مقالات الظهيرة

محمد الطيب عابدين يكتب…. حرية الفرد في الاحزاب السودانية.. المفاهيم — الضوابط ( 3-3) 

الحرية هي قدرة الفرد علي اتخاذ القرار المناسب له دون اي تدخل او تأثير من طرف اخر ، سواء كان تأثيراً مادياً او معنوياً.

وعدم اتباعه لاي شخص بدون تفكير. فكل انسان له الحرية والاستقلالية لذاته في التفكير و اتخاذ القرارات التي يراها مناسبة له ضمن قواعد وضوابط اخلاقية و تشريعية ودينية لا تنفي الصفة الشخصية عن القرار ولكن تضبطها وتوجهها و تنظمها بما يحفظ حريات الاخرين ، فحرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الفرد الاخر .

الحرية في اللغة

-؛؛-؛؛-؛؛-؛؛-؛؛-؛؛-

حرية مصدر حر والجمع حريات ، وحرية اسم من حري والجمع حريون واحرياء ، والمؤنث حرية والجمع للمؤمث حريات وحرايا ، والحرية هي الخلوص من الشوائب او الرق ( رق فكري ) ، وهي حالة يكون عليها الانسان الذي لا يخضع لقهر او قيد او غلبة ويتصرف طبقاً لارادته و طبيعته ، فهي ايضاً حالة الانسان الواعي المدرك الذي يفعل الخير او الشر وهو يعلم ماذا يريد ولماذا يريد ذلك مع وجود اسباب انتهي اليها تفكيره.

 

 

الحرية في الاصطلاح

–؛؛–؛؛–؛؛–؛؛–؛؛–؛؛–

للحرية مفاهيم عدة تختلف حسب زاوية النظر التي تنظر منها لهذا المصطلح ، فمثلاً تعريف الحرية الفلسفي يختلف عن تعريفها القانوني او السياسي او الدستوري.

 

حيث عرف القانونيون الحرية بانها استطاعة الاشخاص ممارسة انشطتهم دون اكراه ، ولكن بشرط الخضوع للقوانين المنظمة للمجتمع.

وعرفها الفلاسفة بان الحرية هي اختيار الفعل عن روية مع استطاعة عدم اختياره او اختيار ضده.

 

اما السياسيون فعرفوها بانها تمكين الافراد من معارضة الحكومة فيما تختص فيه من مجالات ، وذلك للحيلولة دون تمادي الحكام وطغيانهم.

 

 

حرية الفرد الحزبي

-؛؛-؛؛-؛؛-؛؛-؛؛-؛؛-؛؛-؛؛-

هي فطرة الله التي فطر عليها الكائنات جميعاً ، وهي قيمة الاهية منحها الله لعباده ، فمنهم من استخدمها ليحقق غاياتها النبيلة السامية ، ومنهم من جعلها مطية للوصول لاهدافه الخاصة ورغباته الذاتية ، فالحرية نور ونار ، من اراد نورها فاليصطلي بنارها ، والحرية حق شامل لا يتجزأ ولا يختص به شعب دون اخر ، ولا فئة دون اخري ،ولا فرد دون فرد ، فالحرية لنا ولسوانا ، فالفرد الحزبي في السودان يتغذي بالحوار ويعشق الحرية .

والحرية الحزبية تقوم علي ثلاثة ركائز اساسية هي: –

حرية الفكر

حرية الرأي

حرية الفعل

 

 

حرية الفكر

-؛-؛-؛-؛-؛-؛-

ان من اشد الامراض فتكاً بحرية الفرد في الاحزاب السياسية السودانية ، وباء {العبودية الفكرية } حيث يرهن الفرد عقلة وكل منتوجه الفكري لارادة رئس ، او زعيم الحزب ، فلا يفكر الا بما يرضيه ولا يتحرك لا باشارة او توجيه تحكمي منه.

 

لقد خلق الله الارض للأنام ليمشوا في مناكبها ، ويتفكروا في خلقها والسموات ليستنبطون من فكرهم علماً و عملاً والعلم اساسه التفكير فهو بدء التحول من غياهب الجهل الي هدي المعرفة والعلم ، فالانسان خلق حراً في فكره ، فاذا وضع هذا العقل حبيساً لارادة اي مخلوق اخر ، يكون قد خالف ارادة الخالق ، فالعضو الحزبي الفاعل هو المبدع المبادر المبتكر المجدد المطور لفكر حزبه ، وكل هذا لا يتاتي دون اعمال الفكر والتامل والتفكر في انتاج القادة السابقين اللذين ارسوا دعائم الفكر السياسي في السودان.

ان الفكر السياسي يجب ان يعتمد علي الجهد العلمي المخلص ، والبحوث والدراسات الامينة والصادقة المتانية.

 

 

حرية الرأي

-؛-؛-؛-؛-؛-؛-

الراي هو نتاج الفكر الحر المستنير ، وقد يكون في صورة مكتوبة او منطوقة ، وهو التعبير الحر عن الذات دون قيود تكبله ، او اسوار تحد من حريته وابداعه ، فالفرد الحزبي يجب ان يمارس حرية التعبير عن رايه و قناعاته الفكرية في كل ما يطرح امامه من قضايا عامة للوطن ، او خاصة بتنظيمة السياسي ، حتي يستحق ان يكتسب شرف الانتماء الوطني و الحزبي ، فالانعام وحدها هي التي لا تفكر ولا راي لها فيما يدور حولها.

وكما يقول اليابانيون : [[ ايها الانسان..فكر لتبدع ]]

 

 

حرية الفعل السياسي

-؛؛–؛؛–؛؛–؛؛–؛؛–؛؛–

العمل السياسي ، في الغالب ، يكون محكوماً بنظم و ضوابط داخلية ، وقوانين تشرعها الدولة ، ولكن ذلك لا يمنع ان يتمتع الفرد الحزبي بحرية في اداء مهامه وواجباته حتي يستطيع ان يبدع و يجود في عمله الحزبي ، فهو ليس عربة قطار تسير علي قضيب حديدي يحدد لها بداية الطريق ونهاية المسار ، دون ادني التفاتة او حتي لمحة بصر او بصيرة جانبية.

ان العضو الحزبي الذي لا يمارس حرية الفرد في تنظيمه السياسي ، يكون بمثابة العضو المشلول في جسد الانسان فهو ليس عاطلاً عن اداء واجباته فحسب ، انما معطلاً لبقية الاعضاء عن القيام بمهامها وبالتالي تسبب في تعطيل كل الجسد ، فكما ان شلل الاعضاء في جسم الإنسان يكون كلياً او جزئياً ، كذلك شلل العضو في منظومته الحزبية .

 

 

ضوابط حرية الفرد

-؛؛–؛؛–؛؛–؛؛–؛؛–

الحرية المطلقة ، فوضي مطلقة ، والفوضي الحزبية اعصار كاسح يدمر كل اجهزة الحزب ويقعده عن الفعل السياسي ، فيخرج من ذاكرة التاريخ الي مزبلة التاريخ السياسي ، لذلك كانت لحرية الفرد السياسي ضوابط تنظم حدودها ، و تحدد جرعاتها و مقاديرها :

(1) ان تمارس حرية الفرد الحزبية الناقدة من داخل اجهزة و مؤسسات الحزب ، وليس عبر وسائل و وسائط الاعلام او مذكرات الشكوي والنقد الي الاجهزة الحكومية ، وهذا يتطلب ان تكون مؤسسات الحزب نشطة و فعالة و متاحة للعضو حتي يبدي رأيه من خلالها.

(2) ان لا تتعارض حرية الفرد مع الاحكام المنصوص عليها في النظام الاساسي للحزب ( الدستور ) او اللوائح المنظمة لاعماله.

(3) حرية الفرد لا تعني التعصب الاعمي للراي ، فرايك صواب يحتمل الخطأ ، وراي غيرك خطا يحتمل الصواب ، وكما لك حرية راي ، لغيرك ايضاً حرية راي ، والفيصل بين هذه الاراء والافكار الحرة.. هو الديمقراطية ، وليس الكبت و الارهاب الفكري والتعصب الأعمى للراي.

(4) حرية الفرد لا تعني اهدار التراتبية التنظيمية داخل الحزب ، ولا تخطي تدرج الاجهزة الحزيية من القاعدة الي القمة.

(5) حرية الفرد تستوجب احترام القرار الذي يصدر بطريق ديمقراطي وعدم الخروج عليه ، علي ان تكون تلك الاجهزة الصانعة للقرار منتخبة بشكل ديمقراطي ايضا.

(6) يجب ان يحسم اي خلاف في الراي ، عبر القنوات الحزبية فقط و بالاسلوب الديمقراطي.

(7) حرية الفرد تعني و تراعي السرية والانضباط في كل ما يدور داخل اروقة الحزب السياسي.

 

محمد الطيب عابدين

المحامي

بري أيقونة الخرطوم

١٧ يناير ٢٠٢١م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى