سوشال ميديا

فك حصار الفاشر… الأبعاد والفوائد!!

الظهيرة – تقرير : دكتور محمد تبيدي:

▪️حصار الفاشر

في أبريل 2024 انطلقت أولى هجمات ميليشيات الدعم السريع للسيطرة على مدينة الفاشر، وظلت محاصرةً المدينة من كل الاتجاهات ومقطعةً طرق الإمداد عنها، بالتزامن مع قصف متكرر للأحياء السكنية ومحطات المياه والمستشفيات. وفي شهر مايو تم الاستيلاء على خزان الماء ومحاولة استهداف الإمدادات واستولت مليشيا آل دقلو المُتمردة على خزان غولو للمياه، وأوقف الإمدادات لفترة قصيرة قبل أن تنجح قوات الجيش السوداني والقوات المشتركة في استعادته معاً في اليوم نفسه، مما سمح بعودة تدريجية لضخ المياه إلى المدينة . وفي شهر يوليو اندلعت مواجهات شرسة وتكبدت المليشيا وأكبر خسائر للميليشيا وشهدت الفاشر هجوماً كبيراً من مليشيا آل دقلو المُتمردة على الأحياء الجنوبية والشرقية، إلا أن القوات المشتركة صدّت الهجوم وأعلنت علي يعقوب جبريل قائد ميداني بارز في صفوف مليشيا الدعم السريع، ، مع خسائر بشرية ومادية فادحة في صفوف المهاجمين . وفي أكتوبر الاختراق الأولي لكسر الحصار حيث أعلن الجيش السوداني و«القوات المشتركة» عن تمكنهم من دخول المدينة من المحور الشمالي، ما اعتُبر الخطوة الأولى نحو فك الحصار وفتح ممرٍ آمن لإدخال الإمدادات الطبية والغذائية .

بعد استعادة الجيش في أكتوبر على العاصمة الخرطوم في، تم إعادة توجيه جهود القوات نحو دارفور، تقدّمت «متحرّكة الصياد» و«متحرّكة الصحراء» من اتجاهات متعددة، وسيطرت على نقاط محورية حول الفاشر، وأمنت طريق الصادرات بين بحري–أمدرمان بارا لإمداد المدينة بموارد إغاثية، وأبريل 2025 أعلن الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني عن فك الحصار بشكل كامل وفتح طريق بري آمن يربط الفاشر ببقية شرق وغرب السودان، في انتصارٍ استُقبل بترحيب واسع من السكان والنازحين داخل المدينة.

 

▪️الأبعاد والفوائد

 

إنسانياً: إعادة توصيل قوافل الإغاثة (غذاء، مياه، أدوية) إلى أكثر من مليون شخص، بينهم نازحون من مخيم زمزم ومخيمات أخرى، الذين شُردوا منذ الهجوم الأخير على المخيمات ونزحوا إلى الفاشر .

 

عسكرياً: تعزيز معنويات القوات المسلحة والقوات المشتركة بعد سلسلة انتكاساتٍ متلاحقة لمليشيات الدعم السريع في محاور أخرى، وسيطرةٍ مؤكدة على مدينة حيوية واستعادة مركز القيادة والاتصالات فيها.

 

استراتيجياً: قطع خطوط الإمداد والانسحاب الإجباري لمرتزقة مليشيا آل دقلو المُتمردة من دارفور إلى الخرطوم، مما يضعف قدرتهم على التحرك والإعادة الانتشار.

 

▪️ماذا يعني فك الحصار للقوات المسلحة والقوات المشتركة

 

تخفيف الضغط: انحسار قدرة مليشيا آل دقلو الإرهابية على استهداف المدنيين والنازحين داخل الفاشر ومحيطها، بعد فتح الممرّات الجوّالة لتوصيل الإمدادات والذخائر للقوات الدفاعية.

 

دعم التحالفات المحلية: رسّخ دور القوات المشتركة والجيش الوطني داخل المعركة، ما يعزّز التماسك بين المكوّنات العسكرية والدفع نحو توحيد الجهود ضد الميلشيات المتمردة.

 

بداية لمعركة أكبر: اعتُبر الإنجاز بوابة لاستكمال تحرير مناطق غرب دارفور، مثل تانجاسي ومناطق جبل مرة، تمهيداً لاستعادة كامل الإقليم من سيطرة مليشيا الدعم السريع المُتمردة .

 

▪️ خسائر مليشيا آل دقلو المتمردة

 

بشرية: وفقاً لإحصائيات أولية، قُتل وأُصيب أكثر من 1,500 مسلحاً من الدعم السريع في المعارك المحيطة بالفاشر منذ أبريل 2024 وحتى فك الحصار، بينهم مئات القتلى في هجوم 14 يونيو 2024 .

 

مادية: أعلن الجيش تدمير 47 آلية قتالية وثلاث مقاتلات مسيّرة (طائرات دون طيار) للمليشيا المتمردة خلال شهر مارس وحده، مع انتزاع 30 مركبة أخرى بعد اقتحام المحور الشمالي .

 

▪️ هل أوشكت مليشيا الدعم السريع على الزوال؟

 

يشير تقرير معهد دراسات الحرب إلى أن خسائر مليشيا آل دقلو المُتمردة الميدانية في دارفور بعد تحرر الخرطوم وفقدان خطوط الإمداد الرئيسة قد تُنذر بانهيار قدراتها القتالية خلال الأشهر المقبلة، لاسيما مع تراجع الدعم الشعبي واندثار حواضنها في غرب البلاد . كما أفاد خبراء استخبارات بأن عددًا من مقاتلي مليشيا الدعم السريع المُتمردة قد تراجع عن القتال وعاد إلى مناطقهم الأصلية في دارفور، ما يُمثّل بداية تفكك التنظيم الميداني .

 

 

▪️الخسائر الواقعة على «كفيل آل دقلو» محمد بن زايد ودولة الإمارات

 

دبلوماسياً: تزامن إعلان فك الحصار مع موجة انتقادات دولية لأدوار الإمارات العسكرية واللوجستية في دعم مليشيا آل دقلو الإرهابية، حيث اتهمت جهات حقوقية أبوظبي بالوقوف خلف تسليحهم وتدريبهم. ما أثار تحفظات أوروبية وأمريكية وساهم في تراجع قبضتها على المشهد السياسي السوداني .

 

اقتصادياً: توقفت العديد من الاستثمارات والمشاريع الإماراتية في دارفور بعد تصنيف مرتزقة الدعم السريع كـ«ميليشيا إرهابية» من قِبل الولايات المتحدة والبنك الدولي، ما كبد أبوظبي خسائر مالية تُقدّر بالمئات الملايين من الدولارات على مدى العامين الماضيين.

 

▪️ إثر تبخر «حلم إبليس» بإقامة دولة في دارفور

 

كانت مليشيات الدعم السريع الإرهابية وحلفاؤها من حركة مسلحة فضلت التمرد معهم يخططون لإعلان «حكومة مستقلة لدارفور» بعد السيطرة على الفاشر، مرتكزين على معاركهم في زمزم وادعائهم حشد قبلي واسع. ولكن مع فشلهم في الاستيلاء الكامل على المدينة وانكفاء جهودهم، تبخّرت تلك الرؤية وانهارت أطروحاتهم حول إقامة «دولة جديدة» في غرب السودان، بعد أن بدّد الجيش السوداني والقوات المشتركة أوراقهم الاستراتيجية والاعتماد القبلي الذي اهتزّ في وجهه صمود المدنيين وتضحيات المحاربين.

 

ختاماً, فك حصار الفاشر لم يكن انتصاراً تكتيكياً فقط، بل رسالة واضحة لكل الميليشيات الراعية للاستنزاف الطائفي والإقليمي، بأن السودان الموحد قادر على الصمود والتصدي لكل محاولات التمزيق وإعادة هيكلة الدولة على أسسٍ قائمة على وحدة الأرض والشعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى