مقالات الظهيرة

لـواء رُكن ( م ) د. يـونس محمود محمد يكتب… التعبئة…. والتعبية

المفهوم العام المُختصر لمعنى التعبئة هو تحشيد قُدرات الوطن في وجه تحدٍّ وجودي ناتج عن ظاهرة طبيعية أو اعتداء على الارادة الجامعة والشرعية بعملٍ عدوانيّ من الداخل أو الخارج أو الاثنين معًا، وذلك بغرض تضخيم القوّة وتوظيفها، وتوحيد الرؤية لمجابهة التحدّي وحسمه.

أما مفهوم التعبية فهو متعلّق غالبًا بالاعمال والتراتيب العسكرية فيما يلي:

•التدريب.

•التجهيزات.

•المعارف ذات الصلة باساليب القتال.

•استخدام الاسلحة.

•التكتيكات الملائمة لطبيعة الارض.

•نوع السلاح.

•خصائص العدو.

•اساليب القيادة وسلسلة اصدار القرار وصلاحياته وبقيّة الامور الادارية.

بالتطبيق على حالنا الماثل ومنذُ اليوم الاول للحرب كان المقتضى في سياقه المنطقي والقانوني وتحت الحاح تفاقم العمليات، كان اعلان التعبئة والاستنفار العام واعلان حالة الطوارئ؛ لانها ضرورية في تنفيذ بنود التعبئة بتأجيل التعقيدات القانونية حتى لا تفشل الاعمال المستعجلة والضرورية، غير أنَّ القيادة لم تفعل ذلك ( *لاسبابها* ) غير المُفصح عنها، الامر الذي اهدر كثيرًا من الفُرص، ونقاط القوّة، ولكن بالمقابل تجاوز الشعب هذه العقبة بالاستجابة الفطرية لدعم واسناد الجيش دون الاطر الرسمية والفرامانات الديوانية، فقط لدواعي الشعور الوطني والانتماء للارض، وردًّا لغائلة المليشيا التي لم تعذر احدًا، ولم تترك مجالا للشّك في نواياها السيئة، واعمالها شاهدةٌ على قُدرة بطشٍ وقسوة غير مسبوقة، وانطوائها على أحقادٍ كأنَّها حمم الجحيم، تُفرغها في الناسِ بلا تمييزٍ بين عسكري ومدني، ولا رجل وامرأة، ولا شيخ وطفل، فكُل هؤلاء عندها سواء ما داموا خارج الاطار العرقي المحدّد.

عقب سقوط المدينة الصامدة الاسطورية ( *الفاشر* ) ومشاهد الرُعب والقتل والعنف والابادة الذي بثّت ( *بعضه* ) المليشيا والذي هزَّ العالم كُلّه برغم برود مشاعر مؤسسات العالم الرسمية، مع التأكيد بأنَّ اغلب عمليات القتل والابادة لم يتم تصويرها او بثّها، ولكن المقارنة حاضرة ونسبة الافعال في الحساب محتملة.

واخطر من ذلك ما توعّدت به المليشيا بقيّة أهل السودان، وهي في نشوةِ ما تعتقده نصرًا، تُنذرُ بالويل والثبور المُدن التي اخرجتهم واذلتهم، وتتوعّد الشعب الذي كرههم واقالهم، وساند جيشه لملاحقتهم حيثُ هم الان في كسر حواضنهم، يجترون الذكريات في حسرةٍ يوم كانوا في محفل الوطن، وكان المُجرم حميدتي يتحرّك بركبٍ مهيب من السيّارات الفخمة، ورتل سيارات الحراسة والابهة والصولجان، ويعلمون أنَّ ذلك لن يعود البتّة في السودان حتى اذا عاد اللبن السائغ فرثا ودمًا وعلفًا من جديد، وهذه عُقدة قيادة الجنجويد الذين انغمسوا في النعيم فأزلهم شيطانهم فأخرجهُم مما هم فيه في رحلة هبوط الى ذات المراعي المعشوشبة من جديد، والجلوس على ( *البروش* ) على اديم الارض التي خانوها بعدما آوتهم وهُم في رحلة التيه والودار.

التعبئة العامة والاستنفار شأنٌ شديد الخطر، بالغ الاهمية لانّه متعلّق بمعنى وجود السودان ارضًا، وشعبًا، دينًا، قيّما ، ثقافة وموارد ، ومن من ؟؟

من هؤلاء الاوباش الذين انحطوا بمعنى البشرية الى درك دون وحوش البراري، والى قتلة الآباء والامهات والاولاد والاحفاد، ومغتصبي الحرائر ومستحيي النساء، فالتسليم بقدرهم هو خيانة لهذا الوطن، وخُذلان للاسلاف العُظماء، واضاعة لحقوق قادم الاجيال .

أمّا اهم ادوات ووسائل واعلان التعبئة فهُم الولاة، وسراة القوم ، وروّاد المجتمع ، ووجوه القبائل ، وروابط الشباب ، ومنابر المساجد ، واجراس الكنائس ، وحصص المدارس ، وساحات الاحياء ، واجهزة الاعلام ، ووسائل التواصل الاجتماعي ، وغيرها، وكل هؤلاء معنيون بالشد على وتر التعبئة لتكون عظيمةً عظمة هذا الشعب السوداني ولترفد الجيش بمئات آلاف الشباب الجاهزين للذود عن وطنهم.

والتعبية ستقوم بالتتمّة والختام واهلها ( *ناس الجيش* ) ذوو خبرة ودراية ودربة في تحويل حماس الرجال الى حكمة وبصيرة في الميدان، وتقويم اجسادهم الى بناء عضلي مرن يشيل حيل الوطن، وتحوير فكرهم الى ارادة صلبة تزحزح ثبات الجبال، فيزدهي ميدان القتال بعزائمٍ لا تلين، ويتم اكتساح الجنجويد الاشقياء، وكنسهم والقائهم حيثُ يستحقّون، واخذ الثأر والقصاص منهم وفاءً للضحايا الذين لم تُوارى جثامينهم بعد في طرقات الفاشر.

انّه الوطن الغالي ، واذّن في الناس بالحج يأتوك رجالًا وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فجٍّ عميق، فاذا كان الحجُ هو القصد الى عظيم، فإنَّ الجهاد اعظم حرمة واحجى بأن يُستجاب لندائه.

 

الفاشر حاضرة في الناس كشمسٍ لا تغيب

وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون

 

*والله اكبر والعزة للسودان*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى