مقالات الظهيرة

الخير موسى يكتب… الشوارع الخائنة… حين يُطعَن الوطن من الخلف

ما حدث اليوم من خروج مجموعة من الشباب، مدّعين الاحتفال وإحياء “ديسمبر” – أيّاً كان المسمّى – لا يمكن قراءته بمعزل عن سياقه الحقيقي. هذا الخروج، في تقديري، مرتب وموجّه من جهات داخلية تسعى لخلخلة الجبهة الداخلية، وإرباك المشهد، وتفتيت التلاحم الشعبي والالتفاف الوطني خلف القوات المسلحة.

ليعلم كل من يظن أن القفز على رؤوس الأفاعي بلا ثمن، أن لهذا العبث ردوداً قاسية. فهؤلاء يسيئون إساءة مباشرة لمن يحملون البنادق الآن في الخنادق، يدافعون عن الأرض والعِرض، بينما غيرهم يعبث بالشوارع تحت لافتات زائفة وشعارات مستهلكة.

عندما اشتدت المعارك، وكانت شوارع أم درمان تعجّ بقناصة المليشيا، من الذي حمل الوطن؟

هؤلاء الشباب أنفسهم، بصدور عارية وإرادة صلبة، قدّموا الدماء وحرروا الأرض .

دماء الشهداء لم تجف بعد، وكل بقعة في أم درمان، وفي مدن السودان الأخرى، تحمل ذكرى شهيد أو جريح. فبأي حق تُدنّس هذه التضحيات؟

المعركة اليوم معركة وطن، لا معركة شعارات ولا تصفية حسابات سياسية ، معركة وجود، والظرف لا يسمح بالرمادية ولا بالمناورات من يدفع بهؤلاء ويوفّر لهم الحماية بقصد الضغط على أطراف بعينها، إنما يقود البلاد إلى تشظٍ أخطر مما نعيشه الآن.

لا يمكن، ولا يُقبل، أن تُساء لمن يحمل البندقية في الخطوط الأمامية، مسانداً لقواته المسلحة، من أجل إرضاء زيد أو عبيد.

الشعب أصبح واعياً، ويدرك تماماً من وقف معه في محنته، ومن تآمر عليه لذلك لا تختبروا صبر الشعب مرة أخرى.

الخروج في هذا التوقيت بالذات هو دعم مباشر للمليشيا وأعوانها في الداخل والخارج، وهو طعنة في الروح المعنوية للجنود المقاتلين. والسؤال البسيط الذي يفضح الزيف:

هل يستطيع هؤلاء الخروج في نيالا أو الفاشر مرددين نفس الشعارات؟

الوقت الآن وقت حرب، ووقت اصطفاف وطني، ووقت تلاحم كامل خلف القوات المسلحة . لا تفسدوا هذا الالتفاف من أجل مصالح شخصية ضيقة، فالتاريخ لا يرحم، والدم لا يُنسى، والوطن أكبر من الجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى