د. محمد تبيدي يكتب… واشنطن تُنصت لصوت الوطن.. لا لصدى المرتزقة
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾
صدق الله العظيم
وعلى حد قولي:
لا السيفُ وحدهُ يحمي البلادَ إذا غفا الوعيُ عن خُطْبِ السياسةِ العَمْيَا
فخُذها صموداً في الميدانِ مُتّقداً وخذها بياناً
يُضيءُ الحقَّ والإيّا
تمضي الخرطوم بخطى واثقة نحو ميدانٍ جديد من ميادين الصراع، لا يُسمع فيه دويّ المدافع ولا هدير الطائرات، بل تُسمع فيه لغة التُوزن فيه المواقف بميزانٍ دقيقٍ من السياسة والعزم.
إنها واشنطن، حيث تخوض حكومة السودان حرباً دبلوماسية لا تقل شأناً عن الحرب العسكرية في الفاشر وأم درمان، دفاعاً عن شرف الوطن وكرامة جيشه.
تشكيلة الوفد السوداني الذي يفاوض هناك، بوجود وزير الخارجية المكلّف الفريق محي الدين سالم ورئيس الاستخبارات الفريق ركن أحمد علي صبير، ليست تفصيلاً بروتوكولياً، بل رسالة حازمة للعالم:
أن الملف في يد الدولة، وأن الجيش هو عمودها الذي لا ينكسر.
ولئن تحدّث البعض عن “صفقات” و”مقايضات”، فإن الحقيقة التي يجب أن تُعلن على الملأ هي أن السودان لا يساوم على كرامته، بل يسعى لتثبيت عدالة قضيته.
فإذا كانت أجندة المفاوضات واضحة ومعلنة للشعب، ومرتكزة على تجريم مليشيا آل دقلو الإرهابية وتصنيفها كمنظمة إجرامية، فإن في ذلك حمايةً للجيش لا خطراً عليه، وانتصاراً للشعب لا تفريطاً في حقه.
إن تجريم تلك المليشيا الإجرامية ليس مطلباً تفاوضياً فحسب، بل واجباً أخلاقياً وإنسانياً يجب أن تتبنّاه كل دولة تُعلن احترامها لحقوق الإنسان.
وإن إعلان الولايات المتحدة تصنيف هذه العصابة كتنظيمٍ إرهابيٍّ، سيكون اعترافًا دولياً بأن الجيش السوداني لا يحارب مواطنيه، بل يحارب الإرهاب نفسه.
إن الشفافية التي دعا إليها الشعب السوداني في هذه المفاوضات، ليست ترفاً سياسياً، بل عنواناً للصدق الوطني، فحين تُدار الملفات أمام أعين الجماهير وعبر المنصات الرسمية، يسقط الغموض وتعلو الثقة، ويصبح الوطن كله شريكاً في القرار.
واشنطن اليوم ليست ساحة تنازلات، بل ميدان دفاعٍ عن السيادة السودانية بوسائل السياسة لا السلاح، وهي امتدادٌ لمعركة الكرامة في صورةٍ أخرى: معركة وعيٍ، وبيان، وثباتٍ على الحق.
وأنا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة