بكم تبيع وطنك..؟
الظهيرة – حسن الدنقلاوي:
سؤال لابد أن تجاوب عليه. بكم تبيع وطنك؟ بمليون، بمليار، بأكثر من ذلك أو أقل، فإذا تم البيع.. أين تذهب؟
المشتري لا يريدك في ملكه، أي ثوب تلبسه، وأي لغة أو لهجة تنطق بها، وأي وسادة تضع رأسك عليها، وهل عينك تذوق طعم النوم، وهل بالك وفكرك مستريح!
نعم لقد رفعت رصيد البنك الذي أودعت فيه مبلغ بيع وطنك، وسيطلق عليك البنك مسمى «العميل المميز»، لكن وطنك سيسميك «العميل المميز بالخيانة».
الوطن لا يقدر بمال، الوطن ترخص له الأرواح، فإذا كان (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) فالوطن أغلى وأثمن من الدنيا وزينتها، الوطن.. قيمة الوطن لا تحصيها كل الأرقام، ومشاعر لا تصفها الحروف، نعم الوطن أغلى من الروح وأغلى من الدنيا بما فيها.
ولكن السؤال: هل هناك من يبيع وطنه؟ الجواب: نعم الذين اختاروا حفنة دنانير، فقال لهم المشتري أخرجوا من ملكي ولا تعودوا إليه إلا بتابوت، أو ربما حتى الوطن لا يقبل رفاتهم.
لأن رفات أسرانا الذين ضحوا بأرواحهم لأجل الوطن أولى بتراب وطنهم، ويتشرف الوطن باحتضانهم، أما «العملاء» كما تسميهم البنوك، ويسميهم الوطن «عملاء الخيانة» فهم من أدخل وطني الطاهر في غسيل أموال قذرة.
«عملاء الخيانة» من اختلسوا أموال شعب ووطن، عملاء الخيانة الذين استغلوا مناصبهم التي شرفهم الوطن بها، عملاء الخيانة الذين تآمروا مع الغريب الوافد لنهب رزق الله الذي خصّه لأهل الوطن الذين ذاق أجدادهم مُرَّ الحياة وقسوتها، فعوضهم ربهم برزق منه، «العملاء الخونة» الذين لا يخشون الله في السر والعلن، ولا يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار، أين تذهبون؟!
لقد خسرتم الدنيا والآخرة، ولطختم سمعتكم وسمعة أبنائكم وعوائلكم بالعار، ويا له من عار «خيانة وطن» خيانة عظمى، لن تطهركم أموال الدنيا، ولكم في الآخرة عذاب عظيم، ماذا ستفعلون بالأموال الحرام مهما كثرت؟ يقول الحديث الشريف: «يقول العبد: مالي، مالي، وإنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فأقنى، وما سوى ذلك، فهو ذاهب وتاركه للناس» وفي حديث آخر يقول: «من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها».
ويقول الشاعر: إذا اجتمع الإسلام والقوت للفتى وأضحى صحيحا جسمه وهو في أمن فقد ملك الدنيا جميعا وحازها وحق عليه الشكر لله ذي المن.
ونختم بقول الحق سبحانه وتعالى: (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء).صدق الله العظيم