(نبض الفكرة) د. محمدالامين علي ابوخنيجر يكتب…الإمارات والدعم السريع…وصاية… أم وكالة حصرية؟

في زمن أصبحت فيه الجغرافيا مرنة والسيادة وجهة نظر خرجت علينا الإمارات بتصريح لا يشبه إلا مشهدا من مسرحية سازجه: وقف الحرب في السودان مرهون بعودة مليشيا الدعم السريع إلى مقراتها في الخرطوم وشمال السودان.
التصريح الذي يشبه بيانا داخليا من مدير عام في شركة (مرتزقة حول العالم) لا يُخفي تورط الامارات وانما يعلن عنه بكل فخر، وكأن الإمارات تقول: نحن نملك مفاتيح الحرب والسلام في السودان، والمليشيا تحت إشرافنا المباشر،
ونن من نحدد لها متى تتحرك ومتى تعود لمقرها.
والأغرب من ذلك أن هذا التصريح يُقدم وكأنه مبادرة سلام بينما هو في الحقيقة إعلان وصاية سياسية وعسكرية على بلد مستقل له سيادته وتاريخه وشعبه الذي لا يحتاج إذنا من الخارج ليقرر مصيره.
التصريح المستفز يوحي بأنه صادر من غرفة عمليات لا تعرف الفرق بين الفاشر والشارقة بمنطق لا يفسّر إلا إذا كنت تعتقد أن السودان دولة تحت الوصاية الخليجية، وأن الشعب السوداني يحتاج إذنا من الخارج ليقرر من يحكمه، ومن يزحف، ومن يقدل.
والأطرف من ذلك أن الإمارات وضعت شروطا لوقف دعمها للدعم السريع وكأنها تعترف ضمنيا بأنها كانت الممول الرسمي للإرهاب في السودان عبر أداتها الجنجويدية، لكنها الآن تريد أن تعيد ترتيب المشهد بشرط أن يعود الورل إلى موقعه القديم ويمنح التمساح مجددا إجازة مفتوحة، وكأن الامارات عبر تصريحها تحاول ان تعيد توزيع الأدوار في المسلسل السياسي ، او أنها قررت أن تُجرب فن الإخراج العسكري.
السودان الذي علّم العرب معنى الثورة يعامل اليوم وكأنه ساحة تجارب لسياسات خارجية تبحث عن نفوذ و ذهب وموانئ، أما الشعب السوداني فهو في نظر البعض مجرد جمهور يُصفق أو يُصفع حسب مزاج الممول.
لكن السؤال الأهم: هل للإمارات حق الوصاية على السودان؟
ربما في عالم تُدار فيه الدول كما تُدار شركات المقاولات ويمنح الورل صلاحيات التمساح، وتُوزع السيادة في مزاد دبلوماسي، أما في الواقع فالسودان ليس للبيع و الإيجار ولا الوصاية،والشعب السوداني الذي صبر على الورل والتمساح، يعرف جيدا أن من يقدل في الظلام لا يملك أن ينير طريق الوطن.
mhmdalprof9927@gmail.com



