صهيب حامد يكتب… هل سيتقيأ ترمب الرشوة الإماراتية ويرجع كما يفعل الآن أمام إيران.. أم أنه لا يمتلك ترف فرض عقوبات على بلادنا ولا غيرها!!؟ (٣-٥)
حسناً..وكما أسلفنا في الحلقة السابقة فلقد كانت مقاربة الرئيس السابق جو بايدن للتعامل مع التقارب التكنولوجي الإماراتي الصيني هو حظر عمالقة التكنولوجيا الإماراتيين مثل (G42) وأذرعها.
بالطبع وكما سنورد بعد قليل فلقد شاعت بعض التسريبات حيال تمكّن الصين من سرقة تكنولوجيات أمريكية عبر مؤسسات تقنية إماراتية شريكة كانت تستخدم أجهزة (هواوي) .
أي فلقد إستخدمت الصين شركائها التقنيين الإماراتيين كحصان (طروادة) مستفيدة من التحالفات الإماراتية مع المؤسسات التقنية الأمريكية مثل مايكروسوفت و (AMD) و (Texas Instruments) وهو ما يفسر تطور العلاقات الصينية الإماراتية في الحقبة السابقة خارج العلاقات الإقتصادية!!. إذن أتى ترمب.
والذي كانت أولويته إستعادة حلفائه الخليجيين (الإمارات ، السعودية ، قطر) فوضع عليهم ضغوطاً تراوحت ما بين الجذرة حيناً والعصا أحياناً أخرى بهدف إستراتيجي هو خلق قطيعة كاملة بين هذه الدول والصين (العدو الجيوإسترايجي للولايات المتحدة الأمريكية)!!.
لقد حاولت الإمارات العربية المتحدة في حقبة برود علاقتها مع الإدارة الأمريكية في حقبة الرئيس بايدن الإستفادة من الحيوية الإقتصادية الصينية عبر أذرعها والتي تعد (Group 42) أهمها.
أُسست (G42) في ٢٠١٨م بقيادة (طحنون بن زايد) شخصياً وبشراكة سيادية (Mubadala) التي تعد الواجهة الأهم لصندوق أبو ظبي السيادي عبر ذراعيها الأكثر أهمية خزانة (Khazana) و إنجاز (Enjaz).
لقد أَسست (G42) في ٢٠٢٠ صندوقها الإستثماري (lunate) الذي عبره قامت بتأسيس (42X) الواجهة الإقتصادية التي تولت كل الأعمال المتعلقة بالسوق الصيني.
فدخلت أولاً إبان صرعة الكورونا في شراكة مع (BGI) الصينية لإنتاج لقاح (COVID19) ثم بعدها مع (سينوفارما) والتي منحت (G42) الحق الحصري في إنتاج اللقاح بهذا الإسم في أبو ظبي في ٢٠٢٠ كذلك.
لقد توترت علاقات (G42) مع الحكومة الأمريكية في هذا العام بعد محاولة المجموعة الإماراتية القيام ببعض التطعيمات التجريبية (Vaccine test) لصالح لقاح (BGI) بولاية (نيفادا) الأمريكية فتم إتهامها من قبل CIA بضلوعها في إجراء إختبارات واسعة لأخذ عينات (DNA) لصالح رسم الخارطة الجينومية للمجتمع الأمريكي لصالح (BGI) الصينية!!.
بعدها و في ٢٠٢٣م نشرت النيويورك تايمز (New York Times) تحقيقاً يشير إلى أن المخابرات الأمريكية تتهم (G42) بضلوعها في خرق قانون سرقة الملكية الفكرية الأمريكي (Intellectual property technology theft ) لنقل تكنولوجيا فائقة أمريكية لمؤسسات صينية ذات علاقة بالحرب الشيوعي الصيني وذلك عبر إستخدامها معدات بنية تحتية لعملاق التكنولوجيا الصينية (هواوي).
خصوصاً وأنها (أي G42) نكصت عن وعدها للحكومة الأمريكية من قبل في تصفية أعمالها في السوق الصيني ( Divesting all G42 business ) وفق ما صرّح به مديرها التنفيذي (بنج شياو) مما حرم عملاق التكنولوجيا الإماراتي من صفقة بيع أسهم بقيمة ١.٥ مليار دولار لصالح مايكروسوفت.
هكذا ومؤخراً جداًِ تمكّنت الولايات المتحدة من إجبار (G42) على تصفية كل أعمالها في السوق الصيني خصوصاً بعد الحظر الذي أصدره الرئيس جو بايدن لأعمال المجموعة داخل الولايات المتحدة.
إذن وبعيد إستلام الرئيس ترمب مهام منصبه في ٢٠٢٥م قام برفع كافة القيود التي وضعها سلفه على G42 ، وذلك بعد أن تعهدت الإمارات العربية المتحدة ضخ إستثمارات بقيمة ١.٤ ترليون دولار في الإقتصاد الأمريكي (US based investments) كي يوقع الرئيس ترمب بعدها مع (طحنون بن زايد) إتفاقية تضمن للإمارات العربية المتحدة الشراكة في أضخم مشروع أمريكي تكنولوجي (Stargate) الذي تبلغ قيمته الكلية ٥٠٠ مليار دولار منها ١٥٠ مليار دولار لإنشاء الفرع الإماراتي (Stargate UAE).
أي ما يوازي ثلث القيمة الكلية للمشروع الأمريكي والذي يستهدف إقامة أضخم بنية تحتية للذكاء الإصطناعي في العالم ترتاد عبره الولايات المتحدة الحقبة القادمة تكنولوجياً وإقتصادياً وعسكرياً. لقد كلّفت هذه الشراكة الإمارات العربية المتحدة إعطاء ترمب التزاماً غير قابل للنكص بتخفيف إرتباطاتها بالصين عدا توريد النفط!!.
ولكن إلى جانب ذلك ، فثمة تضارب إستراتيجي خطير . فرغم إظهار الإمارات دعمها الكبير لمبادرة الحزام والطريق.
فهي كذلك شريك مؤسس لمشروع الممر الهندي الأوسطي الأروبي (IMEC) الذي وُقّعت إتفاقيته بالعاصمة الهندية دلهي إبان إنعقاد قمة العشرين في ٢٠٢٣م بحضور الولايات المتحدة و مخطط له الإنطلاق من سواحل الهند المطلة على بحر العرب (Arabian sea) مروراً بالإمارات العربية المتحدة وعبر المملكة العربية السعودية إلى إسرائيل ومنها إلى ميناء تريستا بإيطاليا. وبالطبع ليس خافياً إستهداف الممر الهندي ومنافسته لقناة السويس كذلك.
فهو سوف يتجاوز القناة بالمرور عبر الطريق البري (الإمارات ، السعودية ، إسرائيل) وهو ما سوف يخدم الأهداف الإستراتيجية لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل وهو ما سوف نسهب فيه بعد قليل!!.
بالطبع فلقد قويت فرص الممر الهندي من جديد بعد إستهداف الحوثيين لحركة الملاحة البحرية بباب المندب ، ولكن من يد فلن تقوم له قائمة مع إستمرار الحرب الحالية المندلعة بغزّة وهو ما يمنحنا سبباً للتقارب المصري- الإيراني والمصري-الصيني.
وكذلك يمنحنا سبباً إستراتيجياً يمنع مصر من الموافقة على تهجير سكان غزة. أي أن الدولة المصرية سوف تخنق نفسها بحبل أبدى في اليوم الذي توافق فيه على تهجير الفلسطينيين لأي مكان في العالم وليس إلى سيناء فحسب.
كذلك فالصين سوف تنعي مشروعها المصيري (الحزام والطريق) في نفس ذلك اليوم الذي يهجْر فيه الفلسطينيين. كذلك لن يقوم هذا المشروع الإستراتيجي بالنسبة للغرب في حال إستمرارية وجود الفلسطينيين في هذه الرقعة من الأرض التي تسمى بغزْة ، والله لو جاب كتّالك بجيب حجّازك!!. إذن ليس مستغرباً دعم كل من الإتحاد الأروبي والولايات المتحدة الأمريكية لهذا الطريق الذي سيصبح منافساً شرساً للمشروع الصيني (مبادرة الحزام والطريق) ،
فالممر الهندي يستهدف جعل الهند وليس الصين مصنعاً للعالم (The Global powerhouse) وإضعاف الصين هدف استراتيجي لأوروبا والولايات المتحدة بما لا يخفى على أحد. وأخيراً يمكننا حَدْثْ سبب حماسة دولة الآمارات لتهجير الفلسطينيين وإدامتها طرح المقترحات البديلة (صوماليلاند ، بونتلاند ، وأخيراً السودان عبر حميدتي!!) ولله في خلقه شئون!!!.. نواصل.