مقالات الظهيرة

(من أعلى المنصة) ياسر الفادني يكتب..  البرهان… نظرية التسديد والمقاربة

تصريحات الفريق أول عبد الفتاح البرهان لقناتي الحدث والعربية أثارت موجة واسعة من ردود الأفعال أزعجت كثيرين ووجدت ارتياحاً لدى آخرين، لكنها في كل الأحوال بدت محسوبة بعناية وتحمل طابعاً سياسياً ذكياً.

من الخطأ النظر إلى البرهان باعتباره صاحب عقلية عسكرية محضة، الرجل، شئنا أم أبينا، يوازن بين القائد العسكري والفاعل السياسي، ولكل مرحلة عنده أدواتها ولغتها وطريقتها الخاصة في قراءة المشهد

في اللحظة الراهنة، بدا أن البرهان يقدّم خطاباً يتناسب مع الظرف السياسي السوداني المأزوم، خطاباً يحاول فيه إعادة ضبط بوصلة الفهم الدولي والإقليمي لطبيعة الصراع، فبينما يروَّج في بعض المنابر الإقليمية لخطاب يصوّر الجيش باعتباره امتداداً لتيارات سياسية بعينها، جاء حديثه نافياً هذا الطرح، ومتسقاً مع حقيقة أن القوات المسلحة السودانية مؤسسة مهنية راسخة، ظلت رغم كل الظروف آخر أعمدة الدولة وأقواها، ولو لم تكن كذلك لكانت البلاد في مهب الريح، ولكان المجال مفتوحاً لتدخلات أوسع وتحويرات أكبر في شكل السودان وقراره

الشعب السوداني يعرف الفارق جيداً بين من يقاتل دفاعاً عن وطنه وبين من يحمل السلاح سعياً للمغنم أو بارتباطات خارجية، يعرف الفرق بين من يضع السودان أولوية وبين من تُحركه حسابات تتجاوز حدود التراب الوطني، لذلك جاءت رسائل البرهان وكأنها تسديدة موجّهة لمن يحاولون إعادة صياغة الرواية حول الحرب، وفي الوقت ذاته مقاربة ذكية لقراءة أعمق للمشهد السياسي والإعلامي المحيط بالأزمة

إني من منصتي أنظر…. حيث أرى…. أن تصريحات البرهان لم تكن مجرد ردود، بل كانت محاولة لإعادة تعريف المعادلة: ميزان الحكم هو ميزان الشعب، ومن يمتلك الشرعية الحقيقية هو من يقف معه الناس لا من تحمله دعاية إقليمية أو سرديات مصنوعة، ومن هنا يمكن فهم حديثه كتسديدة نحو الهدف الأكثر تأثيراً، ومقاربة دقيقة لصحيفة سياسية تتبدل عناوينها كل يوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى