مقالات الظهيرة

عزيزة المعراج تكتب…. مقتلهم كان بين فكيهم

مثلما ان من الحب ما قتل فهناك من الشعر ما قتل قديما وحديثا…. في الجاهلية مثلا تم قتل الشاعر الكبير طرفة بن العبد في منطقة هجر بعد سجنه بأمر ملك المناذرة في الحيرة في العراق و طرفة من أصحاب المعلقات و حين قتلوه كان في ميعة الصبا وفورة الشباب و هو صاحب البيت الشهير :

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا

و يأتيك بالأخبار من لم تزوّدِ

كما إن المناذرة قد قتلوا أيضا الشاعر عبيد بن الأبرص ..و هو صاحب المعلقة العاشرة ( أو المجمهرة على رأي من يعد المعلقات سبعا لا غير ) و فيها يقول :

من يسأل الناس يمنعوهُ

و سائلُ اللهِ لا يخيبُ

و ممن قتلهم شعرهم لموقف بطولي و روح عربية أبية : لقيط بن يعمر الإيادي .

و كان يعمل في بلاط كسرى و حين أراد الجبار الفارسي اجتياح القبائل العربية في العراق لسبي نسائهم املى الانتماء على لقيط ان يكتب قصيدة يحذر فيها قومه و يدعوهم إلى الاستعداد لصد الجيش الفارسي :

أبلغْ إياداً و خلّلْ في سَراتهمُ
أنّي أرى الرأيَ إن لمْ أُعصَ قد نصعا

ما لي أراكم نياماً في بُلَهنيةٍ
و قد ترون شهاب الحرب قد طلعا
و اكتشف كسرى أمره فقتله .

و في العصر الراشدي تنقل الروايات أن شاعرا نوبياً ( سودانياً في الأغلب لأنهم نسبوه إلى الحبشة إذ كان العرب يسمون كل البلاد جنوبي مصر و القرن الأفريقي بالحبشة ) و اسم هذا الشاعر سُحيم و كان عبدا لبطن من أسد هم بنو الحسحاس لكنه كان شاعرا غزلا ظريفا يفحش في الغزل أحيانا ما جعل بني الحسحاس يقتلونه غيرة على نسائهم .

و تم قتل ابن الرومي بالسم الذي دسه له في الطعام أحد وزراﺀ بني العباس.و ابن الرومي أغزر شعراﺀ العربية و هو من أمراﺀ الشعر .

وقد قام فاتك بن أبي جهل الأسدي بقتل المتنبي في معركة غير متكافئة عقابا له على قصيدة فاحشة قالها المتنبي يذكر فيها أخت فاتك بسوﺀ و فحش و يقذفها بالزنا ..

أولها :
ما أنصفَ القومُ ضَبّةْ
و أمَّهُ الطُّرْطُبّةْ
( ضبّة : ابن أخت فاتك)

و كان بإمكان المتنبي أن يفر لكن عبده ذكّره ببيته الذي يفتخر فيه قائلا :

الخيل و الليل و البيداﺀ تعرفني
و السيف و الرمح و القرطاس و القلم

فرجع الشاعر إلى ساحة القتال قائلا لعبده : قاتلك الله ..لقد قتلتني .

و في مستهل العصر العباسي تم قتل الشاعر الكفيف بشار بن برد لما في شعره من تفضيل النار على الطين و إبليس على سيدنا آدم و لهجائه وزيرا عباسيا قويا ..

سلطوا عليه العبيد و الأطفال فضربوه و هو – سكران حتى الموت .

و قام أحد القادة العسكريين العباسيين و اسمه مالك بن طوق بقتل الشاعر دعبل الخزاعي إذ ضرب عنقه بالسيف و ذلك انتقاما منه لكونه اختص بهجاﺀ الخليفة المعتصم .

و من أشهر هجائه قوله :

ملوكُ بني العبّاسِ في الكُتْبِ سبعةٌ
و ثامنُهم لم تأتِ فيه ِ لنا كُتْبُ

كذلكَ أهلُ الكهفِ في الكهفِ سبعةٌ
و ثامنُهم إنْ عُدَّ ثامنهم كلبُ
و المعتصم هو ثامن ملوك بني العباس .

و في خمسينيات القرن العشرين تم اغتيال الشاعر المصري الكبير هاشم الرفاعي ضربا بالرصاص ..و قيل إن الحزب الشيوعي المصري قرر تصفيته اتقاﺀ شعره المؤثر ..و قيل غير ذلك ..

و هو شاعر فحل قتل كطرفة و هو شاب فتي ..من أشهر قصائده ( امرأة الشهيد تهدهد طفلها ) و ( رسالة في ليلة التنفيذ ) و هما في تحريك المشاعر لا نظير لهما .

هؤلاﺀ من الشعراء العرب ..و غيرهم كثير ..

و من أشهر الشعراﺀ الأجانب الذين اودى بهم شعرهم الأسباني الأندلسي غارثيا لوركا ..تمت تصفيته في الحرب الأهلية الأسبانية في ثلاثينيات القرن العشرين .. كان لوركا يحب جذوره الأندلسية و يعشق ارتداﺀ الزي العربي أحيانا يتجول به في آثار المسلمين الأندلسية ..وكان يحب الفقراﺀ و البسطاﺀ و يحارب لأجلهم ..
رحل لوركا بجسده و بقي رمزا لأسبانيا وللتحرر في العالم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى