مقالات الظهيرة

لواء ركن ( م ) د. يونس محمود محمد يكتب… إيلا…. حديد!!

ايلا حديد ، سبيكة شعبية صاغتها نار التجربة في الحكم والحكام ، زاوجت مابين الارادة الفذة في الانسان ( ايلا ) وبأس الحديد ومنافعه حيث امتزج ( الكيفان ) معنويا واستنسخ كلٌ مزايا قرينه فاصبح الحديد في حكم العاقل كما أصبح الانسان في صفة القوة والنفع والتحمل ، وذلك هو ابن السودان محمد طاهر ايلا ،

جوهرة القاها شط اليم الكريم على أعتاب وطن يبحث عن رزقه في ( القيادات ) يتقحم الصفوف ويتفحص التجمعات ، يقدم الرجال للمهام الصعبة وكثيرا ما تفجعه النتائج ، ويخذله المختارون ، ويكتشف أنهم مجرد مظهر خارجي مصاغ بعناية ، غير أنه شحيح العطاء ، غائر عيون الابداع ، قصير النفس ، قاصر الرؤية ، طفيف الوزن ، خاسر الكيل .

وما يزال الشعب ينتظر مولد ( القادة ) يقلب وجهه في السماء ، يستكنه الآفاق

كأنه على موعد الاساطير وبزوغ الارهاصات ، وحاله يقول من لهذا السيف ؟ سيف السلطة ، من يأخذه بحقه ، وحقه أن يعدل في القضية ، ويقسم بالسوية ، ويحي موات الأرض ، ويوسع مجالس العلم ، ويسوى الطرقات ، ينظم انشطة الحياة ، يشكم المخالفين الجامحين ، يرفه عن الناس يدس الفرح بين طياتهم ، فتغني لياليهم ، ويتجدد احساسهم بالحياة ، يمشي بينهم فيتسرب احساس الأمان كما يتسرب عطر العشاق في يوم ( دق الريحة ) وأمنيات الدلال والبيت الحلال .

نعم من كل الصف الطويل المتراص بعمق الزمن الماضي والحاضر والجاي ،، على قول وردي ،،

يخرج ( ايلا ) فتى اسمر الجبهة كالنور في المذاب في ثريات المساجد ، بعضه معلق في قراب التاريخ الأثيل مثل سيف عثمان دقنة لا ينزله دهر ، صقيل لا يعلوه الصدأ ، وبعضه عمامة تاجٌ من وقار ، ونظارة بين عينيه كأنه راصد ينظر الى الأفق فيرى ما لا يراه غيره . فحين تحدث عن مشروعات المدن واعادة تأهليها ، علق المثبطون بأنه ليس أوان النظافة والقيافة والجمال ، وتندروا حين رصف الطرقات ، ونشّط شراكات الاستثمار ، والزراعة والتعليم ، وأطعم الصغار في المدارس حتى يحببهم في التعلم ، بل وكافأ أهلهم حين استأجر منهم أبناءهم حتى يقوي بهم صف الوطن ويصنع بهم مستقبله .

ايلا الذي أوكلت اليه الانقاذ ( يا حليلا ) أعقد المهام ، فتجاوز بها المأمول وأدهش الناس بانجازات حتى علق أحدهم ( ايلا دا بجيب القروش من وين ؟ )

بيد أن العبرة ليست في كثرة المال بقدر ما هي في كيفية الانفاق والضبط والأولويات .

هذا الرجل الذي أحدث المتغيرات في كل موقع حلّ به ، لا يعترف بالتقليد والقديم الراتب المقدس ، بل يقتحم عقبات التحدي ويصنع المستحيل .

ايلا ، غيمة تكاثفت من لقاح الريح في موج البحر ، ساقها الرحمن الى بلدة ميتة ، تزفها ايقاعات الرعود تضيئ بروقها وعر الدروب ينظرها الناس بين الخوف والطمع ، فنزلت في عقبات الشرق فباشرتهم بالسقيا والظلال والدعاش .

تم تمدد للجزيرة فهزت أرضها وأربت وأنبتت ، ثم عمت سماء الوطن حين جلس الرجل على مقعد رئيس الوزراء ، وتلك أمة قد خلت .

ولأنه ما من خالد في الحياة بجسده ، لكن الخلود بالسيرة والأعمال ،

التحق ( ايلا ) بركب سير الخالدين في ذاكرة أوطانهم بجهده واجتهاده ومجاهداته ، والبركة التي صاحبت كسبه في الحياة .

ومن يرى نعشه المحمول على الأعناق ، ومن يسمع لوعات الفراق في وحي المشيعين ، ومن يري مغازير الدمع المنسكب بفعل العواطف الصادقة والحزن النبيل ، ومن يحصي الحشود المتراصة يعرف مقدار حب الناس لايلا .

اللهم تقبله عندك في زمر الصالحين

واعلِ درجاته في الجنة

ونور قبره كما أنار للناس ظلمات طرقاتهم

وآنس وحشته بصحبة من يحب .

واجزه خيرا كثيرا عن وطنه وأمته وشعبه وأهله .

واكرمه لأنه أكرمنا بنموذجيته القيادية ، وحقق فينا أن صف الوطن عامر بالقيادات المستحقة للتقدير والاحترام .

إنا لله وإنا اليه راجعون .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى