مقالات الظهيرة

صفاء ابوعبيده كوراك تكتب…..ترامب وجنون الحظر: الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة على السودان

الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على السودان تشمل قيودًا على الصادرات الأمريكية إليها. يبدو أن الإدارة الأمريكية، بقيادة ترامب.

تعتقد أن الشعوب الأخرى يمكن أن تُخضع بسهولة لسياسات الحظر والتهديد، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تعلم الإدارة الأمريكية أن معظم المنتجات الأمريكية لا تُستورد مباشرة من الولايات المتحدة بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان؟!

يبدو أن الخارجية الأمريكية وصلت إلى درجة من السذاجة تجعلها تتخذ قرارات غير مدروسة. السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: هل لدى الولايات المتحدة مكتب محلل ومتابع للشأن الداخلي للسودان، أم أن القرارات تُتخذ دون دراية كافية؟ من المعروف أن آخر قطع غيار أمريكية دخلت السودان كانت في عهد نميري، فهل يعقل أن تُفرض عقوبات جديدة دون دراسة مستفيضة للوضع الراهن؟! إذا كان الحظر يتعلق بالصمغ العربي، فمرحبًا بالقرار، ولكن إذا كان الهدف هو الضغط على الحكومة السودانية، فهل هذه الاستراتيجية ستكون فعالة؟

يبدو أن صانع القرار الأمريكي الجديد يبدأ من حيث رمي الأوراق القديمة، دون دراسة مستفيضة للوضع الراهن.

أما قصة الجنجويد، فالولايات المتحدة الأمريكية السابقة استخدمت عددًا كبيرًا من الحركات المسلحة السودانية في الشرق والجنوب والغرب، وبيادقهم السابقة شاهدة على أحداث اليوم بوعي وطني.

استخدام العقوبات تم وكان في عدد من المفاوضات بند تنازل مقابل رفع العقوبات أو الاسم من القائمة، ولكن الولايات المتحدة أخذت التنازلات واستمرت في العقوبات. إذا كانت العقوبات هذه مثل صوت المدير في طابور الصباح، ترهب الكل ولا تُغير شيئًا، فلماذا تُفرض إذن؟!

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. في مقالها العميق والناقد، تطرقت الكاتبة الأستاذة صفاء أبو عبيدة كوراك إلى السياسات العقابية الأمريكية تجاه السودان، مشيرةً إلى فرض عقوبات جديدة في عهد الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، رغم ما يشهده السودان من ظروف داخلية معقدة وواقع سياسي متغير. وبغض النظر عن (الخلفية الانفعالية) التي قد يفهمها القارئ من عنوان المقال (ترامب وجنون الحظر: الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة على السودان), فإن التحليل الذي قدمته الكاتبة يُعد مدخلًا مهمًا لقراءة سلوك الولايات المتحدة تجاه السودان، قديمًا وحديثًا.

    أولًا: الرؤية الأمريكية العقابية تجاه السودان ليست جديدة

    منذ تسعينيات القرن الماضي، درجت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على استخدام أداة العقوبات كوسيلة للضغط السياسي، وتحديدًا في الملف السوداني. لم تكن واشنطن يومًا بريئة من تسييس العقوبات أو انتقائيتها في تطبيق مبادئ حقوق الإنسان. فقد وُضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب لعقود، رغم ما قدمه من تعاون استخباراتي، بما في ذلك في مجال مكافحة الإرهاب في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر.

    ثانيًا: تكرار الحلقة المفرغة في العلاقة السودانية-الأمريكية

    كما أشارت الكاتبة بذكاء، فإن السياسة الأمريكية كثيرًا ما تبدأ من حيث انتهت السياسات السابقة دون مراجعة موضوعية، بل أحيانًا يتم إعادة إنتاج نفس الأخطاء بصورة أكثر حدة. فرض العقوبات على السودان، في ظل واقع لم يعد يعتمد اقتصاديًا أو تقنيًا على المنتجات الأمريكية المباشرة، يُظهر قدرًا من الانفصال عن الواقع السوداني، بل عن مجمل الخارطة الجيوسياسية الجديدة في الإقليم، حيث تتجه دول كبرى إلى التعاون مع قوى بديلة عن الغرب، مثل الصين وروسيا وتركيا.

    ثالثًا: ازدواجية الخطاب الأمريكي ومفارقة “الصمغ العربي”

    إشارة الكاتبة إلى “الصمغ العربي” ليست عبثية، بل هي تذكير ساخر بنفاق السياسات الغربية، إذ يتم تصدير الصمغ إلى أمريكا بصيغ غير مباشرة رغم العقوبات، لأنه يدخل في صناعاتها الحيوية. وإذا كانت الولايات المتحدة تستثني مصالحها من العقوبات، فهل هي حقًا تُعاقب النظام أم تُعاقب الشعب؟

    رابعًا: العقوبات لا تصنع التغيير السياسي الإيجابي

    لقد أثبتت التجربة أن العقوبات الأمريكية لم تؤدِ في الغالب إلى إسقاط أنظمة أو ترسيخ الديمقراطية، بل أضعفت الطبقة الوسطى وزادت من عزلة المجتمعات. السودان ليس استثناءً. وما أشارت إليه الكاتبة من أن واشنطن كثيرًا ما تطلب تنازلات دون أن تفي بوعودها، يعكس تآكل الثقة بين الطرفين، ويُشكل حجر عثرة أمام أي شراكة استراتيجية مستقبلية.

    خامسًا: الموقف الأمريكي الجديد القديم… أين البوصلة؟

    في ضوء المتغيرات الدولية والإقليمية، يبدو أن واشنطن لم تعد تمسك بالبوصلة الحقيقية للتعاطي مع ملف السودان. ففي الوقت الذي يئن فيه السودان تحت وطأة حرب طاحنة ونزاع داخلي معقد، تبدو العقوبات الأمريكية وكأنها رسائل عتاب سياسية لا أكثر، تفتقر إلى مشروع حقيقي لدعم التحول المدني أو بناء الدولة.

    وفي هذا السياق، فإن الرد المناسب على هذه السياسات ليس في الانفعال، بل في تعزيز الإرادة الوطنية، وبناء مشروع سياسي سوداني مستقل عن الإملاءات، يراهن على الداخل قبل الخارج، ويتحرك بدبلوماسية ذكية توازن بين المحاور دون ارتهان.

    ختامًا، نُثمن ما قدمته الكاتبة من رؤية نقدية واضحة لسياسة أمريكية متكررة، نحتاج أن نقرأها لا من زاوية الرفض فقط، بل من زاوية إعادة تشكيل العلاقة معها وفقًا لمصالح السودان العليا، لا وفق ما تفرضه اللحظة الأمريكية أو مزاج صانع القرار في البيت الأبيض.

    مرتضى جلال الدين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى