مقالات الظهيرة

  إبراهيم شقلاوي يكتب في (وجه الحقيقة)…. التحول الرقمي : مدخل للإصلاح التنموي و السياسي

أعلن رئيس الوزراء د. كامل إدريس بالأمس عن تأسيس ثلاث هيئات وطنية تحت إشراف وزارة التحول الرقمي والاتصالات، تشمل هيئة التحول الرقمي، وهيئة البيانات والذكاء الاصطناعي، وهيئة الأمن السيبراني. ماذا يعني ذلك؟

هذه الخطوة المهمة تعني ان حكومة “الأمل” بدأت تعمل في إعادة بناء الدولة ووضع السودان على طريق المؤسسات الحديثة، مستندة إلى المعرفة، الكفاءة، والتحول الرقمي، وهو توجه يعكس إدراك القيادة لأهمية التكنولوجيا كأداة استراتيجية للإصلاح السياسي والإداري والتنموي.

تسعى هذه الهيئات إلى توحيد البنية التحتية الرقمية وتحسين إدارة البيانات والمعلومات بما يعزز قدرة الدولة على اتخاذ قرارات دقيقة وفعالة، ويعيد الثقة بين المواطن والحكومة وكافة مؤسسات الدولة التي باتت ملزمة بالمواكبة والتطوير والانسجام ضمن هذه الخطة الواعدة التي تضع البلاد في الطريق الصحيح. أسوة بباقي البلاد التي دخلت هذا المجال مبكرا .

فقد أثبتت تجارب دول مثل سنغافورة، ماليزيا، وكوريا الجنوبية أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني لا يقتصر على تطوير التكنولوجيا فحسب، بل يترجم إلى حوكمة رشيدة، تعزز الكفاءة، ضبط الأداء، ودعم القرار وتعزيز السيادة الوطنية.

سنغافورة على سبيل المثال، استفادت من المنصات الرقمية لإدارة الخدمات العامة بكفاءة عالية وزيادة العدالة في توزيع الموارد، بينما استثمرت ماليزيا في الذكاء الاصطناعي لتعزيز القدرة الاستراتيجية على اتخاذ القرار وحماية بنيتها التحتية الحيوية.

في السودان، يمثل تأسيس هيئة الأمن السيبراني خطوة أساسية لضمان السيادة الوطنية وحماية البيانات، بما يمكّن الدولة من التحكم الكامل في معلوماتها وتطبيق قواعد واضحة لإدارة المعرفة، وهو ما يعزز قدرة الحكومة على ضبط المؤسسات ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

بالموازاة تعمل هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي على توظيف المعرفة كأداة قوة استراتيجية، من خلال تحليل البيانات لتطوير الخدمات العامة واتخاذ قرارات تعتمد على الأدلة، وهو ما يعيد صياغة مفهوم الإدارة العامة ويضع الحوكمة على أسس علمية ومنهجية واضحة تؤسس لنهضتنا.

وفي هذا السياق، أوضح المهندس أحمد درديري غندور، وزير التحول الرقمي والاتصالات، أن إطلاق الهيئات الجديدة يمثل خطوة عملية لترسيخ بنية مؤسسية قادرة على إدارة التحول الرقمي والاتصالات بكفاءة ومسؤولية، بما يعزز حماية السيادة الرقمية وتنظيم البيانات والخدمات ضمن إطار وطني موحد.

مشيراً إلى أن التحول الرقمي في السودان ليس مشروعاً تقنياً فحسب، بل ركيزة لبناء الدولة الحديثة وإصلاح الإدارة العامة وإعادة الثقة في الخدمات الحكومية عبر كوادر وطنية مؤهلة، مؤكداً أن القرار يأتي تتويجاً لجهود تنسيقية بين مؤسسات الدولة لتأسيس منظومة رقمية وطنية ترفع كفاءة الأداء، وتواجه التحديات السيبرانية ، وتفتح المجال أمام شراكات استراتيجية مع القطاعين العام والخاص لبناء اقتصاد رقمي واعد يكرس مرحلة جديدة من الإصلاح المؤسسي والتنمية المستدامة.

يفتح المشروع المجال واسعًا أمام مشاركة الشباب، إذ يمثل دورهم عنصرًا محوريًا لا يقل أهمية عن الهيئات ذاتها، لذلك ينتظر إسهام الكوادر الوطنية الشابة بما يعزز ابتكار الحلول التقنية المحلية، وتوطين المعرفة، وبناء أنظمة رقمية مستقلة تقلل من الاعتماد على الخارج.

كما يخلق ذلك مشاركة فعالة للشباب في إدارة الدولة ، ويؤسس لثقافة مؤسسية جديدة قائمة على المعرفة، والشفافية، والمسؤولية. توظيف الطاقات الشابة سيتيح أيضًا بناء جيل قادر على قيادة مشاريع التحول الرقمي مستقبلًا، ويعزز الاستدامة الطويلة الأجل لهذه المبادرات.

التوقعات بعد إنشاء هذه الهيئات بحسب خبراء تشير إلى تغيير جذري في أسس الدولة السودانية، بدءًا من تحسين كفاءة المؤسسات، مرورًا بتعزيز قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات الاستراتيجية، وانتهاءً بخلق بيئة مؤسسية تعتمد على الحوكمة القائمة على البيانات والمعرفة. القرار يمهد الطريق لإطلاق شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص والمستثمرين الدوليين، ويفتح الباب أمام اقتصاد رقمي متنامٍ ومستدام، في ظل دولة تتمتع بالسيادة والاستقلالية التقنية والسياسية.

باختصار تأسيس هذه الهيئات يمثل مدخلًا عمليًا لإصلاح الدولة السودانية، حيث يصبح التحول الرقمي ، أداة لإعادة بناء المؤسسات، و تعزيز الحوكمة، وتوطين التكنولوجيا بما يضع السودان على الطريق الصحيح نحو دولة حديثة ومستقرة وقادرة على مواجهة تحديات المستقبل.

بهذه الخطوة المهمة بحسب #وجه_الحقيقة ، يدشن السودان مرحلة جديدة من الإصلاح المؤسسي والتحول الرقمي، قائمة على رؤية وطنية واضحة قوامها المعرفة والسيادة والتكامل، من أجل بناء دولة أكثر قدرة واستقراراً، توظف التكنولوجيا لخدمة الإنسان والتنمية الوطنية.

دمتم بخير وعافية.

الخميس 6 نوفمبر 2025م Shglawi55@gmail.com

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى