مقالات الظهيرة

ياسر أبو ريدة يكتب…. صرخة الأرض… بين الحقيقة والمسؤولية!!

تاريخ الزراعة في السودان ليس مجرد فصول عن محاصيل تُزرع وتُحصد، بل هو حكاية وطنٍ بُني على عرق المزارعين، وصبرهم، وارتباطهم الوثيق بالأرض.

ومن بين أبرز المشاريع التي شكلت هذا التاريخ، يظل مشروع الرهد الزراعي عنوانًا للريادة والإنتاج، ورمزًا لصمود المزارع السوداني في وجه التحديات، مهما تنوعت وتبدلت الإدارات والسياسات.

غير أن ما يدور اليوم حول شركة السودان للأقطان يفرض على الجميع وقفة جادة.

فملف الشركة لم يعد شأناً إدارياً أو اقتصادياً فحسب، بل قضية رأي عام تتعلق بحقوق مزارعين أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن، ووجدوا أنفسهم بعد سنوات من الجهد بين دوائر من الغموض والتجاهل.

ما أثاره البروفيسور ناجي مصطفى حول أداء الشركة وملفاتها المالية والإدارية لم يكن سوى صوت من أصوات كثيرة طال انتظارها لتُسمع.

لقد عبر الرجل بجرأة عن ما يدور في صدور آلاف المزارعين الذين ظلمتهم السياسات وسُلبت حقوقهم في وضح النهار.

إننا أمام واقعٍ يتطلب الشفافية والمصارحة، لا التبرير والمماطلة.

فمشروع الرهد وغيره من المشاريع المروية، كان وما زال من أكبر مصادر الإنتاج الوطني، لكنه اليوم يدفع ثمن أخطاء متراكمة وغياب واضح للمساءلة.

الفساد في مؤسسات الإنتاج الزراعي لا يعني فقط تبديد المال العام، بل هو خيانة للأرض وللأجيال القادمة التي تنتظر أن تجد في الزراعة مورد حياة لا ميدان صراع.

وهنا تبرز المسؤولية التاريخية أمام الفريق أبوبكر دمبلاب، الذي يثق فيه المزارعون لما عُرف عنه من نزاهة وانضباط.

فهو اليوم أمام اختبار وطني حقيقي: إما أن يُفتح هذا الملف بكل شجاعة ووضوح، عبر لجنة مراجعة مستقلة وشفافة تُشرك أهل المشاريع أنفسهم،
أو أن يظل الوضع على ما هو عليه، فيتعمق الجرح وتضيع الثقة.

الرهان اليوم على وعي المزارع، وعلى مؤسسات الدولة التي يجب أن تعي أن الأرض إذا صرخت، فإنها لا تطلب المستحيل، بل العدالة.

صرخة الأرض ليست صرخة غضب، بل نداء إصلاح… نداء لإعادة الثقة بين المزارع والدولة، بين العرق والإدارة، وبين الوطن ومؤسساته.

إن من يزرع في أرض السودان لا يطلب أكثر من أن تُحترم جهوده ويُصان حقه.

ولعلنا نتعلم من صرخة الرهد أن الأرض التي تُهمل تذبل، ولكنها لا تموت…

فهي تحفظ الوجع، وتنتظر من ينصفها.

الرفعة والمنعة لقواتنا المسلحة.

مع خالص محبتي وتقديري….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى