

 

و سُبحان الله ويا لبركة المال الحلال فكل هذه المساجد تجمّعت داخل ذات الارض التي إشتراها الشريف الصديق الهندي من حر ماله كما ذكرنا .

 

بين هذه الأحداث كانت هُناك محطات مهمة في حياة الشريف الصديق عاصرنا بعضها و روي لنا بعضها

 

فمتى إنتقل لبري لخلافة السجادة الهندية كانت محطة أحزنت القرية طويلاً

 

وكيف كانت تتم الإحتفالات بليالي المولد

 

وكيف كانت تُقام الحوليات بديوان الشريف

 

وماهي الإبداعات التي كان يضيفها الخياط (جمعة) كبشور من أعلام وزخارف

 

و من هو (الكاب) الرجل المؤتزر يلف وسطه بعمامة يعدُ الشاي ويوزعه أيام الحوليات

 

ومن هو (آدم) الذي لزم باب الشريف ببري لأكثر من أربعين عاماً

 

و ماهو حظ (جاوين ود الصبر) سواق التاكسي (أبو أربعة) ماهو حظة من التقدير والإحترام الذي حظي بهما من أهل القرية

 

زيارات الشريف الصديق المتواترة للعيكورة بعد أن غادرها لبري مشاركاً الناس في مناسباتها قبل أن يقعده تقدم العمر

 

إبنه الشريف الأمين مهندس الري ومدير الهندسة الزراعية بمشروع الجزيرة زياراته للحلة ومهد الطفولة والصبا كانت محطة مليئة بالود والبر لوالده

 

جدنا عبد الله ود الطيب وهو يغني قصيدته المُلحّنة في مناسبة (حنة) زواج الشريف الأمين

*يا بدر السماء الضويت*

*أب إيداً رخِّية*

*الما قال أنا سوّيت*

*إنتا للشكُر حقيت*

رحم الله من مضي ومتع بالصحة من بقي من أهلنا بالعيكورة

 

وكل عام وانتم بخير

*وعذراً إن سقط مني بعض كلام أو جاء غير مُرتباً فالكتابة من الذاكرة لن تخلو من النقص*

 

ثاني أيام عيد الفطر المبارك

الأثنين ٣١/مارس/٢٠٢٥م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى