مقالات الظهيرة

(من أعلي المنصة) ياسر الفادني يكتب….  من التأسيس إلي التفليس حكاية مجلس بلا خزينة !!

في مشهدٍ لا يبعث إلا على السخرية والشفقة معًا، تبدو حكومة التأسيس التي بشّرت الناس ببداية جديدة وكأنها تكرّر أبشع أخطاء الأنظمة التي زعمت أنها جاءت لتصحيحها، تصريحات محمد حسن التعايشي ضد القروني.

وإتهامه بعدم الإهتمام بأوضاع المدنيين في صفوف المليشيا، ليست سوى دليلٍ جديد على أن هذا الكيان السياسي الهش يعيش صراعًا داخليًا أعمق من أن يُخفى خلف الشعارات البراقة، فما يُسمّى بـالمجلس الرئاسي لم يعد يختلف عن مجلسٍ غارق في تضارب المصالح، تتنازع أطرافه على النفوذ لا على المسؤولية

 

حين يشكو رئيس الحكومة المزعومة نفسه من ضيقٍ مالي ومن عدم إستلام مخصصات مكتبه لثلاثة أشهر، ويشتكي أعضاء مجلسه من تأخر المستحقات، بينما تُوزَّع الجبايات بين الجنود بلا رقابة، فإن السؤال لم يعد عن سوء الإدارة فحسب، بل عن شرعية وجود حكومة كهذه أصلًا، كيف يمكن لحكومة تزعم تأسيس دولة أن تعجز عن تنظيم مواردها أو ضبط مليشياتها؟ كيف يمكن لمن يتحدث عن مشروع وطني أن يكون عاجزًا عن إدارة مكتبه؟

 

هذه الحكومة التي ترفع شعار التغيير تمارس فوضى مالية وإدارية تشي بانعدام أي رؤية أو مؤسسية، التعايشي الذي ينتقد القوني اليوم، كان هو نفسه جزءًا من منظومةٍ سمحت بتفكك الانضباط وبسطوة المصالح الشخصية، إن تبادل الاتهامات بينهم لا يعكس حرصًا على الإصلاح، بل هو محاولة يائسة لتبرئة الذات وإلقاء المسؤولية على الآخرين، وبدل أن تكون الاجتماعات ساحة للتخطيط والبناء، تحولت إلى حلقات من التذمر واللوم، كأنّ كل طرف ينتظر سقوط الآخر ليثبت أنه كان على صواب

 

وما يزيد المشهد بؤسًا أن الصراع لم يعد سياسيًا أو فكريًا، بل ماليًّا بحتًا، تُقاس فيه المواقف بقدر ما يُصرف من الجبايات وما يُحجب من الامتيازات، إنها حكومة بلا مشروع ولا مرجعية، تحاول البقاء بالضجيج الإعلامي بدل الفعل الملموس

 

لقد انكشفت حقيقة ما يُسمى بحكومة التأسيس: قيادة متناحرة، مجلس مرتبك، ومليشيا منفلتة لا تخضع إلا لمنطق القوة والمصلحة ، وبينما يغرق المدنيون في أزماتهم اليومية، يتقاذف القادة المسؤولية في مشهدٍ يليق( بالتلاوم)… لا إصلاح تحقق، ولا دولة تأسست، بل تآكل داخلي يُنبئ بانهيار مشروعٍ لم يبدأ بعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى