مقالات الظهيرة

لماذا يخاف الغرب من الاسلاميين ويحرض عملاءه في الدول الإسلامية على ضربهم ؟

مقال يكتبه للظهيرة :

د.محمد عبدالله كوكو

رئيس الجبهة الوطنية الفيدرالية

باحث ومفكر إسلامي

 

توضح الاحصاءات أن عدد المسلمين في العالم أقل من عدد غير المسلمين

كما أن عدد الملتزمين من المسلمين بدينهم صلاة وزكاة وصياما وحجا أقل بكثير من غير الملتزمين

كما أن معظم المسلمين الملتزمين يظنون أن الدين هو فقط الصلاة والصيام

إذن المهمتمون بأمر الدعوة المنادون بتطبيق شريعة الله هم فئة قليلة جدا….كذلك نجد من بين المنتسبين إلى الإسلام أعدادا كبيرة صارت موالية للغرب فكراً وسياسةً وواقعاً عملياً.

ومع كل هذا نجد الغرب يخاف من هذه الفئة القليلة المهتمة بنشر الدعوة المنادية بتطبيق شرع الله وسلاحها الفكر والقلم فهل لهذا الخوف من تفسير ؟

نعم هذا الخوف له ما يبرره وهو أن الحضارات تقوم على دعامتين هما:

١/ دعامة من المعتقدات والقيم التي صارت تسمى الآن بالدعامة الثقافية

٢/، دعامة من المنجزات المادية.

وإذا تحطمت المنجزات المادية أو احتلها عدو وبقي الأساس الثقافي؛ فربما استطاعت الحضارة أن تبني نفسها من جديد. وأما إذا ما تحطم الأساس الثقافي فقد تحطمت الحضارة مهما سلِمت منجزاتها المادية.

والغربيون يعلمون أنه ليس في مقدور المسلمين اليوم ولا في نيتهم تحطيمُ الجانب المادي من حضارتهم، لكنهم يخشون على جانبها الثقافي.

وقد بدأوا يلاحظون أن هذا التأثير الإسلامي على ثقافتهم وقيمهم بدأ يزداد. فماذا يفعلون؟

إنهم في حيرة عظيمة سببها أن مِن أكثر ما يعتزون به في ثقافتهم ويجعلونه معيار فضلها على الثقافات الأخرى؛ هو قضية الحرية التي عمّقتها الفلسفة الليبرالية: حرية التعبير، والاجتماع، والاعتقاد، والدين، وغير ذلك. فإذا حاربوا الإسلام بأن منعوا المسلمين من حرية التعبير أو حرية التدين؛ كان هذا أمراً متناقضاً مع إحدى مقومات حضارتهم التي يعتزون بها، بل ربما كان هو نفسه سبباً في إعراض بعض أهلها عنها.

إن كونهم يعتقدون أن هذه الحرية من مصلحة مجتمعاتهم أمر لا يتفطن إليه بعض المسلمين فكثيراً من المسلمين يقولون : إننا لا نسمح لهم بالدعوة إلى دينهم في بعض بلادنا؛ أفليس من حقهم أن يعاملونا بالمثل فيمنعونا من الدعوة إلى الإسلام في بلادهم ومن إنشاء المساجد ومن نشر الكتب؟

نقول لهؤلاء: إنهم لا يسمحون لنا بذلك تفضُّلاً منهم علينا، وإنما يسمحون به لأنهم يعتقدون أن هذه الحرية من مصلحتهم؛ فسماحهم لنا ليس مبنياً على معاملة بالمثل وإنما هو مبني على مبدأ يعتقدونه، أو هكــذا يقولون. وأما نحن فلا نرى أن الدعوة إلى الكفر من مصلحة شعوبنا ولذلك لا نسمح بها إن استطعنا، سواء سمحوا هم أم لم يسمحوا.

فإذا سمحوا بالدعوة إلى الإسلام في بلادهم حسبما تقتضيه حرية التعبير والتدين؛ فالسماح أيضاً قد يكون خطراً على حضارتهم؛ لأنه ربما أدى إلى اعتناق أعداد منهم للإسلام، أو على الأقل إلى تأثير الإسلام في قيمهم التي يؤمنون بها الآن، وهذا يعني أنهم إن لم يسمحوا فتلك مصيبة، أو سمحوا فالمصيبة أعظم.

فماذا يفعلون إذن؟

هذا بعض ما نراهم يفعلونه الآن:

1 – أن يعاقبوا بصرامة وربما بقسوة شديدة كلَّ من يقع تحت طائلة قوانينهم المطبقة الآن؛ لأنه ليس في هذا خروج على مبادئهم، بل ربما كان رادعاً لآخرين ممن يسمون بالإرهابيين، وربما كان أيضاً من أحسن الوسائل للدعاية ضد الإسلام في داخل بلادهم وخارجها. فالذين يقومون بمثل هذه الأعمال لا يُضعِفون الحضارة الغربية، بل ربما كانوا من حيث لا يشعرون ممن يعطيها سبباً للدفاع عن نفسها دفاعاً مشروعاً. ولذلك نراهم هم من يفرخون الجماعات الارهابية ليجدوا المبررات لضرب الاسلام

 

2 – أن يربطوا بين هؤلاء وبين كل مسلم يُعرَف بنقده للغرب أو قوة استمساكه بدينه؛ حتى ينفر الناس في بلادهم منهم . ومما لا شك فيه أن هذا النوع من الدعاية ضد المسلمين قد نجح إلى حد كبير؛ لأنه شوّه صورة المسلم في أذهان عامة المواطنين وجعلهم يخافون منه.

 

3 – أن يعيدوا تفسير مبادئهم وقوانينهم ليجدوا فيها مسوِّغاً لعقوبات يفرضونها على المسلمين، أو حقوقاً يمنعونهم منها.

 

4 – أن يشرِّعوا قوانين جديدة القصدُ منها محاربة المسلمين والتضييق عليهم، لكنها كثيراً ما تكون متناقضة مع مبادئ الحرية. وما تزال أمثال هذه القوانين تثير جدلاً في الولايات المتحدة لاعتقاد بعضهم بأنه لا مسـوِّغ لها، وأن الحكومات إنما تستغل رغبة الناس في الأمن لتسلبهم بعض حرياتهم لأسباب سياسية عارضة.

 

5 – من أهم ما أحدثته الرغبة في درء الخطر الإسلامي الرجوعُ إلى ما يسمى بالمجتمع المتجانس. لقد كان الحديث في الغرب قبل ذلك، وبسبب طغيان الليبرالية عن التعددية ولا سيما التعددية الثقافية. لكن الكثيرين منهم بدؤوا الآن يرجعون إلى أفكار قديمة تقول إنه لا يمكن للديمقراطية أن تنجح إلا في مجتمع متجانس في قيمه؛ وبما أن المسلمين ذوو قيم غير موافقة للقيم السائدة في المجتمعات الغربية؛ لذلك كان من الواجب عليهم ليعيشوا في الغرب: إما أن يغيروا من مبادئهم، أو يفسروا الإسلام تفسيراً يتماشى مع الوطن الذي يعيشون فيه، أو يرحلوا عن الغرب.

 

6 – كان من أحسن آثار خوفهم من الإسلام أن جعل بعضهم يعيد النظر في حضارتهم ليحاولوا تخليصها من الجوانب التي تضعفها وتجعل الإسلام بديلاً عنها. بعض المتدينين يذكرون أن أهم جوانب الضعف هذه هو انتشار الفحش، لكن مفكرين آخرين يذكرون شيئاً أعم وأخطر، ومن هؤلاء المفكر الأمريكي المشهور (فوكوياما) الذي يقول: «إن مشكلة هجرة المسلمين إلى أوروبا تفرض علينا أن نحدد هويتنا، لكن المشكلة هي أن رجلَ ما بعد الحداثة لم يعد يؤمن بهوية تعتمد على دين أو وطن، بل إن النسبية جعلت الناس ـ ولا سيما في أوروبا ـ عاجزين عن أن يتفقوا على شيء مشترك بينهم يقولون إنه يمثل هويتهم».

 

ثم يقول: «إذا أرادت مجتمعات ما بعد الحداثة أن تتحرك نحو مناقشة جادة للهوية؛ فإن عليهم أن يكشفوا عن تلك الفضائل الإيجابية التي تحدد ما معنى أن تكون عضواً في جماعة أكبر. وإذا لم يستطيعوا فمما لا شك فيه أنه سيسيطر عليهم قوم هم على يقين من هويتهم».

 

لكن شيئاً من هذه الجهود سواء في البلاد الغربية أو في غيرها التي تحاول أن تطفئ نور الله ـ تعالى ـ لن يكتب لها النجاح أبداً إذا ما استمر الدعاة إلى الدين الحق (كتاباً وسنة وتأسِّياً بالقرون الخيرة) في دعوتهم وصبروا عليها؛ ذلك لأن من سُنة الله ـ تعالى ـ ألا يضيع مثل هذا العمل هباء، بل لا بد أن يكون له تأثير في كل مكان ينتشر فيه ويُعرف. فإما أن يستجيب له المدعوون فيصلح حالهم، وإما أن يعرضوا عنه ويحاربوه فيعاقبهم ربهم.

قال ـ تعالى ـ عن قوم استجابوا: {وَأَرْسَلْنَاهُ إلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إلَى حِينٍ} [الصافات: ٧٤١ – ٨٤١].

وقال عن قوم أعرضوا وحاربوا: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}(فصلت:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى