سوشال ميديا

في حوار شامل مع المدير التنفيذي لمحلية مدني الكبرى الخطيب:  المواطن شريك أساسي.. نماذج مشرقة في المشاركة المجتمعية الفاعلة… منظومة أمنية متكاملة.. تعاون مثمر لاستعادة الاستقرار والأمان (2-2)

الصحة والتعليم في الصدارة.. استثمار في الإنسان لضمان مستقبل أفضل”

“تحديات الموارد والآليات.. خطط طموحة لإعادة بناء أسطول المركبات وضمان استمرارية الخدمات”

 

“إنجازات مرحلة ما بعد التحرير.. تعاون مثمر وإرادة جماعية لإعادة الحياة إلى المدينة”

مقدمة الحوار

بعد محطات التحدي والصمود، تستمر ملحمة إعادة البناء في محلية مدني الكبرى بخطى ثابتة. في هذا الجزء من الحوار، يكشف المعتمد عن استراتيجيات مواجهة التحديات الأمنية والخدمية، وكيف تحولت إرادة التعافي إلى واقع ملموس، مسلطاً الضوء على الركائز التي تقوم عليها مرحلة الاستقرار والنهوض.
**حاوره: تاج السر ود الخير

في ظل التحديات الأمنية المتنوعة التي تواجهها المحلية، كيف يتم التنسيق بين الأجهزة الأمنية المختلفة لمواجهة التفلتات الأمنية في الأسواق ومواقف المواصلات والمناطق العشوائية؟

تعمل لجنة أمن المحلية ضمن منظومة متكاملة للتنسيق المستمر مع جميع الأجهزة الأمنية، حيث تعقد اجتماعات دورية تناقش فيها كافة البلاغات الواردة من الأسواق والأفراد. وقد شكلنا هياكل تنظيمية متخصصة في الأسواق تضم لجاناً تنظيمية تعمل على متابعة المخالفات وتحويلها إلى المحاكم التي تتعاون معنا بشكل فاعل.

تشارك في هذه اللجنة جميع الأجهزة الأمنية النظامية بما في ذلك الشرطة بمختلف تخصصاتها والأمن العام، كما تنضم إليها هيئة حماية المستهلك ضمن لجنة عليا على مستوى الولاية، مع تشكيل لجان فرعية على مستوى المحليات. وقد تمكنا من معالجة العديد من التحديات الأمنية التي واجهت الأسواق ومواقف المواصلات في الفترة السابقة.

لا تقتصر جهودنا على الأسواق فقط، بل تمتد لمعالجة التفلتات في أطراف المدينة حيث تتواجد مناطق سكنية عشوائية وتنتشر بعض الممارسات المخالفة. وقد استطعنا من خلال اللجنة الأمنية التعامل مع شكاوى متعددة من مختلف أحياء المدينة.

تعمل قواتنا المشتركة من خلال دوريات ليلية ومراكز ثابتة منتشرة، وتستقبل اللجنة البلاغات وتتعامل معها فوراً، كما يتم رفع القضايا التي تتجاوز اختصاص اللجنة إلى لجنة أمن الولاية.

يشكل إنشاء نقاط للشرطة المجتمعية في أحياء المدينة نقلة نوعية في عملنا، حيث تساهم بشكل كبير في الحد من الجريمة واستباقها قبل الوقوع. وقد أسهمت هذه الخطوة بشكل ملحوظ في تقليل المشاكل التي كانت تصل إلينا.

كما نعمل ضمن توجيهات السيد الوالي بمنع إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات، وقد تمكنا من السيطرة على هذه الظاهرة بشكل كامل. وتستمر جهودنا بشكل متواصل لضمان استقرار الأوضاع الأمنية وتطوير آليات العمل لمواجهة أي تحديات مستقبلية.

في ظل أهمية التعليم كأحد الدوافع الأساسية لعودة النازحين، كيف تتعامل المحلية مع تحديات القطاع التعليمي وما حجم الدعم المقدم لإعادة تأهيل المدارس وتجهيزها؟

يمثل التعليم أحد الركائز الأساسية التي تعمل عليها محلية مدني، حيث يشكل وجود بيئة تعليمية مناسبة حافزاً رئيسياً لعودة المواطنين من مناطق النزوح. وقد بدأنا تعاوناً وثيقاً مع وزارة التربية وإدارات التعليم بمختلف مراحلها، حيث قدمت المحلية دعماً متكاملاً للمدارس رغم التحديات الكبيرة.

تمكنا من صيانة العديد من المدارس بشكل كامل، بينما قدمنا دعماً متفاوتاً لمدارس أخرى، ولا نزال مستمرين في دعم صيانة مدارس مثل مدرسة العدوية ومدرستين في منطقة دردق. وقد شمل دعمنا تقديم الأثاث المدرسي ومكاتب المعلمين وأجهزة الحاسوب والمعدات الكهربائية لمختلف المراحل التعليمية.

واجهتنا تحديات كبيرة في البنية التحتية للمدارس، لاسيما دورات المياه التي تعرضت للانهيار التام خلال موسم الخريف. وقد قمنا بصيانة معظم الحالات التي وصلتنا وأعدنا تشغيلها، ونواصل تقديم الدعم للمدارس التي تتواصل معنا والتي لم تتواصل، ضمن شراكة استراتيجية مع وزارة التربية والتعليم.

أما فيما يتعلق بالكوادر التعليمية، فإن وزارة التربية تنفذ خططها لتغطية النقص في المعلمين والمعلمات عبر تعيينات جديدة في مختلف المراحل التعليمية، كما توجد فرص لدخول معلمين جدد للولاية. ونحن نعمل بتنسيق كامل مع هذه الجهود لضمان توفير البيئة التعليمية المناسبة التي تشجع العودة الطوعية وتضمن استقرار العملية التعليمية.

باعتباركم القيادة المحلية لمدينة مدني، كيف تواجهون تحديات النقص في الموارد والآليات، وما هي خطتكم الاستراتيجية لإعادة بناء أسطول المركبات وتأمين المستلزمات الأساسية لضمان استمرارية الخدمات؟

تواجه محليتنا تحديات كبيرة في توفير المستلزمات الأساسية تشمل نقصاً في الأثاث والمقاعد وأجهزة الحاسوب والأدوات الكهربائية، لكن التحدي الأكبر يتمثل في نقص المركبات والآليات التشغيلية. وقد وضعنا خطة طموحة لتعويض هذا النقص، حيث تقدمنا بطلب لشراء مركبين للسيد الوالي وحصلنا على الموافقة المبدئية مع إتمام جزء كبير من الإجراءات الرسمية.

في مجال تحصيل الإيرادات، تقدمنا بطلب لتأمين عشر مركبات وخمس مركبات ثلاثية العجلات (ركشات)، وحصلنا على التصديق اللازم، حيث تشكل هذه المركبات دافعاً حقيقياً لتعزيز عملية التحصيل المالي. كما نملك القدرة لتغطية هذه الاحتياجات من خلال موارد المحلية بعد التحسن الملحوظ في إيراداتنا.

لا نتوقف عند هذا الحد، فقد تقدمت الشؤون الهندسية بطلب لتأمين مركبة أو مركتين من نوع قلاب، وآلية تسوية الطرق، وآلية تحميل، ونحن ندرس إمكانياتنا المالية لتغطية هذه الاحتياجات. كما تقدمنا للسيد الوالي بطلب المصادقة والتمويل من ميزانية المحلية، خاصة وأن المحلية فقدت جميع مركبات الوحدات الإدارية التابعة لها.

نحن عازمون خلال السنة الجديدة على توفير مركبة لكل وحدة إدارية، وإعادة بناء قدرات المحلية في جميع المجالات، من الشؤون الهندسية إلى مركبات الوحدات الإدارية وآليات التحصيل. وقد بدأنا العمل على هذا المنهج ووضعنا خطة للسنة الجديدة لتقديم خطوات كبيرة نحو تحقيق هذه الأهداف.

كما نتوجه بالسيد الوالي ووزير المالية لدعم ميزانية المحلية لسد النقص الحاصل، باعتبارنا واجهة الولاية ونتحمل ضغوطاً خدمية كبيرة. نسعى من خلال خطتنا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وعدم الحاجة لتأجير آليات من السوق المحلي.

إن سار العمل وفق هذه الخطة وحظينا بالتعاون المطلوب، فإننا سنتمكن بإذن الله من إعادة أسطول آليات ومحركات المحلية إلى سابق عهده بل وأفضل. وفي مجال إدارة النفايات، فقد تقدمنا بطلب لإخواننا في شركة جياد لتزويدنا بعشرين مركبة ثلاثية العجلات (تكتك) مخصصة للنفايات، لاستخدامها في الأسواق ذات المساحات الضيقة التي لا تستطيع مركبات النفايات الكبيرة الوصول إليها، حيث سنخصص المركبات الكبيرة للشوارع الرئيسية والمؤسسات والأحياء، بينما ستتولى المركبات ثلاثية العجلات مهمة نظافة الأسواق بشكل عام.

في ضوء ما تم تداوله حول إجراءات التحصيل في معبري كبري البوليس وحنتوب، كيف تتعاملون مع متطلبات الجهات الرسمية مع الحفاظ على استمرارية الخدمات ومراعاة ظروف التجار؟

وصلنا خطاب رسمي من الجهات المختصة يطلب إيقاف عمليات التحصيل في معبري كبري البوليس وحنتوب، مما دفعنا لعقد اجتماعات مكثفة مع أمانة الحكومة وإدارة التجارة. كانت جلسات العمل مثمرة وبناءة، حيث تم من خلالها مناقشة وجهات النظر المختلفة.

كانت اللجنة المشرفة ترى أن إجراءات التحصيل الحالية غير مقننة، فقمنا بدورنا بعقد اجتماعات مسبقة مع إخوتنا في الغرفة التجارية، واتفقنا على تعديل مسميات وشروط بعض عمليات التحصيل التي كانت تشكل عبئاً على التجار. نظراً للظروف الإنسانية الصعبة التي يمرون بها بعد فقدانهم لممتلكاتهم، ارتأينا أن يكون التحصيل على العربة الحاملة للسلعة وليس على السلعة المفردة، مما يشكل تخفيفاً كبيراً للأعباء.

وخلال الاجتماع المشترك الذي ضم ممثلين عن محلية مدني واللجنة الرسمية المكونة برئاسة الحكم المحلي وإدارة التجارة، تم توضيح هذا التوجه وإزالة سوء الفهم الحاصل. وقد أثبتنا أننا نقوم بعمليات تحصيل مقننة، حيث أننا لا نفرض رسوماً على السلع العابرة ولا على السلع الاستراتيجية.

وتم تشكيل لجنة مشتركة للإشراف على نقل نقاط التحصيل من المعابر استجابة للخطاب الرسمي، مع وضع خطط بديلة لضمان عدم حدوث أي تفلتات في التحصيل. وسنقوم بنقل هذه النقاط إلى مواقع أخرى تتماشى مع الأنظمة والقوانين المعمول بها.

كان اللقاء ناجحاً وحقق تفاهماً مشتركاً، ونؤكد أن جميع إجراءات التحصيل تتم في إطار الميزانية المعتمدة والمصدقة للعام ٢٠٢٥، ولا يوجد أي تحصيل غير رسمي أو غير مقنن.

بعد التحرير وإعادة تأسيس الخدمات الأساسية، كيف استطعتم إدارة عملية إعادة الإعمار من خلال الموارد المحدودة، وما دور التعاون بين الجهات المختلفة في تحقيق هذا الإنجاز؟

بعد تحرير مدينة ود مدني وتكليفنا بإدارة المحلية، كان أولوية عملنا تنصب على تنظيف المدينة وإزالة آثار الحرب بما فيها هياكل السيارات المدمرة. وقد تم هذا العمل من خلال تعاون وثيق بين أمانة الحكومة وجهاز رقابة العربات الحكومية والشرطة وخاصة شرطة المرور، حيث شكلنا لجان متخصصة لإزالة هذه المعوقات.

تدرجنا في مراحل العمل بدءاً بجلب آليات جمع النفايات وتنظيف الشوارع الرئيسية والأسواق ومواقف المواصلات، استعداداً لعودة المواطنين إلى منازلهم. اعتمدنا في هذه الفترة الأولى على الجهود الحكومية والدعم المقدم من وزارة المالية وأمانة الحكومة، بالإضافة إلى المبادرات الفردية والخيرية.

كان للتعاون الولائي دور بارز في دعم جهودنا، حيث قدمت لنا الولاية الشقيقة ولاية النيل الأبيض دعماً ملموساً شمل أربع عربات نفايات ضاغطة وفرق متخصصة في المياه والكهرباء، عملت معنا لمدة شهر كامل وساهمت بشكل كبير في تعزيز جهود النظافة.

استمر العمل بهذه الصورة بالاعتماد على الجهود الذاتية دون تحصيل رسمي حتى نهاية شهر يونيو عندما تمت إجازة الميزانية. منذ تلك اللحظة استطعنا البدء في التحصيل الرسمي من التجار بشكل تدريجي، مع تقديرنا للظروف الصعبة التي مر بها التجار بعد فقدانهم لممتلكاتهم.

لاحظنا تحسناً ملحوظاً مع تعافي التجار وبدأهم في استخراج الرخص ودفع المساهمات المقررة ضمن الميزانيات المعتمدة. وهذا ساعد في تحسين أوضاعنا المالية وتطوير أداء المحلية، حيث أصبحنا قادرين على تسيير شؤون المحلية ذاتياً بعد أن كنا نعتمد كلياً على وزارة المالية وأمانة الحكومة.

نحن عازمون على مواصلة العمل الجاد والمضني لإعادة المحلية إلى سابق عهدها بل وأفضل، من خلال الجهود المستمرة والالتزام بالقوانين والموازنات المعتمدة من وزارة المالية، ساعين لتحقيق تطلعات المواطنين وضمان عودة الحياة الطبيعية إلى مدينتنا الحبيبة.

برأيكم، كيف تقيمون أداء المحلية خلال هذه الفترة الصعبة، وما مدى رضاكم عن مستوى التعاون مع المنظمات الشريكة في إعادة إعمار المدينة؟

تعاونت معنا جهات عديدة ساهمت في إنجاح أعمالنا، حيث كان من الصعب تحقيق ما حققناه دون هذا الدعم المتعدد المصادر. فقد وقفت إلى جانبنا منذ البدايات منظمات مثل الهلال الأحمر والمشتركة ودرع السودان ومفوضية العون الإنساني، بالإضافة إلى منظمات أخرى عديدة قدموا لنا العون في المجال الغذائي خلال الأيام الأولى، وكانوا عوناً حقيقياً لنا، ولولا دعمهم ما استطعنا تجاوز التحديات في المحلية.

أما بالنسبة لتقييمنا لأدائنا نحن في المحلية، فيمكن القول إننا راضون عن الدور الذي قمنا به في ظل الظروف الصعبة التي واجهناها، حيث كانت الإمكانيات محدودة والتحديات جسيمة. لكننا لا نزال نطمح إلى تحقيق المزيد، ونسعى لإعادة بناء المحلية بكافة إداراتها من الشؤون الصحية والهندسية والإدارة المالية والوحدات الإدارية، حتى تتمكن من تقديم خدمات مرضية للمواطن. ونحن عازمون على التقدم بصورة أفضل خلال العام القادم، من خلال مواصلة العمل الجاد وتطوير أدائنا باستمرار.

في ختام هذا الحوار، ما الرسالة التي تودون توجيهها لجميع الأطراف التي ساهمت في دعم مسيرة إعادة إعمار محلية مدني؟

أتوجه بخالص الشكر والعرفان لكل الجهات التي وقفت معنا في محلية مدني، بدءاً من الجهات الأمنية والشرطية التي ساندت جهود الجيش، والشكر الأكبر لجيشنا الباسل الذي حرر مدينتنا وأتاح لنا العودة إلى منازلنا. ولا أنسى أن أتقدم بالشكر الموصول لإخواننا في مفوضية العون الإنساني والمنظمات المحلية والدولية التي قدمت الدعم خلال الفترة الماضية.

أما مواطنو المحلية الأعزاء، فأقول لهم إن نهضة المحلية وإعمارها لن تتحقق إلا بجهودكم المتواصلة، سواء بالمشاركة البدنية أو الدعم المادي أو تقديم المشورة والرأي. أناشد جميع القطاعات في المحلية من المؤسسات الثقافية والشبابية والمرأة والمنظمات الرياضية وغيرها، أن تضع أيديها بأيدينا للمساهمة في إعادة بناء مدينة مدني، ونعدكم بأننا سنقف معكم بكل ما نملك من إمكانيات.

نتمنى أن تشهد مدينتنا عودة كريمة للحياة الطبيعية، وأن ينعم مواطنو المحلية والسودان كله بالأمن والاستقرار، كما نتمنى النصر الكبير لجيشنا الوطني، وأن يعود السودان آمناً مزدهراً.

ولا يفوتني أن أشكر مرة أخرى الجهات التي ساعدتنا في بداية مشوار إعادة الإعمار، سواءً حكومة الولاية وأمانة الحكومة ووزارة المالية التي كانت الداعم والمرشد لنا، وكذلك كل الجهات الأمنية التي لم تدخر جهداً في خدمة المواطن والحفاظ على أمن المدينة.

**أخيراً

يقدم هذا الحوار صورة متكاملة لملحمة إعادة الإعمار التي تقودها محلية مدني الكبرى، حيث يبرز نموذجاً ملهماً في إدارة الأزمات والتعافي. وتكشف الإجابات عن منهجية قائمة على التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ المرن، مع التركيز على الأولويات وترتيبها حسب الحاجة والضرورة.

تمكنت قيادة المحلية من تحويل التحديات إلى فرص، والعقبات إلى منصات للانطلاق، مستفيدة من رأس المال البشري والاجتماعي كأهم مورد متاح. وقد تجلى ذلك في النهج التشاركي الذي جمع بين الأجهزة الحكومية والمنظمات والمجتمع المحلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى