د. محمد الأمين علي ابوخنيجر يكتب في (نبض الفكرة)… صناعة المحتوى الصحفي : بين الكسل المهني وتهديد مستقبل الصحافة السودانية
في ظل التطور الكبير الذي تشهده تكنولوجيا الاتصال أصبح الذكاء الاصطناعي أداة حاضرة في مختلف مجالات الحياة و لا سيما في صناعة المحتوى الصحفي، وبينما كان يُنظر إليه في البداية كوسيلة مساعدة لتحسين جودة الكتابة تحول لدى البعض إلى بديل كامل عن الجهد البشري مما يضع كثير من التساؤلات حول أخلاقيات المهنة ومستقبلها في السودان.
نبض الفكرة هو أن الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي في الكتابة الصحفية يحول الصحفي من باحث ومحلل وناقل أمين لواقع الأحداث إلى مجرد ناقل لما ينتجه برنامج ذكي، هذا التحول يعكس الكسل والعجز المهني و يكشف عن عجز في تطوير القدرات الشخصية وغياب للحس النقدي وابتعاد عن قضايا مهمة وحيوية تتطلب فهم عميق وسياق محلي لا يمكن للآلة أن تدركه.
هذا طبعا غير المحتوى الركيك والأخطاء الفادحة التي تشوه الواقع الصحفي بالأخص في الصحافة الإلكترونية التي أصبحت تعج بالمقالات الركيكة والمليئة بالأخطاء اللغوية والمعلوماتية التي تدل على أن كاتبها لم يبذل أي مجهود سوى النسخ واللصق وبكل فخر تجد اسمه يتصدر مضمون المقال دون أن يشعر بأي مسؤولية تجاه المحتوى الذي ينشره أو القارئ ، وبلاشك مثل هذه الممارسة تسيء للصحافةو تهدد مصداقيتها وتضعف ثقة الجمهور في وسائل الإعلام .
من خلال متابعتي في الآونة الأخيرة للصحف والمنصات الإلكترونية لاحظت أن الصحافة السودانية تمر بتحديات مهنية متمثلة في بعض الكتابات الصحفية والمحتوى الذي يعتمد أصحابه اعتماداً كلياً على الذكاء الاصطناعي، محتوى لا يمثل المجتمع وقضاياه بعيد جدا عن الدقة في البيانات والمعلومات عبارة عن كلمات مرتبة ومنسقة بواسطة الآلة الذكية التي لا تستطيع أن تعبر عن صوت الناس .
لا شك أن الذكاء الاصطناعي أداة فعالة لترميم الكتابات وتدقيق المعلومات بشرط أن لا يكون بديلًا للعقل البشري، فالصحفي الحقيقي هو من يستخدم التكنولوجيا بذكاء ، لا أن يستسلم لها ويتركها تفكر وتكتب وتقرر عنه.
✍️ وأخيرا……..
نبض الفكرة يكمن في أن مستقبل الصحافة في السودان مرهون بقدرة الصحفيين على التمسك بأخلاقيات المهنة وتطوير أدواتهم الفكرية واستخدام التكنولوجيا بحكمة، ولاعيب في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، العيب كل العيب أن نضع أسماءنا على محتوى لم نكتبه ولم نفكر فيه، ولم نتحقق من صحته.
د. محمد الأمين علي ابوخنيجر mhmdalprof9927@gmail.com