عبد الله حسن محمد سعيد يكتب… منهج الشريف حسين الهندي في إدارة الشأن الاقتصادي… قراءة في تجربة وطنية (2-3)
في خضم النقاشات المتجددة حول إصلاح الدولة السودانية وتحديث إدارتها ، تبرز تجربة الشريف حسين الهندي كعلامة فارقة في الإدارة الاقتصادية ذات الطابع الوطني والاجتماعي . فقد جمع الشريف في رؤيته بين النزعة الإصلاحية الجذرية ، والانحياز الصادق للطبقات المهمشة ، والوعي العميق بدور الدولة في بناء اقتصاد عادل ومنتج .
أولًا : الإدارة العمومية في منظور الشريف
كان يرى أن جهاز الدولة يجب أن يُدار بالكفاءة والنزاهة لا بالولاء السياسي ، وأن الإصلاح يبدأ من تطهير مؤسسات الدولة من المحسوبية والبيروقراطية القاتلة . سعى لتأسيس إدارة عمومية تحترم التخصص ، وتُحاسَب على الأداء ، وتُوجّه لخدمة المواطن لا لمراكمة الامتيازات .
ثانيًا : الإصلاح الزراعي كرافعة للعدالة
اعتبر الشريف الزراعة العمود الفقري للاقتصاد ، لكنه أدرك أن مجرد دعم الزراعة لا يكفي ، بل لا بد من إعادة توزيع الموارد الزراعية بعدالة ، وضمان حقوق المزارعين في الأرض والمياه والتمويل . نادى بتفكيك الإقطاع الخفي ، وربط السياسات الزراعية بالعدالة الاجتماعية والتنمية الريفية الشاملة .
ثالثًا : تشغيل الطلاب وربط التعليم بالإنتاج
سبق الشريف الكثيرين في الدعوة لربط التعليم بخدمة المجتمع والإنتاج ، وكان يرى أن الطلاب ليسوا فقط قوة احتجاج ، بل قوة بناء . اقترح برامج تشغيلية موسمية تستوعب الطلاب في مشاريع إنتاجية وزراعية ، تحقق لهم دخلاً ، وتُربّي فيهم الانتماء العملي لقضايا بلادهم .
في الختام
منهج الشريف حسين الهندي يظل مرجعًا مهمًا لأي محاولة جادة لبناء مشروع وطني متكامل . وربما ما ينقص اليوم هو استلهام هذه المبادئ لا عبر الشعارات ، بل في صياغة سياسات معاصرة تؤمن بالناس وتعمل على تمكينهم ، كما كان يؤمن الشريف .
يتبع …..
لك الله يا وطني …