عودة عنان: خيانة للواجب واعتداء على الشعب
الظهيرة – تاج السر ود الخير:
في ظل الأزمات العديدة التي يمر بها السودان، تبرز عودة الفريق أول عنان حامد، وزير الداخلية ومدير عام قوات الشرطة الأسبق.
كحدث يستدعي التأمل والنقد العنيف. عودته بعد غياب دام عشرين شهراً، في وقت تتجدد فيه الآلام والمآسي لشعب يئن تحت وطأة الحرب، تعكس قمة الاستهتار بمشاعر السودانيين وبمتطلباتهم الوطنية.
لا يمكن اعتبار عودة عنان إلا كعودة جندي هارب من ميدان المعركة. ترك منصبه في وقت كان فيه السودان يواجه تهديدات أمنية جسيمة، وهو الذي كان يُعتمد عليه في قيادة وزارة الداخلية.
كيف يمكن لقائد أن يغادر بلاده في أحلك الظروف، ثم يعود وكأنه لم يكن؟ هذا الغياب الطويل يُظهر عدم المسؤولية والتفريط في الواجب الوطني.
لقد ترك غيابه آثاراً سلبية على الروح المعنوية لقوات الشرطة، وخلق حالة من الاضطراب والفوضى. كيف يمكن لقائد أن ينجو بنفسه بينما يُشرد أكثر من 10 آلاف من أفراد الشرطة وعائلاتهم؟
هذا التصرف يُعبر عن خيانة واضحة للأمانة التي وُكلت إليه. كما ترك ملايين المنسوبين للشرطة بدون قيادة، مما كان يمكن أن يؤثر سلباً على الأمن في المناطق التي لم تصلها الحرب، حيث كان بإمكانه تأمين الأموال والممتلكات والأرواح ومنع انتهاك الأعراض.
عنان متهم بفصل أكثر من 1500 من خيرة ضباط الشرطة والجمارك، واستخدم نفوذه ضد قرار المحكمة الذي قضى بعودتهم، مما تسبب في تشريد آلاف الأسر. بالإضافة إلى ذلك.
هناك اتهامات خطيرة تتعلق بتعزيز نفوذ ضباط موالين لمليشيا الدعم السريع، حيث نزع سلاح قوات الاحتياطي المركزي، وهي القوات التي كانت مؤهلة لمواجهة هذا التهديد. يُعتبر هذا التصرف علامة على عدم الولاء للأمن القومي، بل يُظهر انحيازاً واضحاً لمصالح معينة.
تُشير بعض المعلومات إلى أن عنان لديه تاريخ من الفساد، حيث اتُهم باختلاس أموال في وزارة الداخلية، بما في ذلك مبلغ مخصص لتغيير لوحات السيارات. ولولا تدخل المفتش العام، لكان قد أحيل إلى المعاش في رتبة العقيد. إن هذه الخلفية تعزز من صورة عنان كقائد غير أمين، غير قادر على تحمل المسؤولية.
في مشهد يثير الاستياء، ظهر عنان في مائدة فاخرة محاطة بما لذ وطاب من صنوف الطعام، بينما يعاني الملايين من السودانيين من التشرد والفقر، ويتسولون الطعام.
هذا التصرف يُعتبر قمة الاستهتار بمشاعر الشعب السوداني ويعكس عدم وعيه بحالة البلاد. إن وجوده في مثل هذه الأجواء بينما يعاني المواطنون يُظهر انفصاله عن الواقع، ويزيد من حالة الاستياء والغضب تجاهه.
الأقلام المأجورة التي دافعت عن عودة عنان تُعتبر أدوات تُستخدم لتضليل الرأي العام. يحاول المدافعون تقديم تبريرات واهية.
مثل اعتبار اللقاء الذي جمع عنان بالمدير العام الحالي للشرطة اجتماعًا عائليًا بحتًا، لكن هذا يتجاهل السياق العام الذي تعيشه البلاد. إن محاولات تلميع صورة عنان تبرز قمة الاستهتار بمشاعر السودانيين.
العودة المستفزة لعنان تضعه أمام محكمة الرأي العام، وعلينا كجمهور أن نطالب بمحاكمته على ما ارتكبه من أخطاء. يجب أن يكون هناك توضيح رسمي لملابسات عودته، ويجب تنظيم مؤتمر صحفي يتيح له مواجهة الأسئلة المحرجة حول غيابه وسياسته.
عودة عنان تشكل تحدياً حقيقياً للعدالة وللشعب السوداني. يجب أن تكون هناك محاسبة صارمة لكل من تهاون في واجبه أو ساهم في تدهور الأوضاع. لن نسمح بأن تمر هذه القضية مرور الكرام، بل يجب أن نرفع أصواتنا للمطالبة بحقوقنا وحقوق الضحايا. عودته ليست مجرد حدث اجتماعي، بل هي دعوة للمساءلة وللعدالة التي تأخرت كثيراً.