مقالات الظهيرة

يا أبناء النهود استعدوا لنجدة مدينتكم !!

الظهيرة – بروفيسور عوض إبراهيم عوض:

الأهل والعشيرة في مدينة النهود الباسلة، أنا أدري حجم بسالتكم، وأصالة معدنكم، وحقيقة شهامتكم، وعمق جذوركم الضاربة في تاريخ الصمود والتمسك بالمبادئ والأخلاق والقيم النبيلة.

وأعلم علم اليقين أنكم قد صبرتم على الضيم وعلى الظلم وعلى الجحود سنوات وسنوات قضيتموها في توالي المطالبة بحقوقكم المشروعة.

لأنكم كنتم آخر المدن التي دخلتها الكهرباء، وآخر المدن التي وصل إليها التلفزيون.

وآخر المدن التي دخلتها شوارع الظلط، وآخر المدن التي وجدت آذاناً صاغية من الأنظمة المتعاقبة طوال تاريخ نضالكم البطولي.

ولذا أخاطبكم اليوم أن تتوحدوا وتستعدوا بكل ما أوتيتم من قوة. فالعدو يتربص بكم،

والذي نراه أن خلف الرماد وميض نار. وحاستنا السادسة تقول إن الخونة المارقين والمتفلتين اللئام قد عقدوا العزم على اجتياح مدينتنا العظيمة النهود.

ونحن لا نقرأ الغيوب ولكنَّ المؤشرات جميعها تؤكد أنهم يتآمرون في الخفاء لاجتياح هذه المدينة الباسلة واستباحة أهلها بعد عملياتهم القذرة التي قادوها في بابنوسة والفولة ونيالا والضعين والجنينة وود مدني وغيرها.

لذلك لا بد أن تكونوا حريصين كل الحرص، ويقظين كل اليقظة، وجاهزين بكل أنواع التسلح.

وعليكم أن تعدوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباط الخيل ترهبون به عدوكم وعدو الإنسانية جمعاء. نحن نعلم أن قيادة النهود الآن قيادةٌ شجاعة وباسلة ووطنية حتى النخاع. وقد شهد بذلك القاصي والداني. والكل أشاد بهذا القائد الهمام الذي يقود زمام المدينة.

وقد شهدتم جميعاً كيف أنه أعاد إليكم الطمأنينة والأمن، وأبعد عنكم شبح السرقات والسطو المسلح، وإزكاء نار الفتن.

وأوقف قعقعة السلاح التي روعتكم لأشهر مدلهمات من الفوضى والهلع والقلق المميت. ولذا عليكم أن تضعوا أيديكم فوق أيدي بعض.

وأن تتضافر جهودكم جميعاً، وأن تقفوا صفاً واحداً في وجوه هؤلاء الأوغاد اللئام إذا جاءوا ليستبيحوا عروضكم، وينهبوا ممتلكاتهم.

ويدمروا تماسككم. عليكم أن تغطوا كل ثقور المدينة من زواياها واتجاهاتها الأربعة، ولن تعوزكم الحيلة. وعليكم أن تدركوا أن هذا العدو المتربص بكم عدو جاهل، وغبي، وأخرس، لا دين له.

ولا أخلاق، ولا رحمة، ولا هوية. ودعونا نستنجد اليوم بنخوتكم ورجولتكم وتكاتفكم الذي ألفناه منذ نعومة أظفارنا، حيث عهدنا فيكم التآخي، والتكاتف.

والبسالة، والرجولة، وكرم الخصال، والمحبة، منذ أن كنا في الكتاتيب صغاراً. وحينما دخلنا الخلاوي في بواكير أيامنا وبعدها المرحلة الأولية ثم الوسطى ثم الثانوية.

كنا نشعر بأننا جميعاً أهلٌ وعشيرة كأننا جئنا من صلب رجلٍ واحد. كل تلاميذ القرى كانوا يجيئون إليكم فآويتموهم في بيوتكم كأعظم ما تكون الأبوة.

ونهلوا من معين العلم في مدرس النهود ومعاهدها ثم عادوا إلى ذويهم في قراهم المتفرقة حاملين العلم والنخوة وكرم الضيافة. لم تعرفوا أيها الأهل والعشيرة تفرقة القبيلة ولا خيانة الصفوف.

ولا تنازع الألوان والسحنات والمحتد. ظللنا طوال العمر في ظل هذا التآخي والتآلف والتفاعل والمحبة بمدينتنا العظيمة.

وظلت كل القبائل تتفاعل مع بعضها في المرعى والأسواق والمدارس والأحياء والفرقان.

ويتقاطر نحوها كل عام أبناء الرعاة والمزارعون من أم بل وأم كريدم وود بندة وغبيش وتربة حمرة والخوي وصقع الجمل والأضية وأم قرنا جاك وحمرة الشيخ وحمرة الوز وبير منعم وبارا وأبو زبد وأرمل وغيرها وغيرها.

ولم يقل أحد يوماً إن فلاناً من قبيلة كذا أو قبيلة كذا. وظل الشيخ منعم منصور مؤسس هذا الكيان المتفرد رحمه الله يؤاخي بين الجميع، ويصاهر كل القبائل، ويتعامل مع الكل على أساس المساواة والعدالة التي لا يذكر الإنسان معها إلا معايير النبوة التي أرساها المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ليخلق هذا المجتمع الفاضل الذي ما عرف تاريخ السودان أفضل منه.

إن النهود كعاصمة لدار حمر التي ظلت ولا تزال تسمى فروة النمر تقوم على التنوع والتصاهر والإنسجام بين أيكة البديرية، والسعادتة دار الجوامعة، والفولة دار البقارة، وغريقة أم الديار، وأرمل موطن الكاجا.

وأبناؤها يمثلون عشرة شرتايات. بل وحينما تم إجراء آخر تعداد سكاني لهذه المدينة كانت النتيجة أن سكانها قد بلغوا خمسمائة وثمانين ألف نسمة بينهم أكثر من ثلاثمائة ألف إنسان ليسو من أبناء الحمر ولكنهم يعيشون في وئام وتصاهر ليس له مثيل، مما قاد أميرهم عبد القادر لتقلد منصب أمير أمراء السودان كافةً.

وما كان ذلك إلا عرفاناً لهذه المدينة بالتواؤم والانسجام والتكاتف. إذن هبوا لنجدة مدينتكم كيدٍ واحدة أيها الشرفاء.

وأستعدوا بكل ما أوتيتم من قوة للدفاع عنها وطرد الغزاة ومنعهم من دخولها إذا ما سولت لهم نفوسهم المريضة أن يستبيحوها لا سمح الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى