مقالات الظهيرة

ما لو أعيـاه النضال بدنـي«3»

الظهيرة- عبدالله حسن محمد سعيد:

الفن في حياتنا أصبح كلمة طروبة علي ألسنة الناس كلهم ولحنا يدخل أعماقهم فيطربهم وبسكرهم ويهز مشاعرهم نشوة ، الفن يرمز للوعي والذوق والثقافة ويبرز قسمات الامم ويسطر تاريخها.

وينسج ثوب اعرافها وحضارتها ، ويكون الفخر بفنانيها وشعرائها لأنهم يبدعون فيما يحبه الناس ويألفوه لأنهم يعبرون عن اذواقهم في الجمال وتهذيب العقول وتحسين الأخلاق وهو شفاء للقلوب ويفجر الأحاسيس بالحب والجمال ويعبر عن تباريح الهوي وكريم الخصال .

ويذهب الكآبة والكدر ويشحذ الهمم وحب الوطن والتضحية دونه بالأرواح والمال .

ونحن نموت ويحيا الوطن …وللاغنية الوطنية مكانا عليا في النفوس حيث انها تغرس في الإنسان حب الوطن ويغرس فيه قيما نبيلة من خلال ما يتناوله الشاعر والمغني من تاريخ بطولي بكوكبة من الأفذاذ الذين قدموا عصارة فكرهم وتجاربهم وعلمهم وحياتهم للوطن ..

وبما استودعوها من خصائص التراب الغالي الماليه تمن ووصايا الجدود لنا علي ان نجود بالاروح لذاك الوطن الغالي ..

هكذا طافت بي لحظات وأنا استمتع الي غناء وطني طربت له وقد ارخي الليل سدوله في المدينة في ليلة طاف بي خيالي بعيدا الي عهود مضت كانت ليالي المدينة تمتاز بالحركة الثقافية والسياسية في نادي الخريجين والمسرح القومي ودور السينماء وليالي المدارس الثقافية والادبية وفي انديتها المختلفة فمدني كانت ولا زالت تلك المدينة المعطاءة ( كفر ووتر ) وحراك اهلها الاجتماعي في مناسبات الافراح والاتراح.

ووجودهم في زوايا الأولياء الصالحين الذين تمتلئ بهم أركان المدينة يحفظون توازن المجتمع ويضفون عليه هالة من الأنوار النبوية التي تتجلي في أصوات المنشدين والموحدين وترتفع حناجرهم بالذكر وصيحات المريدين وسالكي الطريق .

وقد سمت ارواحم فطفقوا يتحدثون بكلام غير مفهوم المعني ولكنه يعبر عن وجد وحب يجعل الانسان يهيم في ملكوت الله وينطق لسانه بما لا يعهده الناس من كلام ( ترجمة المحب الغرقان الذي حركة الوجد ).

وتنساب إليك أنغام موسيقي حالمة وكلمات رائعة تداعب مسمعيك وتنقلك الي عوالم من العشق والطرب لأصوات خصها الرحمن بعذوبة الأداء و كلمات صيغت باقتدار من شعراء موهوبون ولحنها موسيقيون مبدعون أفذاذ سجلوا أسماؤهم بأحرف من النور …

سمعت بلابل الدوح ناحت علي الأغصان تمايلت معها طربا ووجدا يأسرك و ينقلك الي عالم الإحساس بالجمال …

طافت بي كلمات تغني بها ابراهيم الكاشف ذلك الفنان المبدع الذي حباه الله بصوت شجي ندي ساحر كأنه منغم بطبعه وليس بتطبع تصنعه آلات الموسيقي.

داعبت مشاعري وارتقت بي الي عوالم من الحب للوطن ورغم أن الكاشف زان أغانيه وجملها بعزف موسيقي تخاله مزامير علوية تهبط من السماء الا ان صوته الشجي ينساب الي دواخلك وهو يتغني لليل والنجوم وسهر الحبيب ..

تغني للسودان فخرا واعتزازا وأفريقيا انتماء وللجدود عزة وشموخا ، فأبدع في رائعة خلدت علي مر الزمان يتغني بها الشباب نشوة وطربا وعشاق يدفعهم لرفع الصوت عاليا انا سوداني وافتخر ..

أنا أفريقي أنا سوداني . . .

ارض الخيرافريقيا مكاني..

زمن النور و العزة زماني

فيها جدودي… جباهم عالية…. جباهم عالية..جباهم عااالية

مواكب ما بتتراجع تاني

اقيف قدامها و اقول للدنيا انا سوداني

انا افريقي انا سوداني

انا بلدي..بلد الخير و الطيبة

ارضو خزاين..فيها جناين

نجومه عيون للخير بتعاين
قمره بيضوي ما بغيب ابداً داايماً باين

نوره بيهدي ليالي حبيبة
عليها اغني و اقول للدنيا انا سودااني

انا افريقي انا سوداني
شمسك طلعت و اشرق نورها بقت شمسين
شمس العزة و نورها الاكبر

هلت شااامخة زي تاريخي قوية و رااسخة
ملت الدنيا و خيرنا بيكتر

خيرنا بيكتر خيرنا بيكتر
شمس ايماني بأوطاني

دا الخلاني اقول للدنيا انا سودااني
انا افريقي..انا سوداني

وتسمع لذلك الوطني صاحب الصوت المميز أداءها رائعا وهو يغني للوطن مخاطبا المستعمر الانجليزي في كلمات لها سحرها تحرك الوجدان وتنادي أبناؤه الكفاح ويتنامي الإحساس بالوطن أرضا و انسانا ورمزا .

يخرج الصوت قويا من فنان عاش الكلمات بداخله فخرجت من حنجرته كأنها جوالات ارتفعت من حناجر الجند وهم يهزون الارض تحت اقدامهم الواثقة قوة تخبر عن صلابة عودهم وارتفاع همتهم وروحهم الوثابة نحو المجد التليد .

وصلت رسالتها بقوة نحو ذاك البلاغي الشقي الذي اغتصب الأرض والتعدي علي العرض وأن اختلف الزمان لم يكن عثمان الشفيع فنانا عاديا بل كان ذا مدرسة متفردة في الأداء واختيار الكلمات التي تخاطب دواخلك فتجد لها وقعا مميزا ( فاليخرج الباغي الشقي ويرفرف العلم الحبيب وطني ).

وطن الجدود نفديك بالأرواح نجود .. وطني .. وطني ..
وطن الجدود نِعم الوطن
خيراتو كم يتدفقن

آن الآوان أن نُُمتحن
في سبيلو لا نطلب ثمن ..

وطني .. وطني ..
وطن الجدود نحن الفداء
من المكائد والعدا

نتمنى ليك دايما تسود
بدمانا نكتب ليك خلود .. وطني .. وطني ..
هيا يا شباب هيا ياجنود

هيا حطموا هذي القيود .. وطني .. وطني .
. هيا يا شباب هيا للأمام
سودانّا قد ملّ الملام

حرية كاملة هي المُرام
تؤخذ ولا يجدي الكلام
حذاري أن وطنك يضام حذاري أن يصبح حطام

جهلٌ .. وفقرٌ ..وانقسام
فلنتحد ويجب نعيد لوطنّا أمجاد الكرام .. وطني .. وطني ..
هيا ياشباب ضموا الجنوب
القافلة سارت لن تؤوب

أبنوا السلام دكوا الحروب وماء نيلنا يكون عذوب ..
وطني .. وطني ..
أهتف معي قل يا أخي
يحيا الكفاح وينتقي

فليخرج الباغي الشقي ويرفرف العلم الأبّي وطني ،…..

لم يكن غناءا طروبا فحسب بل كان كتابا للوطن يدفعك دفعا لحبه والتمسك به والتضحية من أجله والانتساب الي تاريخه المجيد ..

وطن يمثل هوية وجودك وممراح طفولتك ومسرح شبابك ومستقر كهولتك .. وطن النجوم الذي يجعلك ترفع الصوت عاليا انا هنا حدق او تعرف من انا ؟؟؟؟

انا سوداني … انها رسالة للشباب واضحة المعالم فالتتحد ويجب نعيد لوطننا أمجاد الكرام …..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى