مقالات الظهيرة

(من أعلى المنصة)  ياسر الفادني يكتب….  حين يتعفن القلب… يصبح القتل وجهة نظر !

ما فعله أبو لولو (المقمل ) ! لا يمكن أن يمر مرور الكرام، فالجريمة ليست مجرد فعل فردي منحرف، بل هي صورة مكثفة للانحطاط الذي وصلت إليه المليشيا، وإنعكاس صريح لفساد الروح التي تحكمها وتدير سلوكها.

إن من تغطيه القذارة من شعره إلى أخمص قدميه، ومن تحجّر قلبه حتى صار لا يعرف معنى للرحمة أو الإنسانية لا يمكن أن يصدر عنه إلا مثل هذا الفعل المشين الذي لفظته كل القيم والأعراف والدين، العالم كله شهد، العالم كله رأى، وكل من له ضمير حي أدان هذا السلوك الحيواني الذي خرج من طور البشر إلى درك الشياطين

 

لقد كتبنا كثيراً وقلنا إن هذه المليشيا لا تمتلك سوى وجه الخداع والفعل المشين ضد الإنسانية ، وإنها تتخذ الكذب مدرسة ومنهجاً، لكنهم لم يصدقونا ، واليوم، ها هو الواقع يكشفهم بلا ستار، وها هي الحقيقة تسطع من رماد التزييف الذي حاولوا تغطيته بالشعارات والبيانات والادعاءات، جناحهم السياسي، الذي يسمونه تأسيساً زوراً، لم يخرج عن نهج التمويه، يصدر بيانات الإدانة المعلبة بعبارات منمقة، لكنها خالية من أي صدق أو ندم، بل تبرر وتناور وتعدّل السيناريوهات لتصنع مسرحية رديئة على خشبة الكذب، مسرحية تعيدنا كل مرة إلى المأساة ذاتها التي يحاولون تجميلها بالكلمات

 

ولكن الشعب السوداني أوعى من أن تنطلي عليه هذه الأوهام، وأصلب من أن يصدق فقاعاتهم الصابونية التي تنفجر في الهواء قبل أن يكتمل بريقها، الشعب الذي نزح، والذي ذُل، والذي نهبت ممتلكاته، لا ينسى، ولن ينسى، ما فعله الأوباش لم يزد هذا الشعب إلا تماسكا، ولم يزد جيشه إلا سنداً وشرعية في الموقف، فكل طلقة غدر، وكل فعل خسيس، لا يطفئ روح المقاومة، بل يزيدها اشتعالاً

 

نعم، لقد فسد الدهر في هذه المرحلة حتى أصبح من العسير إصلاحه، فالعطار لا يصلح ما أفسده الدهر، لأن ما أفسده الدهر هنا هو الضمير والوجدان، هو جوهر الإنسان الذي غاب وتحلل تحت وطأة الكراهية والدم، من تربى على الخيانة لا يمكن أن يعرف معنى الوفاء، ومن تشرب الكذب لا يمكن أن ينطق بالصدق، ومن عاش على نهب البلاد لن يقبل يوماً بالعدل أو المساواة

 

لكن رغم ذلك، يبقى الأمل في من لم تلوثهم أيدي الشر، في أولئك الذين ما زالوا يؤمنون بأن الوطن يستحق التضحية، وأن الحق لا يُهزم مهما طال ليله، التاريخ لا يرحم، والشعوب لا تغفر للخونة، والدهر وإن فسد، فإن الأيام ستدور، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى