مقالات الظهيرة

ياسر الفادني يكتب…   لندن تناقش الجنازة دون أن تعرف من الميت !!

في ذكرى إندلاع الجحيم على تراب السودان، إجتمع العالم في لندن لا لوقف الحرب، بل لتقنين المأساة وتوزيع المعونات على جثث الضحايا.

مؤتمر بلا أطراف الصراع، وبلا صوت سوداني رسمي، جلس فيه ممثلو دول تدّعي الحياد وهي تموّل النيران سراً، ليتحدثوا عن “سودان آمن” و”دبلوماسية صبورة” بينما تُحرَق دارفور، وتُغتصب النساء، ويُدفن الأطفال تحت الأنقاض

وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، الذي وصف الحرب بـ”الوحشية”، لم يدعُ الأطراف السودانية، ربما لأن الوحشية لا تتطلب شهوداً حين تتحول إلى مشهد سياسي يُدار على طاولة مصقولة بالكلام الناعم ، دعوات لوقف الدعم الخارجي تزامنت مع دعوة دول داعمة للميليشيا، في مفارقة لم تخلُ من استخفاف علني بعقول السامعين، أما التعهدات المالية، فهي مسكنات مؤقتة لأعراض كارثة صنعها التخاذل الدولي، ولن تُطعم جائعاً أو تُعيد مشرداً إلى منزله ما دامت البنادق تتكلم

 

الحكومة السودانية، المُستبعدة من المشهد، وجّهت انتقاداً لاذعاً للمؤتمر، ورفضت “وقف النار” ما لم تنسحب الميليشيا وتُسلم سلاحها، موقف واقعي لا يجد من يستمع له في أروقة تملؤها حسابات النفوذ لا صوت الضحايا، الأمم المتحدة بدورها اكتفت بوصف المشهد بـ”مأساة إنسانية”، وهي ذات العبارة التي تُطلق عادة عندما يُراد الالتفاف على تسمية الأشياء بأسمائها: إبادة، اغتصاب، تطهير

 

ومع ذلك، لا جديد، مؤتمر لندن، مثله مثل المؤتمرات السابقة، مجرد عرض دبلوماسي بارد لمأساة ملتهبة، لا قرارات ملزمة، لا تدخل حاسم، لا تحرك فعلي يوقف سفك الدماء، هو مؤتمر فاشل بامتياز، لا يحرك ساكناً، ولا يملك إلا الكلمات، في وقتٍ تحتاج فيه السودان إلى أفعال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى