مقالات الظهيرة

عبد الله حسن محمد سعيد يكتب… مرتكزات النهضة السياسية والاجتماعية 

الفكر والثقافة والسياسة مرتكزات اساسية يقوم عليها النشاط الحزبي وتنهض مؤسساته معافاة من الامراض السياسية والتكلس التنظيمي دعنا نناقش الفكرة بوجه تحليلي معرفي يسهل التعاطي مع ما ورد من شروحات مختلفة بينت المعاني المتباينة لمدلول الكلمات … الفكر ونحن نعيش ازمته . والثقافة وقد تراجع دورها وأصبحت صفوية أما السياسة فقد أصاب جسدها التكلس …..

الفكر ، الثقافة ، والسياسة هي مجالات متداخلة تشكل الأساس لفهم المجتمع وتحليله ، وتوجد بينها قواسم مشتركة عديدة ، من أبرزها :

١/ الإنسان كمحور :

الثلاثة تتعامل مع الإنسان فالفكر يعكس تأملاته ، الثقافة تمثل تراكماته الحضارية ، والسياسة تدير شؤونه .

٢/ التأثير والتأثر :

أ/ الفكر يُنتج الثقافة ويغذيها .

ب/ الثقافة تُشكل الوعي السياسي وتؤثر فيه .

ج/ السياسة بدورها يمكن أن تدعم أو تقيد الفكر والثقافة ، وتُستمد شرعيتها من وعي ثقافي وفكري معين .

٣/ صناعة الهوية والانتماء :

الثلاثة تسهم في تشكيل هوية الفرد والمجتمع ، وتغذّي الانتماء من خلال المفاهيم ، الرموز ، والقيم المشتركة .

٤/ الجدل والحوار :

كلها تقوم على النقاش والحوار ، سواء في نقد السياسات ، أو تحليل الظواهر الثقافية ، أو تقديم الرؤى الفكرية .

٥/ السلطة والمعرفة :

المعرفة عنصر مشترك ، والسيطرة على الفكر والثقافة والسياسة تعني غالبًا السيطرة على المجتمع .

جوهر العلاقة بين الثلاثة:

١/ الفكر، هو الثابت المرجعي، يمثل القاعدة الأيديولوجية التي ينطلق منها الحزب أو أي مشروع سياسي . هو “العقل النظري” .

٢/الثقافة أشبه بالروح المجتمعية ، تتداخل فيها القيم والعادات والرموز المشتركة ، وهي أوسع من الفكر لأنها قد تحتوي عناصر لا تنتمي لمنظومة فكرية واحدة ، لكنها تشكل المناخ الذي ينمو فيه الفكر ويتفاعل .

٣/ السياسة ، فن الممكن ، تتحرك على أرضية من الفكر والثقافة ، وتُلبس المشروع ثوبًا عمليًا يتناسب مع الواقع . وهي الوجه العملي الذي يظهر للناس .

ويمكننا القول:

الحزب الناجح هو من يوازن بين ثبات الفكر ، مرونة الثقافة ، وبراعة السياسة ..

وفي خضم التفاعل الجدلي بين الفكر ، والثقافة ، والسياسة ، تتبدى ملامح المشروع السياسي الناجح بوصفه لوحة متكاملة الألوان والمعاني . فـ”الفكر” يمثل الثابت المرجعي ، والقاعدة التي تُبنى عليها الرؤى والمنهجيات ، وهو بمثابة العقل النظري الذي يُنير الطريق ويؤطر المسار .

أما “الثقافة”، فهي الفضاء الأوسع الذي تتشكل فيه القيم ، والعادات ، والرموز التي تعبر عن هوية المجتمع وروحه ، وهي لا تنحصر في نسق فكري بعينه ، بل تشكل المناخ الحاضن للتعدد والتفاعل . وتأتي “السياسة” كأداة إدارة الشأن العام ، وفن الممكن ، فهي التي تُحوّل الفكرة إلى واقع ، وتُطوّع الثقافة لتكون وسيلة للتواصل والتأثير . ومن هذا التفاعل الخلاق بين الثلاثة.

تتولد جاذبية الحزب ، ومصداقية مشروعه ، وفاعليته في الساحة العامة ، إذ لا يكفي أن يكون للفكرة عمق ، ولا أن تكون الثقافة غنية ، إن لم تُجسد السياسة هذا التمازج بلغة الواقع وضروراته .

ولعل الخلط الشائع بين هذه المكونات الثلاثة كثيرًا ما يؤدي إلى اضطراب في الرؤية وتشويش في الممارسة . فحين يُختزل الحزب في شعارات ثقافية فقط ، دون سند فكري راسخ ، يُصبح عرضة للتقلب مع المزاج العام ، ويُفقد القدرة على التأطير العميق . وحين تُسحب السياسة من رافديها الفكري والثقافي ، تتحول إلى ممارسة انتهازية ، جوفاء ، تفتقد للبوصلة وللشرعية الأخلاقية .

أما إذا غاب الوعي الثقافي ، فإن الفكر يغدو نخبويًا معزولًا ، وتصبح السياسة لغة صمّاء لا تجد صدى في وجدان الناس .

من هنا ، تتجلى أهمية التكامل البنيوي بين هذه الأركان الثلاثة . فالفكر هو ما يمنح الحزب “الهوية” ، والثقافة تضفي عليه “القبول الاجتماعي” ، والسياسة تضمن له “الفاعلية والوجود” . ومن دون هذا التوازن ، لا يكون الحزب أكثر من وعاء أجوف ، إما مشدودًا لنصوص جامدة ، أو متماهٍ مع شعارات فضفاضة ، أو متقلبًا مع رياح المصالح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى