مقالات الظهيرة

ياسر الفادني يكتب….  نساء يحترقن في صمت!

في تقرير مرعب وصادم، كشفت منظمة العفو الدولية اليوم عن حجم الفظائع التي إرتكبتها قوات الدعم السريع ضد النساء والفتيات في السودان، مؤكدةً أن ما جرى ليس مجرد انتهاكات فردية، بل نمط ممنهج من العنف الجنسي يُستخدم كسلاح لإذلال المجتمعات وتهجيرها وتمزيق نسيجها الإنساني

 

بين أبريل 2023 وأكتوبر 2024، وثّق التقرير، الذي حمل عنوان “لقد اغتصبونا جميعًا”، شهادات مؤلمة لناجيات، بعضهن لم يتجاوزن الخامسة عشرة من العمر. 36 امرأة وفتاة تعرّضن للاغتصاب أو الاغتصاب الجماعي، في مشاهد تقشعر لها الأبدان، ارتكبها جنود المليشيا دون خوف أو خجل، بل في وضح النهار وأمام أعين الشهود ووثقوا لذلك بدون خجل

 

من اغتصاب أم بعد خطف رضيعها، إلى إستعباد جنسي دام ثلاثين يومًا، إلى ضرب وتعذيب بماء مغلي وشفرات حادة، يروي التقرير فصلاً مظلمًا من حرب تُدار بلا أخلاق، وبلا أي اعتبار لكرامة الإنسان

 

الأبشع من ذلك، أن هذه الجرائم جرت دون محاسبة، بل وسط صمت دولي “مستهجن للغاية”، كما وصفه ديبروز موتشينا، مدير برنامج التأثير الإقليمي لحقوق الإنسان بمنظمة العفو، العالم وقف متفرجًا، عاجزًا عن وقف الانتهاكات، أو حتى تأمين رعاية صحية للضحايا

 

الناجيات، وقد تم سحق أجسادهن وأرواحهن، لم يجدن من ينصفهن، لا الدول الصديقة ولا من المجتمع الدولي، كثيرات منهن يعانين من مضاعفات جسدية ونفسية، وأطفال شهدوا على هذه الجرائم باتوا يحملون الكوابيس في صمت

 

قوات الدعم السريع لم تكن فقط ترتكب جرائم حرب، بل كانت تمارس إذلالًا ممنهجًا، وأي دولة دعمتها أو زودتها بالسلاح، إنما شاركت فعليًا في هذا العار

 

لقد جرى اغتصاب الوطن كما اغتصبت النساء في صمتٍ مرعب، دون أن ينبس أحد ببنت شفة، وكأن الظلم أصبح قدراً علينا، تواصل المجتمعات الدولية صمتها، بينما تسحق كرامات البشر تحت أقدام الجلادين، لكن الحقيقة لا تغيب، والعدالة يومًا ما ستكشف الوجوه القبيحة وراء هذا الجحيم. سيظل الوجع في القلب، وسيظل صراخ النساء في آذاننا، فلا تنسى أن صمتك اليوم يعني مشاركتك في الجريمة

 

لن تُغفر هذه الجرائم، ولن ينسى العالم أبدًا من تركهن يحترقن في صمت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى