مالو اعياه النضال بدني… الحلقة الحادية عشرة
الظهيرة- عبد الله حسن محمد سعيد:
نعمة البصر من أعظم نعم الله علي الإنسان والعين جوهرة غالية من أوجب الواجبات الاهتمام بها إذ انها نافذة الإنسان للتفكر في خلق الله وشكر نعمته في هذا الكون الذي صوره فأحسن صوره وجمله فاحببناه منظرا جميلا ومنافع متعددة ننعم بها في حياتنا .
وهيأ لنا سبل الحياة شقيها وسعيدها وابتلانا بنقص الأموال والأنفس والثمرات وابتلانا بالأمراض زكاة الأبدان وتطهير لها من الذنوب والاثام.
وهيأ لنا من يقوم بالتطبيب والعلاج من كل مايعترينا من الأمراض ، واسست المشافي لتقوم بدورها في تقديم الخدمات الإنسانية إعانة لمعافاة الابدان والأرواح لتؤدي دورها في عبادة الله وفي السعي وراء العيش الكريم ولتستمر دورة الحياة ويتجدد عطاؤها.
وظل مسشفي مدني يمثل منارة شامخة منذ تأسيسه لتقديم الخدمات الصحية التشخيصية والعلاجية التي يقوم بها افذاذ من الأطباء المتخصصين الذين يشار إليهم بالبنان علما واخلاقا وتواضعا.
وهي شيمة العلماء ورثة الأنبياء ، قدموا جهدا إنسانيا عظيما يسجله التاريخ بمداد من النور وتسجل صفحاته المضيئة في ذاكرة أهل المدينة بالعرفان لجهد بذل بإخلاص وتفاني.
ترك أثرا طيبا وعلاقات اجتماعية ممتدة ومتميزة مع أهل المدينة في أفراحهم وفي أتراحهم وفي ميادين العمل العام الذي استوعب الكثيرين منهم حتي اصبحت مدني موطنا ومسكنا ومسرحا آمنا لحركتهم المجتمعية وعملهم الإنساني .
كان مستشفي مدني مسرحا لممارسة طبية راقية منضبطة افرزتها تخصصات ودرجات علمية عالية وتراكمات تجارب إدارية ومهنية منذ أن كانت تحت إدارة إنجليزية التي دربت واهلت مجموعة من الأطباء والكوادر المساعدة في مختلف التخصصات.
ومجموعات مؤهلة بالعلم والتدريب من الممرضين والسسترات والزائرات الصحيات والقابلات المؤهلين علميا بمدارس التمريض والمعاهد والكليات الجامعية المختلفة لتأهيل العاملين في الحقل الصحي لمواكبة التطور العلمي في الخدمات الصحية المختلفة وفي جميع التخصصات والأقسام .
برزت كثير من الأسماء في سماء مستشفي مدني من الإدارات والأطباء في تخصصات ارتبطت بالمجتمع والإنتاج انضباط في الأداء وتميز في الممارسة ونظافة في الزي الموحد والتميز.
في العلاقات الاجتماعية وعلاقات العاملين من أطباء وممرضين وعاملين ومرضي، كل تلك القيم النبيلة كانت تتجلي في حلة زاهية تشعرك بالارتياح وتدخل في نفسك الاطمئنان والثقة في الطبيب المداوي ومن حوله من ملائكة الرحمن وبيئة نظيفة هيئتها يد خبيرة .
وتتنسم عبير العافية في بدنك وروحك وزوال علتك.
مستشفي مدني تاريخ بازخ في مجال الطب في كل التخصصات وجامعة لتدريب وتعليم الطلاب في كلية الطب بالجزيرة مسيرة طويلة من العطاء المميز .
اختار في هذه العجالة مستشفي العيون مدني استشرافا لفترة خصيبة من تاريخ مستشفي العيون مدني حيث كنت اعمل بقسم البصريات.
وكنت لصيقا بقامات سامقة أعطت وما بخيت بعلمها وجودها في كل التخصصات لتعبد للناس طريقا آمنا برعاية العين وهي جوهرة غالية تضئ الدروب الحالكة.
وتهيئ العقول للعلوم النافعة لأنها أداة العلم والمعرفة والتفكر والزوق السليم والجمال وقد تغني لها الشعراء والمغنون ابداعا في وصفها منذ الجاهلية وصفا دقيقا لاثرها علي القلوب.
وعند المغني السوداني يخاطب محبوبته واصفا عينيها ( عينيك يا اعز الناس … عينيك فيها أخطر ماس ) وقال الشاعر يصف عيني حبيبته ( ان العيون التي في طرفها حور ،،، قتلننا ثم لم يحيين قتلانا. … يصرعن ذا اللب حتي لا حراك به،،، وهن أضعف خلق الله إنسانا ) وقال اخر (عيوني وعيونك اسباب لوعتي …. ).
( والأسود النشوان تائه بلا ربان ) تعهد علماء مؤهلون من الاختصاصيين برعاية هذه الجوهرة الغالية في مستشفي العيون مدني من اوائلهم الدكتور مكي الشيخ وخلفه الدكتور حافظ أبو يوسف.
والدكتور سيد احمد التين والدكتور الهادئ أحمد الشيخ والدكتور كامل محمد عبدالله والدكتور تاج الدين عبد الرحمن والدكتور عوض الباشا والدكتور مصطفي السراج والدكتور مأمون ميرغني .
ومجموعة خيرة مؤهلة من تقنية البصريات منهم عبدالغفور عامر وفيصل حفار وعبد السميع مصطفي وخلف الله محمد حامد و عابدين محمد علي .
وعباس ابراهيم إسماعيل وعبد الله حسن محمد سعيد ومجموعة لاحقة من الذين أعطوا لقسم البصريات تميزا وعطاء في كل مجالات وتخصصات هذا العلم الهام .
وأيضا مجموعة من الممرضين الذين اشرفوا علي العيادة الخارجية والمساعدين الطبيين نذكر منهم محمد الجاك ومصطفي رجبة وعابدين الحاج وحسين ابراهيم وعبدالله غبوش وليلي وعبدالعزيز الحكيم ومجموعة يضيق المكان لذكرها قدموا جهدا عظيما.
وكانوا شعلة من النشاط والكفاءة والتميز في الأداء و إيمانا برسالتهم الإنسانية وخلفوا ذكري حسنة جعلت من مستشفي العيون منارة لطب العيون وقبلة لطالبي الاستشفاء وسعيا للاهتمام بحالاتهم وتقديم النصح والعلاج والراحة النفسية لمستوى الخدمة الممتازة التي يقوم بها مجموعة العاملين الاكفاء بالمستشفي .
أسس قسم العيون الدكتور مكي الشيخ الذي تخرج من أوائل الدفع بالمملكة المتحدة وهو من أميز أطباء العيون وكانت المستشفي ذات إمكانات ضعيفة ولكنها كانت مميزة في خدماتها .
وتولي بعده الدكتور عبد الحافظ ابو يوسف وهو ينتمي لعائلة الخلايفة المعروفة وهم من أعيان مدينة ودمدني الذين قدموا الكثير لهذه المدينة في مجالات مختلفة.
وفي وزارة الأشغال وفي التجارة وفي مجالات صناعة الخبز التي باعوا فيها وفي مجال السياسة التي أعطوا فيها جهدا مميزا وعطاء ثرا في ملامح ومخبر وطني .
قام الدكتور عبد الحافظ باستغلال علاقاته الأسرية والاجتماعية العامة في تأسيس مستشفي عصري متكامل في تخصصاته وعياداته الاختصاصيين والأطباء العموميين وحجرات البصريات ومكاتب الكروت ارشيف المرضي للمتابعة وعنابر المرضي وحجرة العمليات .
كان الدكتور عبد الحافظ طبيب تتمثل فيه الانسانية بكل صورها الجميلة تعاملا راقيا ومسئولا وكان اداريا بارعا وطبيبا محبوبا ،اعطي المستشفي جهدا جعل منه قبلة لكل الولايات حوله وأعطي لأهله في المدينة هدية تظل شامخة تحدث عن تميزه وعطائه .
انتقل للعمل بمستشفي العيون الخرطوم وكان من ضمن أساتذة البصريات حيث تلقينا علي يديه في قاعات المحاضرات عن علم أمراض العيون وعلوم البصريات والرؤية والتدريب العملي.
وكان عالما متمكنا ومحاضرا مميزا اكتسبنا منه كثير من العلوم والخبرات وكان بشوشا طلق الوجه كثير الدعابة ودود متواضع .
ظلت مستشفي العيون مدني تؤدي دورها المتميز حتي تم تأسيس مستشفي الصائم وانتقالها الي مكان أرحب وأوسع تبرع به الشيخ الورع الصائم ديمه ليكون منارة يهتدي بها زوي الاحتياجات البصرية وأمراض العيون المختلفة من أبناء هذه الولاية والولايات الاخري فكانت وما زالت معلما وقبلة للكل .
وكان لابن المدينة الدكتور مأمون ميرغني دورا بارزا في تأسيس مستشفي عصري متميز في كل أقسامه وتخصصاته وكوادره المدربة المؤهلة تستوعب خيرة الأطباء تخصصاتهم المختلفة في كل أمراض العيون.
ليقدموا خدمات متكاملة ومتميزة في معالجة الماء البيضاء والسوداء وأمراض الشبكية والحول وضعف الابصاروأمراض العيون المختلفة وتقديم الحلول لذوي الاحتياجات الخاصة وتقديم الخدمات الصحية في مجال صحة العين للمدارس والمؤسسات المختلفة تحقيقا لشعارات التميز في الخدمة والإنسانية في التعامل .
قام الدكتور مامون بتجديد وتحديث المستشفي من ناحية الأجهزة التشخيصية والعلاجية باحدث طراز مواكبة للتطور في علم العيون والتي تعين الأطباء لتقديم خدمات متكاملة لطالبيها.
وطور النظام الاداري حتي يؤدي دوره في المحافظة علي انضباط العاملين وتميز الخدمات وتحسين العلاقات بين المرضي والعاملين بالإحساس بالمسئولية الإنسانية والمهنية .
كان دكتور مأمون رجلا خلوقا شجاعا ذو رأي سديد مرح طلق الوجه يحادثك والابتسامة لا تفارق شفتيه ولم نعهد فية قسوة تعامل مع مريض او عامل لم نعهد فيه صفات الغضب.
ولم نره عبوسا يسعي دوما في قضاء حوائج الناس كريم واجتماعي بالدرجة الاولي متواضع اعطي وقتا غاليا لعمل الخير في منظمات البصر يرجو رضي الله وخدمة الناس وخاصة المحتاجين والمعسرين والفقراء .
هذه نماذج من جهد رجال قدموا لهذا الوطن عطاؤهم من غير من آمنوا ب رسالتهم وانجزوا ما وعدوا وبروا بقسمهم الذي اقسموا ، سجلوا أسماؤهم بأحرف من النور في صفحات تاريخ هذه المدينة المعطاءة .
نقدمهم منارات تهتدي يهديهم اداءا لرسالة الأجيال المتعاقبة مثال وانموزج خير عله يكون حافز لمزيد من العطاء.. لهم منا جميعا ومن لم نزكرهم دعوات الخير والرحمة لمن فارق دنيانا وتركوا أثرا لن ينمحي وللقابضين علي القضية الإنسانية بالمستشفي أمنياتنا بالصحة والعافية والتوفيق .
