مقالات الظهيرة

محمد الطيب عابدين يكتب…..  اصلاح الاحزاب من اصلاح الدولة  ديمقراطية التنظيم ( 2-3)

ذكرنا سابقاً  ( في مقال حكم المؤسسة ) ان الاصلاح لغةً هو الترتيب و التنظيم والاعداد بطريقة لائقة وبعناية تامة.

اما الاصلاح السياسي فيقصد به كافة الخطوات المباشرة والغير مباشرة التي يتعين علي الحكومات ان تقوم بها مع المجتمع المدني للسير بالدول والمجتمعات قدماً ودون تردد وابطاء وبشكل ملموس في طريق بناء نظم ديمقراطية حديثة و حقيقية.

 

ان مفهوم الإصلاح السياسي ينظر له علي أساس انه التجديد او التعديل نحو الأحسن لوضع سئ او غير طبيعي او تصحيح خطأ او تصويب اعوجاج ، ويمكن القول ان الإصلاح السياسي هو عملية تعديل وتطوير جذرية او جزئية في شكل الحكم او العلاقات الاجتماعية داخل الدولة وفي إطار النظام السياسي وبالوسائل المتاحة واستناداً لمفهوم التدرج والاستمرارية والشمول، وهذا ما يميزه عن التغيير .

 

كما ان الإصلاح يجب ان يكون ذاتيا وليس مفروضا من الخارج وواقعيا ينطلق  من واقع الدولة وطبيعة الاختلالات القائمة المراد اصلاحها وبالتركيز علي الجوهر لا  الشكل وعلي الأصل لا  الفرع وعلي  الأهم  ثم المهم.

 

 

الديمقراطية الطريق الي المجتمع المدني

–؛؛–؛؛–؛؛–؛؛–؛؛–؛؛–؛؛–

 

الديمقراطية هي النظام الوحيد الذي يوفر المجال الاجتماعي الذي يستطيع فيه كل الافراد والجماعات والهياكل والمؤسسات ان تتطور داخلياً وتتيح الفرصة لظهور المجتمع المدني الذي يتناسق بحرية نابعة من روح ونصوص الدستور الكافل لاشتراطات التراضي الموضحة لمعالم المواطنة وحقوقها وواجباتها وضمان حرياتها في الاعتقاد والانتماء والتنظيم والعمل ، واحترام انسانيتها والمساواة بينهم بما يحقق العدالة وتكافؤ الفرص في المجتمع القائم علي التكافل الاجتماعي والالتزام بالاداب العامة ، والخالي من التمييز بين المواطنين بسبب الجنس او اللغة او الدين او العرق او الراي.

 

ان الديمقراطية في الشعب السوداني طبعاً وليست تطبعاً ، وحقوق الإنسان فيه كرامة و مرؤة وشرف ، شكل بها وجوده قبل ان يجهر بها العالم وتعلنها منظماته ، حرسها وقانل من اجلها كحق الاهي يتحلي به الانسان الذي كرمه الله وحمله في البر والبحر وجعله خليفة ًفي الارض ، وبالتالي فهي ليست سلطة لاستدرار عطف احد او استمالة كل من حمل السلاح او خالف الحكومات راياً او فعلاً .

 

ان ديمقراطية الدولة تبدأ من ديمقراطية التنظيمات السياسية ، فلا يجوز لتنظيم سياسي يفتقر للديمقراطية داخل هياكله واجهزته وفي قراراته ان يطالب بديمقراطية داخل الدولة ، ففاقد الشئ لا يعطيه..  لانه لا يعرفه.

 

 

الجوع الديمقراطي

*************

تفتقر جل { وليس كل } الاحزاب السياسية السودانية الي ديمقراطية التنظيم داخل اجهزتها الحزبية ، الامر الذي ادخل الاحزاب في حالة من الجوع الديمقراطي ، وهي حاجة ماسة ومسعرة تطال بسعارها مفاصل الاحزاب فتصيبها بتكلس و جمود يؤدي بها الي مسارب تجنح بها بعيداً عن افكارها و مبادئها و اهدافها فتظهر عليها الاف العلل فيقاتل اعضاؤها بعضهم البعض فيقتل الحزب نفسه ويحرق ارضه ويأكل بنيه و ماله وينتحر.

 

ان ديمقراطية التنظيم تعني ان تعتنق كل اجهزته مبدأ الديمقراطية طريقاً لاتخاذ القرار و انتخاب القيادات العليا والوسيطة والقاعدية ، في انصياع كامل لرأي الاغلبية مع احترام رأي الاقلية في انضباط تام ، علي ان لا تنفرد اية قيادة مهما كانت بتبديل او تعديل القرارات الصادرة من الاجهزة بطريق ديمقراطي.

 

كما ان ديمقراطية التنظيم تستوجب ان يبدأ التنظيم في نقد وتعديل و تبديل مؤسساته الحزبية حسب الضرورة وحسب الكفاءة الازمة المطلوبة ، وحسب العدالة المنطقية التنظيمية التي يستوجبها التشريع الحاكم له اولاً ، ثم قتل القضايا الحزبية والتنظيمية بحثاً عميقاً قبل مرحلة اتخاذ القرار ، كما يجب ان تتخذ القرارات الصادرة عن طريق ديمقراطي بكل شفافية وصرامة وحسم راشد.

 

ان ممارسة الديمقراطية كاملة داخل الحزب السياسي تستوجب علي اعضائه عدم الخروج علي القرار الذي يصدر بطريق ديمقراطي ، وان يحسم كل خلاف في الرأي او المواقف عبر قنوات الحزب وبالاسلوب الديمقراطي الذي يعبر عن رأي الجماعة لا الفرد .

رأي الجماعة لا تشقي البلاد به

رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها .

 

 

اعمدة ديمقراطية التنظيم

*****************

(1) بناء التنظيمات السياسية علي اسس جديدة مستمدة من الارث الحضاري و التاريخ النضالي للحركة الوطنية السودانية خلال القرن الماضي.

 

(2) اعادة تنظيم وتحويل الاحزاب من كم مبعثر الي كيف مؤطر قادر علي الفعل و التفاعل بحيوية مع قضايا امته ، مستلهماً في ذلك روح العصر و مستجداته في الاطر السياسية و الاجتماعية والاقتصادية ، كذلك المتغيرات السياسية علي المستويات المحلية و القومية و الاقليمية و الدولية بصورة تستطيع احتواء وكبح جماح الاخطار التي تهدد الاستقرار والسلام الاجتماعي.

 

(3) عدم رهن مبدأ التراضي للقبلية او الطائفية او المذهبية او جهة او فئة اجتماعية .

 

(4) ارتكاز قمة الهرم في الحزب علي تكوينات المجتمع المدني الحديث و المنظمات الاهلية كروافد اصيلة له ، كالاتحادات والنقابات و الروابط المهنية ، نزعاً لبؤر التوتر والغبن الاجتماعي ، وتحقيقاً لنظرية السلام والاستقرار و التداول السلمي للسلطة في الحزب.

 

(5) يعمل الحزب و بمرونة حسب الظرف الزماني ، والمستجدات لتعديل برامجة و مواثيقه و لوائحه الداخلية بحيث تستطيع استيعاب كل مستجد وحديث و متطور.

 

(6) اعتماد الحوار الديمقراطي الموضوعي النشط ، و ممارسته من خلال اجهزة الحزب ، بحيث لا تصبح للاشارة او التوجيهات التحكمية مكاناً فيه ، او للانغلاق و التكلس حيزاً في مفاصله.

 

(7) ان لا تتعالي اجهزته وقياداته وان لا تنعزل عن جماهيره ، وان تعتمد مبدأ النقد الذاتي كمدخل للاعتراف بالاخطاء والعمل علي اصلاحها ، اي ان تصبح الشفافية مرشداً للعمل في اجهزة الاحزاب.

 

(8) ان تتسع هياكله و تضيق بقدر الحاجة العملية لخدمة الاهداف والبرامج و تمثيل العضوية دون اي اعتبار للترضيات و الموازنات لمراكز الضغط والقوي داخل الحزب او خارجه.

 

(9) ان يكون الجزاء فيه علي قدر العمل ، لا مكان فيه للانتهازية ، وان يرتقي الفرد في مواقعه المختلفه بحسب الكفاءة و الخبرة والامانة وفقاً لدستور ولوائح الحزب ، وان يزاح عن نفس المواقع بالمحاسبة الصارمة الامينة علي مصالح الحزب.

 

(10) الانضباط الذاتي. اي تحكيم المسئولية الاخلاقية في كل الممارسات السياسية والديمقراطية داخل هياكل الحزب.

 

(11) ان تكون كل اجهزته وقياداته منتخبة ديمقراطياً وفقاً لقوانينها ولوائحها ونظمها الداخلية المجازة ديمقراطياً .

 

(12) ان تتخذ كل القرارات الهامة فيه بشكل ديمقراطي ومن داخل الاجهزة الحزبية المنتخبة ديمقراطياً ووفقاً لما نصت عليه نظمها الداخلية.

 

(13) عدم الخروج علي القرار الصادر بطريق ديمقراطي من اجهزة الحزب. وان يحسم كل خلاف في الرأي او المواقف بالطريق الديمقراطي داخل اجهزة التنظيم السياسي.

 

(14) ان لا تزيد فترة بقاء القيادات في هرم السلطة الحزبية عن خمس سنوات ، تجري بعدها انتخابات حرة ونزيهة وشفافة لاختيار قيادات اخري حسب النظم الداخلية للحزب ، مع مراعاة عدم الازدواجية في تولي المناصب التنفيذية و التشريعية و القومية والولائية في ذات الوقت

 

(15) اتاحة الفرصة للمرأة والشباب في الترقي للمواقع الحزبية حسب الكفاءة و الخبرة ، وان تصمم للشباب برامج للتدريب واكتساب المهارات والمعارف المتجددة.

 

مع تحياتي ،،،

 

محمد الطيب عابدين ،،،

المحامي

بري أيقونة الخرطوم

٢٤ أكتوبر ٢٠٢٠م

 

 

المصادر

-؛؛-؛؛-؛؛-؛؛-

* أدبيات الحزب الاتحادي الديمقراطي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى