لـواء رُكن ( م ) د. يـونس محمود مـحمد يكتب…الأسد الأطرش
تقولُ الحكاية أنَّ ساحرًا يقدّم نفسه على انّه يروّض الاسود بالعزف على ( *صفّارة* )، فذهبَ معهُ نفرٌ للغابةِ لزوم الاختبار، واخذوا مكانهم بعيدًا في مأمنٍ على تبة المشاهدة، فظهر اسدٌ وبدأ الساحر بالعزف وفعلًا هزَّ الاسد ذيله وربض بالقُربِ من الساحر، فتعجّب الناس.
ثُمَّ جاء اسدٌ ثانٍ وفعل ما فعل الأول، ثُمَّ جاء أسد آخرٌ والساحرُ يعزفُ على الصفارة جهده حتى خبطه الاسد فأطار رأسه مع الصفّارة، فصاح أحد المشاهدين: ( *ما قلت ليكم الأسد الأطرش بكتل الزول دا* )
نعم فالأسد السوداني وهو القوّات المسلّحة ومعيّتها من المشتركة والآخرين، صُمّ الآذان عن سماع ايقاع السحرةِ ونفخهم في صفافير الاعلام ونفثهم في عُقد النفسِ بسحر الكلام، وتدبيج التقارير، وتحرِّ الكذب، وتدليس المواقف حتى يروّضوا مصدر القوّة السودانية الوحيد ويجعلوه مستأنسًا منزوع الاظافر والأنياب، يربضُ بالقُربِ منهم حيثُ يشيرون، ورُبّما عبثوا بهيئته واتخذوه سخريّةً واخذوا معه ( *السيلفي التذكاري* ).
هذا الأسد السوداني هو حارسُ الدار والذائد عن الاعراض التي انتهكها الجنجويد، والمُدافع عن الانفس والاموال والكرامة ضِدّ قطعان الكلاب البريّة المجرمين الذين اظهروا للدنيا قُبحًا ووحشيّة لم تَرَ عيونُ العالم لها مثيلًا، ولم تختلق اخيلة السينمائيين في أفلام الرُعب مشاهد لكيفية تحوّل الانسان الى وحشٍ ضارٍ مُسرف في القتل بالوجه الذي ظهروا به في الفاشر وهُم يقيمون حفلات الدماء، ويتصايحون بهياجٍ وهستيريا وهم يركمون الناس جُثثًا بعضها فوق بعضٍ بالرصاص ولا يبالون، حتى سالت الدماء مغزارًا فغطّت الارض وظهرت معالمها من الفضاء في صور الأقمار الاصطناعية في سابقةٍ لم يسجّلها التاريخ.
هؤلاء القتلة يجدون الآن من يحمل ( *الليفة والصابون*) ليغسلهم مما تلطّخوا به من دماء الأبرياء من النساء والاطفال والعجزة الجائعين، والمرضى والزمنى في المستشفى السعودي بالفاشر وهم ينتظرون العافية وجُرعة الدواء، فجرّعوهم كؤوس الموت الزؤام، وزادوا آلامهم وفجعوا أهلهم، لاحقوا زمر الهاربين من الجحيم بالعربات واصطادوهم مثل صيدِ الهواة للارانب في بواكير الخريف فأظلمت الدنيا كُلّها من مظالم الجنجويد، وحزن الضمير العالمي الحُرّ بلا استثناء وتوالت الادانات من منظّماتٍ ومحافل، وجماعات واندية، ومنابر ووكالات، وشخصيات كُلّها تذمُّ الجنجويد وتُدين طبائعهم وافعالهم وتصريحات قائدهم المجرم عبد الرحيم دقلو المعتوه ومن ورائه البعاتي الحاقد الحسود وهو يصرخُ فيهم ( *انا ماعاوز لي اسير* ) وهُم يقاطعونه بالصياح والتأييد والاستعداد لتنفيذ توجيهات الاعدام والقتل والابادة الجماعية ( *للفلنقايات* ) وهي صفةٌ دونية الجنس بمعنى العبيد، وهذا المفهوم هو احد محرّكات قطعان الجنجويد، ودالّةُ سلوكهم المستهين بالنفس البشرية، كأنَّم لم يسمعوا قول الله الذي يرددون اسمه ويقولون الله اكبر وهُم يقتلون، وهُم يسرقون، وهُم يغتصبون ويعذّبون، فعلًا مسألةٌ تُثير الحيرة والاستغراب !
الساحر الدولي والاقليمي برباعيته وخماسيته وهو ينفخُ في الصفافير ملئ أشداقه بغرض ترويض الاسد السوداني في هذا السيرك، لن ينجح في ايصال السحر الهاروتي الماروتي الماهر المُصاغ بعناية المختصّين في صناعة التأثير، واختلاق البيئة حتى يستلَّ غضب الامّة من جراب العزيمة، وحتى يبدّد الحماسة، ويُبطئ الايقاع فيأنس المفترس وتتبدل كل المعادلة بخروج البعاشيم ( *القحّاطة*) من جحورهم في الفنادق والاستراحات ليعودوا للحياة في الغابة من جديد فقط لأنَّ الاسد المسحور قد استجاب لنداء الصافرة.
أبدًا يا سادة فالأسد السوداني ( *أطرش عدييييل* ) لا ينفذُ اليه السحر بالغًا ما بلغ، وسيحطّم رأس الساحر ويكسرُ الصافرة ويبعثر اللحن المسموم.
الآن الاسد يتضرّع في حِمى كُردفان يردُ بحيرات الاهداف فيردُ زئيره كامل بلاد النيل الجميلة، صوتُ زئيره له صدىً يؤزُّ المشاعر ازّا، ويثيرُ كوامن العشقِ ولواعج الهوى في حقّ هؤلاء الرجال الاشدّاء المقاتلين الذين يجادلون عن وطنهم واهليهم بالرصاص، حيّاهم الله من رجالٍ في الجيش والمشتركة والبراؤون والدرّاعة والامن والعمليات والشٌرطة والمستنفرين كافة.
*أسد الله البضرع ، ينهر في المجمع*
*كم عوقا في سراع من شوفتو اتفرزع*
او كما قال المادح الشيخ حاج الماحي
رحمة الله عليه.