مقالات الظهيرة

شركة سكر كنانة قصة وطن… يرفض الإستسلام

مقال يكتبه للظهيرة :

دكتور عبد الشكور حسن احمد (المحامي):

عودة سكر كنانة إلى دائرة الإنتاج ليست حدثاً اقتصادياً عادياً، بل هي شهادة حية على أن الأوطان لا تنهض بالصدفة وحدها، وإنما بسواعد رجال آمنوا بقضية وطن، وتحملوا المشاق، وصمدوا حين تراجع غيرهم، وثبتوا حين اهتزت الأرض من حولهم. كنانة، هذا الصرح الصناعي والزراعي العملاق، لم تكن مجرد مصنع سكر، بل ظلت رمزاً للإنتاج الوطني، ودليلاً على قدرة السودان على الاعتماد على ذاته متى ما توفرت الإرادة والقيادة الصادقة. مصنع سكر كنانة هو السودان بعينه

 

لقد مرت كنانة بسنوات عصيبة، تداخلت فيها الأزمات الاقتصادية مع تحديات الحرب القذرة وشح الموارد وتعقيدات التشغيل، حتى خُيّل لكثيرين أن عجلة الإنتاج قد توقفت إلى غير رجعة.

لان الجنحويد دمروا المصنع تماما واتلفوا الزرع والارض والمكنات والاليات

 

لكن التاريخ يعلمنا أن المؤسسات الكبيرة لا تموت ما دام فيها رجال يعرفون قيمتها ويؤمنون برسالتها. وهنا بزغ دور أولئك الرجال الذين رفضوا الاستسلام والخنوع ، واختاروا طريق العمل بصمت، والإصرار بعيداً عن الضجيج.

 

في مقدمة هؤلاء يقف الباشمهندس عبدالرؤوف ميرغني، الذي لم يتعامل مع كنانة كمنصب أو وظيفة، بل كقضية وطنية تستحق التضحية. قاد الرجل فريقه في ظروف بالغة التعقيد، حيث شُحّت المدخلات، وتعثرت الإمدادات، وارتفعت كلفة التشغيل، لكن العزيمة كانت أعلى من كل العقبات. كان حاضراً في التفاصيل الصغيرة قبل القرارات الكبيرة، يتابع، ويخطط، ويصبر، ويعيد بناء الثقة في نفوس العاملين بأن كنانة يمكن أن تعود، وستعود. وعادة باذن الله زاهية راقية تسر الناظرين

 

لم يكن الجهد فردياً، بل عملاً جماعياً شارك فيه مهندسون وفنيون وعمال وإداريون، كلٌ أدى دوره بإخلاص. بذلوا ساعات طويلة من العمل، وتحملوا ضغوطاً نفسية ومهنية قاسية، وواجهوا الإحباط بالأمل، والخسارة بالإصرار. هؤلاء لم ينتظروا مكافأة عاجلة، ولم يطلبوا شكراً، بل كان دافعهم الأول هو الإحساس بالمسؤولية تجاه الوطن، وتجاه مشروع يمثل لقمة عيش لآلاف الأسر، ورافعة اقتصادية للبلاد. وتحدى للعالم باننا مهما تجبر الطغاة بسواعدنا نبنى سوداننا

 

عودة سكر كنانة للإنتاج تعني أكثر من عودة سلعة إلى الأسواق. إنها عودة الثقة في إمكانية النهوض من تحت الركام، ورسالة واضحة بأن السودان لا يزال يملك رجالاً إذا أُوكلت إليهم المسؤولية حملوها بصدق. كما أنها درس في أن الحلول لا تأتي دائماً من الخارج، بل كثيراً ما تولد من داخل المؤسسات حين تُدار بعقل وطني نزيه.

 

اليوم، ومع دوران عجلة الإنتاج من جديد، تُسجل كنانة صفحة مشرقة في كتاب الصمود السوداني. صفحة كتبها رجال آمنوا بأن الوطن يستحق، وأن العمل الجاد هو أصدق أشكال الانتماء. وستظل عودة كنانة شاهداً على أن الإخلاص حين يقترن بالخبرة، يصنع المعجزات، ويعيد للأرض نبضها، وللوطن كرامته الاقتصادية والعمرانية.

شكرا لكل منسوبى شركة كنانة شكرا الباشمهندس عبدالرؤوف ميرغنى

حفظ الله سوداننا الحبيب

والله المستعان

عبدالشكور حسن احمد

المحامى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى