المنوعات

السودان: يوم حقل في مشروع الجزيرة يسلّط الضوء على مخاطر “الأفلاتوكسين” ويعيد الثقة بين المزارعين والباحثين

ودمدني – الظهيرة :

شهدت منطقة طيبة شرق – قسم المسلمية، بمشروع الجزيرة، إقامة يوم حقل ميداني نظمه المعهد الدولي للزراعة المدارية (IITA) بالتعاون مع هيئة البحوث الزراعية وجامعة الخرطوم وشركة ساميل الخاصة، ضمن فعاليات مشروع مكافحة تلوث المحاصيل بالأفلاتوكسين، الذي يهدف إلى رفع الوعي بالممارسات السليمة للحد من هذا الخطر الذي يهدد صحة الإنسان والاقتصاد الوطني.

 

وتحدثت الدكتورة عرفة محمود رضوان، وزيرة الإنتاج والموارد الاقتصادية بولاية الجزيرة، مؤكدةً أن قضية الأفلاتوكسين تمسّ صحة الإنسان واقتصاد الوطن معًا، مبينة أن وزارتها تعمل مع هيئة البحوث وجامعة الجزيرة ووزارة الصحة لبلورة خطة وطنية مشتركة للتوعية المجتمعية بمخاطر السموم الفطرية، مشددة على أن “عودة الجزيرة لموقعها الريادي في الإنتاج والتصدير لن تتحقق إلا بتكامل الجهود بين المزارع والباحث والمرشد”.

 

وشدّد البروفيسور أحمد حسن أبو عصار، المدير العام المكلف لهيئة البحوث الزراعية في السودان، على أن الهيئة تعتبر الأمن الغذائي ركيزة للأمن الوطني، موضحًا أن الهيئة رغم ظروف الحرب استطاعت خلال العام الجاري إجازة 82 تقنية جديدة، بينها 41 تقنية لمكافحة الآفات و22 صنفاً من المحاصيل عالية الإنتاجية.

وأضاف أن 70 بالمائة من مرافق الهيئة بمدينة ود مدني عادت للعمل بعد أن تعرضت للنهب جزئيًا، مبينًا أن البحوث الزراعية تمضي في برامج نقل التقانة والشراكات مع القطاع الخاص لتطبيق نتائج الأبحاث في الحقول.

 

من جانبه، قال البروفيسور محمد خير حسن، مدير محطة أبحاث الجزيرة – هيئة البحوث الزراعية، إن المشروع أجرى خلال السنوات الماضية تجارب حقلية ناجحة في زراعة الفول السوداني ضمن حقول إيضاحية بمكتب طيبة، استخدمت فيها أصناف محسنة وكثافات نباتية دقيقة بواقع 5 إلى 6 سنتيمترات بين النباتات، مما أدى إلى رفع الإنتاجية بنسبة تفوق 40 في المئة. وأشار إلى أن قبول المزارعين لهذه التجارب واستمرارهم فيها يعكس العطش الكبير للمعرفة الزراعية.

 

وأكد الدكتور عبدالله محمد عبدالله، المنسق الوطني لمشروع الأفلاتوكسين والمنسق القومي لبحوث الأمراض – هيئة البحوث الزراعية، أن المشروع يمثّل شراكة فاعلة بين القطاع العام والخاص بتمويل من الوكالة الفرنسية للتنمية، مشيرًا إلى أن الأفلاتوكسين ليس مرضًا بل سمّ فطري خطير ينتج من فطر Aspergillus يهاجم الحبوب المخزنة خاصة الفول السوداني والذرة، ويسبب سرطان الكبد والتشوهات الجينية وضعف المناعة.

وأشار إلى أن السودان تكبّد خلال السنوات الأخيرة خسائر مالية كبيرة بسبب رفض عدد من شحنات الصادر الزراعي نتيجة تجاوز نسب التلوث المسموح بها عالميًا (20 ميكروغرام/كغم).

 

أما الدكتورة سحر صلاح بحيري، مديرة إدارة الحجر الزراعي بولاية الجزيرة، فأكدت أن مكافحة الأفلاتوكسين تمثل أولوية قصوى للحفاظ على سمعة الصادرات السودانية، وقالت إن بعض الدول أعادت شحنات من زيوت الفول السوداني خلال العام الماضي بسبب التلوث، مشيرة إلى أن الحجر الزراعي يولي اهتماماً خاصاً بالمحاصيل الزيتية من مرحلة الزراعة وحتى التصدير.

 

وأوضح المهندس إبراهيم موسى محمد، مدير قسم المسلمية بمشروع الجزيرة، أن النشاط يأتي في ظروف استثنائية تمر بها البلاد، مؤكدًا أن رفع الإنتاج والإنتاجية لا يمكن أن يتحقق إلا عبر التقنيات العلمية الحديثة، داعيًا إلى تكثيف برامج الإرشاد الحقلي لتقليل فاقد الحصاد الذي يصل في بعض المحاصيل إلى نحو 30 بالمائة.

 

كما عبّر عدد من المزارعين المشاركين – من أبرزهم يوسف حسن عبدالوهاب والصادق محمد الحسن وسامي الجاك محمد أحمد سعد – عن تقديرهم للدور الذي تلعبه هيئة البحوث الزراعية في تأهيل المزارعين وتوفير التدريب والدعم الفني، مشيرين إلى أن الموسم الزراعي الأخير واجه تأخراً في الأمطار وصعوبات في التحضير والتمويل، لكن الإرادة الجماعية للمزارعين والبحثيين مكّنتهم من تأسيس موسم إنتاجي واعد.

 

يُذكر أن مشروع مكافحة الأفلاتوكسين في السودان انطلق في العام 2021م وتموّله الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، بالشراكة بين المعهد الدولي للزراعة المدارية (IITA)، هيئة البحوث الزراعية، جامعة الخرطوم، وشركة ساميل، ويهدف إلى تقليل نسب التلوث في المحاصيل الإستراتيجية ورفع جودة الصادر وتحقيق سلامة الغذاء للمستهلكين.

 

الجزيرة تعود بسواعد علمائها ومزارعيها لتثبت أن الزراعة بالعلم هي خط الدفاع الأول عن اقتصاد السودان وسلامة غذائه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى