مقالات الظهيرة

ياسر الفادني يكتب…. حين تكلّم شجر العوير !!

في تصريح لم يكن ينقصه سوى توقيع من الخارجية الإماراتية، خرج علينا حمدوك، رئيس الوزراء السابق، ليقول دون أن يرفّ له جفن:

“أرفض إتهام دولة الإمارات بدعم قوات الدعم السريع.”

 

تصريح لا يملك سوى أن يُضحكك بمرارة، بينما الدم ما يزال يغسل تراب ود النورة في ذكراها الأولى ، والبيوت تُقصف ، والذهب يُهرّب، والبلاد تحترق… ثم يأتيك الرجل بربطة عنق مرتبة، ينفض رماد الخراب عن كُمّه، ويقول بلغة الناصح المحايد:

“قد يكون البنزين اشتعل من تلقاء نفسه.”

 

منذ بداية هذه الحرب، لم يكن الدرهم الإماراتي عملة، بل كان رصاصة، وساطورًا، وختمًا على جوازات الدم، موّلوا، دعّموا، وجنّدوا، وفتحوا مطاراتهم ومصارفهم لجريمة متكاملة الأركان، ثم جاء حمدوك ليغسل أيديهم، ويُزيّن لهم صورتهم الملطخة، لا بحسن النية، بل بسوء النية المغلفة بالنعومة التكنوقراطية

 

وحين نبحث عن توصيف دقيق للرجل، لا نجد أوفى من شجر العوير: لا يُثمر، لا يُستظل به، ولا يصلح حطبًا في عزّ الحاجة، هو مجرد هيكل أجوف، وقف في الزمن الخطأ، والموقف الخطأ، وظنّ أن صمته المدفوع مسبقًا قد يصنع مجدًا مؤجلًا

 

ما قاله حمدوك لم يكن رأيًا سياسيًا، بل إعلان تام عن فن العمالة بلغة مهذبة. الرجل يُتقن الانحناء حين يجب أن ينتصب، ويلوذ بالصمت حين يكون الصراخ واجبًا، ويصفّق للكفيل حين يكون الوطن يئن

 

أيها الرجل… لا تُباع الأوطان بالدرهم، ولا تُغسل الخيانات بالتصريحات الناعمة، التاريخ لا يُنصف من لبس قناع الحياد ليُخفي خيانته، أنت لم تبرّئ الإمارات، بل وشّيت بنفسك للناس، على أنك لا تزال تدفع فاتورة تلك اللقاءات الخليجية التي وعدتك بالكثير… وأعطتك فقط سكوتًا مذلًا

 

أما الإمارات، فدويلة الشر هذه، لم تخفِ وجهها القبيح. تموّل القتل، وتُهدي الخراب، وتشتري الرجال كما تشتري الجِمال، وتتركهم يتحدثون باسمها حين تحتاج إلى غسيل وجهها بالحياد الكاذب فماذا يفعل أمثالك غير التوقيع نيابة عنها على وثيقة البراءة؟

 

إني من منصتي انظر … حيث أقول : في لحظة كهذه، حين تُحرق قرى ، وتُغتصب النساء، ويُشرّد الأطفال، ثم يخرج من نبت العوير رجلٌ يُزيّن وجه الجلاد، إعلموا أن الخراب لم يعد يأتي من الخارج فقط… بل صار بيننا، يتكلم بلسان مدني، ويكتب بيد مرهونة، ويبتسم في وجه السفاح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى