مقالات الظهيرة

عزيزة المعراج تكتب… شواعر

ظل صوت المرأة الشعري حبيس الغياهب ردحا طويلا من الزمن وظل صوتها استثناء تمثله شاعرات نادراتٍ مثل الخنساء في الجاهلية والإسلام، وليلى الأخيلية في العصر الأموي، والفارعة ورابعة العدوية في العصر العباسي وولادة بنت المستكفي في العصر الأندلسي، وعائشة التيمورية في العصر الحديث.

وظل الشعر ميدان فرسانه الرجال فقط لذلك تجدهم يلقبون الشعراء المجيدين بفحول الشعراء وظل هناك تصنيفا دونيا للنساء الشواعر بحسبان ان الشاعرات كن غالبا من زمرة الإماء والجواري والقيان.

وقد ظهرت شوارد من اشعارهن في كتاب «الأغاني» للأصفهاني. وظل اي شعر نسائي يرتبط بتصنيف غالبا حيث نجد ذلك في عناوين الكتب التي تتحدث عن الشاعرات  مثل: «أشعار النساء» للمرزباني و«الإماء الشواعر» للأصبهاني.

و«نزهة الجلساء في أشعار النساء» للسيوطي و«الحدائق الغناء في أخبار النساء» تظهر صبغة التصنيف لشعرهن واضحة في اسماء الكتب الآنف ذكرها اذا تعتبر اشعارهن هي فاكهة مجالس الأنس والسمر والمنادمة.

لذلك ما وصل الينا من اشعارهن كان نموذجا للخلاعة والعواطف الفجة وكانت اشعار تستهدف الإغراء وإثارة المتعة والطرفة.

وبالتأكيد هناك شواعر اخريات في نفس الحقبة لهن انتاج جاد لكن يظل محصورا في قوالب الرثاء والافتخار اذن لم يكن من حق المرأة ان تعبر عما يجيش بصدرها ولا ان تشارك قضايا مجتمعها شعريا وظل هذا الميدان الادبي حصريا على الرجال ووضعوا للنساء قيود ادبية ظلت ردحا من الزمن مستسلمة لها ولا تحيد عنها وظل نموذج الشاعرة البكاءة التي لا تجيد سوى ذرف الدموع سيد الموقف.

ويمكننا ان نرجع شرف تحطيم صنم فحولة الشعر للشاعرة العراقية نازك الملائكة.. فجرت نازك ثورة وكانت هي البداية الحقيقية للصوت الشعري النسائي الجديد، ويمكن اعتبار نازك الملائكة وفدوى طوقان وعاتكة الخزرجي وملك عبد العزيز ولميعة عباس عمارة وآمال الزهاوي ومليكة العاصمي وغيرهن.

هن رائدات الصوت الأنثوي في نسيج اللغة الشعرية، حيث اطلقن العنان لخيالهن البكر و في ادخال بوح وهمس وجهر المرأة وتوقها إلى الحياة والفن وتحررن تابو عدم الاشارة للجسد ولطاقاته الكامنة.

في السودان تأخرت شاعرتنا كثيرا في الانضمام لهذه الثورة وظل صوت المرأة الشاعرة مقتصرا على النائحات والحكامات اللائي يفخرن برجال ومجد القبيلة هو السائد لفترة طويلة ويمكنني ان ازعم ان الشاعرة روضة الحاج هي نازك الملائكة السودانية …في ريادتها للخروج من قالب شعر النواح والفخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى