ياسر محمد محمود البشر يكتب في (شوكة حوت)… أعمل حسابك تحتك قبر
*كنت بالأمس حضورا لمراسم تشييع بمقابر الفكى نصر وأثناء لحظات التشييع ربت أحد الأشخاص على كتفى وتحدث معى بصوت هامس قائلا (أعمل حسابك تحتك قبر) وبالفعل عندما نظرت تحت أرجلى وجدت نفسى أقف على قبر ابلاه الدهر وأصبح أرض بلقع من دون أن تكون هناك ملامح قبر وإبتعدت قليلا عن المكان الذى كنت اقف عليه ولا استبعد أن اكون وطأت قبر أقدم منه لكن فى النهاية طافت بذهنى جملة من الخواطر والإستفهامات عن الموت والإستعداد لمثل هذا اليوم وكان يقف الى جوارى إبنى حمزة فى تلك اللحظة*.
*لكن أكثر الإستفهامات التى أستفزتنى رغبة معرفة وإدراك كنه الإنسان السودانى إننا ندعى المثالية الزائفة أو نبالغ كثيرا فى بعض الأشياء فإننا نحرص على الإهتمام بالموتى وهم داخل الأرض ونهملهم وهم أحياء حيث نمارس الجشع والرباء وغلاء الأسعار على الاحياء منهم وعندما يموتون نبالغ فى الإهتمام بهم حتى لا تطأهم أقدام الأحياء مع العلم أننا ندوس عليهم وهم على قيد الحياة نبخل عليهم حتى بأصدق المشاعر نحوهم ونخفى عنهم أحساسنا الصادقة تجاههم حتى كلمات اللطف والمجاملة تهرب من السنتنا نحوهم ونذهب ابعد من ذلك ونسلبهم محاسنهم وهم أحياء ونبالغ فى مدحهم وذكر مناقبهم بعد الممات*.
*كم واحد منا بخل على أخ او أخت وتعالى على ذوى القربى وفجع فيهم من دون أن يعتذر لهم أو يطلب منهم السماح والصفح وكم من ميت مات بإهمال أصحاب الأموال من أهله وبعد مماته نصبوا سراديق العزاء وتباروا فى النفاق الإجتماعى وأظهروا بالغ الحزن على وفاته وذرفوا الدموع عليه وهو كان فى حاجة الى علبة دواء أو وجبة واحدة يسد بها الرمق وهنا يتجلى النفاق الإجتماعى فى أبهى صوره لو كنتم تعلمون*.
*فالذين رحلوا عن دنيانا هم عند مليك مقتدر وتحت جبروت رحمن رحيم لا يحتاجون لحمايتنا من ان تطأهم أقدامنا فالله ارحم بهم منا جميعا ويجب أن نراجع انفسنا ونحسن التعامل مع الأحياء ونعود برشدنا الى ما ينفع الأحياء ويشعرهم بأنهم يحملون جينات البنى أدم فى المقام الأول ولنتقاسم اللقمة والزاد وجرعة الماء وللأموات رب يتكفل بهم وليكن شعارنا (أعمل حسابك لا يكن بيننا جائع أو مريض لا يجد مصاريف العلاج ولا توجد بيننا أرملة محتاجة أو يتيم ذو مسغبة) فلنعلى من قيمة التكافل الإجتماعى للأحياء قبل الأموات ولندع أن لا نطأ بعضنا البعض على مسرح الحياة الدنيا*.
نــــــــــــص شــــــــــــوكة
*يجب ان نستعد جميعا الى رحلة من دون عودة وسفر من دون تذكرة ويجب أن نقدم لأنفسنا اليوم حتى لت نتمنى على الله الأمانى (يا ليتنى قدمت لحياتى)*.
ربــــــــــــــــع شــــــــــــوكة
*تعالوا نذكر بعضنا البعض للإهتمام بمن هم على قيد الحياة مثلما نذكر بعضنا البعض بحرمة القبور*.
yassir.mahmoud71@gmail.com