مقالات الظهيرة

اعياه النضال بدني…!!

الظهيرة- عبد الله حسن محمد سعيد:

اطلالة علي هذه المدينة المعطاءة صاحبة القدح المعلا في تاريخ النضال السياسي في السودان والتي تفجرت ينابيعه منذ ما قبل مؤتمر الخريجين الذي كان تتويجا لمسيرة طويلة من النضال الوطني.

الذي تفجر شلات متتابعة من ابنائها وهم يقفون سدا منيعا امام صلف المستعمر وغروره في ازمنة مختلفة .

وكانت رسالاتهم قوية ومعبرة عن رفض لكثير من التوجهات الاستعمارية وتعبر عن روح وطني خالصة وثابة تشكل انموزجا يلتف حوله ابناء الجزيرة في قراها ومدنها الممتدة .

هذه المدينة التي امتازت بانسانها الاجتماعي الذي تماسكت عري علاقاتهم الاجتماعية لتصنع جيلا متميزا في كل حياته تميزا بالتعاون والايثار والكرم يزينهم ادب صوفي متميز حيث انها مدينة القباب تناطح السماء علوا بقرأن الفجر يتلي .

وبالذكر تصدح به الاصوات التي جملها الرحمن بمزامير داؤد مفعمة بالادب الصوفي الحق وهي محاطة بسوار تزينه قباب لها تاريخها البازخ في ابي حراز وطيبة وام سنط ومارنجان وغيرها.

تحفظ ذلك التاريخ الذي اضفي اليه مشروع الجزيرة والمناقل بعدا أخر جعل منها مهبطا للخير ومنبعا اقتصاديا جعل افئدة من الناس تهوي اليها والي ما حولها من المدائن والقري تنهل من خيرها العميم دون من ولا اذي.

وجد فيها الكل مطرحا آمنا ومرتعا خيرا ومتنفسا طيبا فكانت ومازالت مدينة تمثل السودان مصغرا بكل سحنه واعرافه ومكوناته الاجتماعية والعرقية ومعتقداتهم الدينية ..

وجدت فيه المسيحية واليهودية والقبطية مناخا صالحا للتعايش مع سماحة الاسلام وخلق المسلمين وادب المدنيين.

فلم تشهد المدينة يوما صراعا قبليا او دينيا او منهجيا بل كانت تفتح ذراعيها الحانية للكل ترحابا وحبا وتعاطفا رفعت شعارها الزاهي كأم رؤوم وحضن دافئ حنون ومرتعا آمنا لا تزعجك فيه الغيوم ولا تبللك فيه قطرات الامطار …

مدني الجمال التي تغني بها الشعراء شعرا مموسق منغم يبدع فيه ابناء المدينة تخليدا لها وتمييزا لها فهي مدينة الشعراء والفنانين والادباء والعلماء والسياسيين حصرهم يحتاج لسفر كبير وسيرتهم تملا الافاق والحانهم تطرب الاذان واسماؤهم تقف لها الصفوف تحية لبذل طال من عمر الزمان دهرا ..

كتب فيها الكتاب اسفار تحكي عن حكايات كأنها من الف ليلة وليلة وكأنها مغتبسة من كليلة ودمنة احيت ليالي شهرزاد.

وسكنت وجداننا بلا ميعاد اذكر منها قصة لذلك الطود الشامخ شموخ مدني رجل البر والاحسان الذي اوقف ماله وارضه وبنيه لهذه المدينة تجد له في كل ركن اثر وفي كل موقع بصمة وفي كل دار محمدة علم في رأسه نار انه ابوزيد..

حكي لي احد اعلام المدينة ان ابوزيد كانت له علاقة مع الحاكم الانجليزي كأحد اعيان المدينة الذين يرجع اليهم المواطن في كل امر وكان رجلا حكيما يعرف كيف يبلغ مطلوبات اهله ويتحدث باسمهم للحكام الذين كانوا يلبون طلبه لعلمهم بنزاهته وحكمته وعلاقاته الممتدة .

ويقول محدثي بان احدهم من المدينة وشي بابوزيد للحاكم مما جعله يبدل وجهه ويظهر عدم رضاه من ابوزيد فما كان من ابوزيد أحمد الا وان قاطع مجلس الحاكم (والمشتهي الحنيطير يطير ) وسعيه في مصالح الناس لديه.

بعد حين استبان للحاكم كذب الفرية التي جعلت ابوزيد يقاطع الحاكم واستبان له بان وجود ابوزيد يعني استقرار حكمه وعلاقته باعيان المدينة فارسل من يعتذر لابوزيد فقال ابوزيد لرسول الحاكم كدي اقعد النقول ليك القصة دي ..

حكي ان اسدا افتري علي حيونات الغابة ومنعها الظل الظليل والماء العذب والصيد الثمين ، اجتمع اهل الغابة لبحث الامر وايجاد الحل فعجزوا واحتاروا في الفعل وهم يعلمون بطش الاسد وقوته وغروره.

انبري الثعلب ابوالحصين صائحا انا وجدت الحل فارسلون ذهب الثعلب للاسد وهو يبكي ويصيح مولولا حتي دنا من الاسد الذي زمجر وانتهر الثعلب فقد اضجعت منامي وسأله ما بالك تبكي فقال الثعلب.

ابكي خوفا عليك وعلي هيبتك التي كادت ان تنتهي فقد رأيت في كل مطرح نمت فيه او ظل التجأت اليه او صخرة اتكأت عليها صوفا من فروتك الذهبية الرائعة فخفت ان ينزع صوفها شيئا فشيئا فتصبج اجربا تفقد هيبتك وزينتك فتصبح الغابة بلا ملك مهاب يقيم فيها العدل …

حزن الاسد وقال للثعلب لقد جئت شيئا عظيما ما العمل ، وبعد تفكير قال الثعلب وجدت الحل هناك جاموس عظيم الجثة اقتله وكل لحمه وساصنع لك منه عبائة جميلة ترتديها وتنزعها عند المواسم وحكم الغابة حتي تحفظ ذلك الثوب الذهبي الرائع استبشر الاسد ونفذ ما نصحه به الثعلب..وافق الاسد وصنع الثعلب ثوبا من جلد الجاموس عباءة اعجبت الاسد ولبسها مزهوا ..

مضت الايام وكانت العباءة تضيق كلما تعرضت للشمس والهواء حتي يبست وتيبست معها فرائص الاسد واصبح بلا حراك وعجز عن الحركة حتي كاد ان يهلك عطشا وجوعا ..

فرحت الحيوانات واثنت علي الثعلب الذي اصبح مزهوا بفعله ..

وفي هذا الوضع والاسد ملقي تحت شجرة اعياه العطش والجوع مر به فأر سال عن حاله فاخبره الخبر فقال الفأر ان خلصتك فهل تعينني نائبا لك فانا احسن الحكم والنصح والتدبير رضي الاسد بالحكم.

وشرع الفار في فك ما اخيطت به العباءة حتي خلص الاسد الذي اطلق لساقيه العنان نحو الصحراء فناداه الفأر الغابة من الاتجاه المعاكس الي اين تذهب وهنا قال الاسد غابة يربط فيها ابو الحصين ويحل فيها الفار هدا طرفي منها ….

وعي المرسال الدرس وفهم المراد وبلغ الرسالة … هذه هي حكمة ابوزيد التي كانت دوما تميز حياته بين اقرانه.

اضافة لما اتصف به من كرم حاتمي وعمل الخير الذي تشهد به الاوقاف في كل ركن ركين من هذه المدينة تقف كلها صدقة جارية ومثالا للصدق والوفاء والايثار ….

الا رحم الله ابوزيد وجيله الذين وضعوا اساسا متينا لفعل الخيرات والبناء الوطني ووضعوا بصماتهم في المساجد بناءا.

وفي المدارس تأسيسا وفي الجامعات والمستشفيات تاسيسا واعدادا وتجهيزا . هكذا كانوا دوما عاشوا للناس حتي اتاهم اليقين …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى