د. محمد تبيدي يكتب…. الفاشر مسرح الفظائع: أبولولو ومسرحيات الاعتقال الإعلامية
﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾
صدق الله العظيم
منذ اللحظة الأولى لانطلاق الحرب، انطلقت مليشيات الدعم السريع بلا رحمة، لتزرع الموت والاغتصاب والفوضى بين المدنيين العزل، لتصبح دارفور والفاشر على وجه الخصوص مسرحاً لمجازر وحشية لم تعرف لها الإنسانية بعد الخرطوم والجزيرة وسنار .
أبولولو المجرم الذي يفاخر بأنه قتل ألفي مدني واخطاء الحساب وسيعيد الحساب من الرقم واحد لم يكن مجرد فرد يحمل السلاح، بل كان رأس حربة لنظام كامل من الإرهاب المنظم، نظام يلطخ يده بدماء الأبرياء دون أي شعور بالمسؤولية أو الرحمة.
دخلت مليشيات الدعم السريع الفاشر على جثث المدنيين، لتنهش الضمائر والمجتمع الدولي على حد سواء. لقد دُمرت المستشفيات والأسواق والمدارس، وسُفكت دماء الأطفال والنساء والشيوخ وقتلت المرضي في المستشفيات بينما كانت أجهزة الإعلام الموالية للمليشيا تحاول تلميع صورتها، وتصوير ما حدث على أنه “عملية عسكرية ناجحة” أو “إنجاز للعدالة” كما يزعم ابواقهم في القنوات الفضائية.
لكن الحقيقة التي وثقتها الأقمار الصناعية كانت أشد فظاعة مشاهد الدماء والدمار لم تترك مجالاً للشك، وكانت شهادة حية على وحشية هذه الجماعة.
وفي محاولة يائسة لتجميل صورتهم، أطلقت المليشيا تمثيلية الاعتقال الإعلامية لأبولولو، التي تشبه في زيفها نسخة حميدتي الإلكترونية السابقة، محاولة لصرف الأنظار عن جرائمهم الحقيقية، وإيهام المجتمع الدولي بأن هناك محاسبة ومساءلة. هذه التمثيلية لم تكن أكثر من مسرحية، أُعدت بدقة لتظهر وكأن العدالة تأخذ مجراها، بينما الواقع على الأرض يثبت أن أبولولو وكامل قيادات المليشيا مستمرون في ارتكاب الجرائم تحت غطاء كامل من داعمهم الرئيسي، “شيطان العرب” محمد بن زايد، الذي وفر لهم التمويل والسلاح والغطاء السياسي، ليصبح النظام الإجرامي متكاملاً من رأسه إلى أخمص قدميه.
وليس أبولولو وحده من يتحمل المسؤولية؛ فالمليشيا كلها مسؤولة عن هذه الفظائع، وكل من يساندهم أو يدعمهم يصبح شريكاً في الدماء التي سفكوها. هذه الجرائم ليست حوادث متفرقة، بل جزء من خطة ممنهجة لإرهاب المدنيين وتشريدهم، وإشاعة الفوضى والخراب في دارفور، بينما الصمت الدولي يظل العدو الصامت للعدالة.
لقد حاول الإعلام الموالي أن يبرر التمثيلية الإعلامية، لكن الأقمار الصناعية فضحت كل الأكاذيب، وأن المجتمع الدولي ظل متفرجاً لا يحرك ساكناً، مكتفياً بالشجب الضعيف والمواقف الدبلوماسية الرتيبة، بينما دم كل بري في زمتهم.
إن هذه التمثيلية الإعلامية، سواء كانت نسخة أرجوس أو نسخة حميدتي الإلكترونية، لا تنطلي على أي عقل واعٍ، فهي مجرد محاولة لتبييض صفحة مليشيا الدعم السريع، وإخفاء سجلها الإجرامي أمام العالم، بينما الحقيقة الصادمة أن الفاشر وما حولها شهدت واحدة من أسوأ حملات الإرهاب المنظم في تاريخ السودان الحديث.
المطلوب اليوم هو محاسبة حقيقية لكل المجرمين، وكشف كل شبكات الدعم المالي والسياسي لهم، وإرسال رسالة واضحة بأن العدالة لا تموت مهما حاولوا التلاعب بالإعلام أو إنتاج تمثيليات إلكترونية. فالعدالة ستأتي بلا ريب، والضحايا سيذكرهم التاريخ، ولن يفلح أبولولو ولا غيره في طمس الحقائق.
وأنا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة