مقالات الظهيرة

ياسر الفادني يكتب …. تركنا المعركة وأشعلنا النار في الهشيم!!

يُروى أن رجلًا من العرب كان يملك ناقةً يُفاخر بها في كل مجلس، ويُقسم أنها لا تُهزم في السباق ولا تُشقّ لها غبار، لم يترك مضمارًا إلا وأدخلها فيه، حتى ضاق خصومه بها وبغروره، وذات ليلة، تسللوا إليها وقطعوا أوتارها، وتركوا بجوارها رقعة كتبوا فيها: “الفضل لك، لا لنا… فقد دللتنا على ضعفك بلسانك لا بقوتك

ضحك القوم طويلاً، لا لأنهم أقوياء، بل لأن غباء الرجل منحهم النصر دون عناء

 

أليست هذه حكايتنا؟ نحن من نملك القضية، نعرف العدو، نعرف إسمه ورائحته وسلاحه، ومع ذلك نُعرض عنها وننشغل بسفاسف الأمور، بدل أن نشحذ العزائم ضد الجنجويد، نلهث وراء خبر موت حميدتي أو حياته، نفتح أفواهنا بدهشة، وننثر التحليلات، وننسى أن النار ما زالت تشتعل في دارفور، في كردفان، في الخرطوم

 

حميدتي؟! ما نفع أن يكون حيًا أو ميتًا؟! حياته مذلة، وموته لا يطهر الأرض، بكاؤه دموع التماسيح لا تطفئ حرائق القرى، ولا تعيد الأطفال من تحت الركام

 

المفارقة المؤلمة أننا نخلق للعدو منصات، نهديه الترند، نرفع صوته وسط ضجيج دمائنا، فيمد لسانه لنا من ثقب الخيانة، ثم يدق الدلوكة ونحن نرقص حولها مثل من مسّهم طرب الجهل

العدو لا ينتصر حين يكون قويًا… بل حين ننشغل عنه، حين نفرّ من معركتنا إلى فرجة فارغة، حين نترك الميدان لندخل سوق الثرثرة

 

فلتكن هذه صرخة: كفى لا تعطوا العدو دفوف المجد، ولا تصنعوا له من حماقاتكم منصة، تذكّروا دائمًا: النار لا تُطفأ بمنفاخ الكلام… بل بالوقوف في وجه من أوقدها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى