مقالات الظهيرة

(من أعلي المنصة) ياسر الفادني يكتب… كامل إدريس يفتح الباب الكبير… فهل يدخل الجميع أم يسقط الحوار عند العتبة؟

تصريحات رئيس الوزراء د. كامل إدريس الأخيرة حول (الحوار السوداني سوداني) تضع السودان على مفترق طرق سياسي حساس ، الإعلان عن تهيئة المناخ لحوار شامل لا يستثني أحدًا يبعث برسائل قوية عن رغبة الحكومة في مد جسور التواصل بين كافة القوى السياسية، من أحزاب وتكتلات ومكونات شعبية، تمهيدًا للانتقال إلى انتخابات مباشرة ومراقبة دوليًا،

في جوهر هذه المبادرة تكمن فرصة نادرة لإعادة إنتاج الإجماع الوطني، الذي طالما غاب عن المشهد السياسي السوداني، حيث يقدم الحوار أرضية لحسم السؤال الأكثر إلحاحًا: كيف يُدار السودان؟ إذا نجح هذا الحوار، فإنه قد يكون مدخلاً لإعادة الاستقرار السياسي وخلق توافق حول خارطة الطريق الانتخابية، مع تقوية الثقة بين الحكومة والقوى المختلفة، وفتح آفاق جديدة للعلاقات الإقليمية والدولية من خلال الدبلوماسية الشعبية والرسمية على حد سواء.

ومع ذلك، تظل التحديات كبيرة. فالحديث عن تهيئة المناخ يشير إلى وجود عقبات سياسية ولوجستية وقانونية قائمة، من قيود على المشاركين في الخارج إلى البلاغات القضائية العالقة، وهو ما يتطلب تسويات دقيقة ومتوازنة، إذ أن أي استثناء أو تفضيل قد يقوض مصداقية الحوار، كما أن رفض أي قوات أممية وفرض شروط على المراقبة الدولية يفتح باب النقاش حول قدرة الحكومة على ضمان شفافية العملية دون إشراف خارجي موثوق، وهو عنصر يثير مخاوف بعض الأطراف من احتمالية تأويل الاتفاقات لصالح جهة معينة.

إضافة لذلك، فإن نجاح الحوار يعتمد بدرجة كبيرة على التزام كل الأطراف بالتهدئة والتعاون، وتحمل المسؤولية الوطنية بعيدًا عن الحسابات الحزبية الضيقة أو المكاسب المؤقتة، أي إخفاق في بناء الثقة أو إدارة الخلافات قد يؤدي إلى إفشال المبادرة قبل أن ترى النور، ويعيد البلاد إلى دائرة الأزمة والتوتر السياسي

اني من منصتي أنظر ….حيث أري أن تصريحات د. كامل إدريس لها أبعادًا مزدوجة؛ فهي تفتح باب الأمل لمصالحة وطنية شاملة وفرصة لإرساء قواعد حكم أكثر توافقًا، لكنها في الوقت ذاته تضع الحكومة أمام اختبار صعب: تحويل الخطابات السياسية إلى واقع ملموس على الأرض.

وسط معادلات داخلية وإقليمية دقيقة ، إن نجاح أو فشل هذه المبادرة لن يكون مجرد رقم على جدول الأعمال، بل مؤشرًا واضحًا على قدرة السودان على إعادة إنتاج استقراره السياسي بعد سنوات من الاضطراب والصراعات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى