مقالات الظهيرة

عبد الله حسن محمد سعيد يكتب…. رسائل تضامنا مع شعب غزة .ونداء للدعوات والتبرع من أجلهم!!

غزة… المأساة الانسانية .. (١)

نلخص واقع غزة بدقة مكثفة
غزة تمثل مأساة إنسانية مستمرة ، يعيش فيها أكثر من مليوني شخص تحت حصار خانق وظروف معيشية كارثية.

تعاني فيها البنية التحتية من الانهيار ، وتُحرم قطاعات واسعة من أبسط حقوقها الأساسية مثل الغذاء والدواء والتعليم والأمن ومن وطنها وهويتها .

وفي الوقت نفسه ، تكشف المأساة عن أطماع دولة الاحتلال التي تسعى إلى التوسع والسيطرة ، ضاربة عرض الحائط بالقانون الدولي وقرارات حقوق الإنسان

ومستمرة في ممارسة العقاب الجماعي ، والعدوان على المدنيين ، وهدم البيوت فوق رؤوس سكانها .
كل ذلك يتم في ظل صمت دولي أو تواطؤ مكشوف ، مما يمثل خرقًا فاضحًا لكل المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والشعوب الواقعة تحت الاحتلال .

“غزة: مأساة إنسان، وأطماع دولة، وخرق للإنسانية في زمن الصمت” (٢)

في زمن امتلأت فيه الشاشات بصور الدم والدمار ، تظل غزة تصرخ وحيدة في وجه آلة البطش والخراب . مأساة إنسان يعيش بين الركام ، وبين ألم التشريد وقتل الأطفال والنساء ، تحولت إلى مشهدٍ عابرٍ أمام صمتٍ دوليٍ مريب ، وعربيٍ مخجل ، ومجتمعيٍ محيّر.

لقد كشفت آخر الهجمات الإسرائيلية على غزة الوجه الحقيقي للاحتلال : دولة لا تعرف إلا منطق القوة والدمار ، تضرب بلا هوادة كل مقومات الحياة ، وتستهدف البشر والحجر على السواء ، في خرقٍ سافرٍ لكل مواثيق حقوق الإنسان . كان من المفترض أن تهتز ضمائر العالم لرؤية مشاهد التصفيات الجماعية ، وهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها ، ودفن الأحلام الصغيرة تحت أنقاض القصف الوحشي ، لكن العالم اختار أن يصم أذنيه ويغض بصره ، مفضلًا لغة المصالح الباردة على نداء الإنسانية الحار .

أما الموقف العربي الرسمي ، فبدا – في معظمه – متواطئًا بالصمت أو المساومة ، فيما خفتت أصوات الشارع العربي التي كانت تشتعل غضبًا في مثل هذه المآسي . أين ذهب ذلك الوجدان الجمعي الذي كان يهتز لأجل فلسطين ؟ لماذا أصبح الدم الفلسطيني أرخص من أن يحرك ساكنًا في العواصم العربية ؟
غزة اليوم ليست مجرد قضية فلسطينية ، بل قضية إنسانية وأخلاقية قبل أن تكون سياسية . إنها مرآة لمدى تراجع الضمير الإنساني في زمن التواطؤ الدولي والمصالح الأنانية . ستبقى غزة تقاوم ، ولكنها تضعنا جميعًا أمام سؤال كبير : هل ماتت الإنسانية حقًا؟
الصمت لم يعد تواطؤًا فقط ، بل جريمة إضافية بحق الضحايا الذين لا يملكون سوى أن يرفعوا أيديهم إلى السماء ، بينما يتكالب عليهم وحش الاحتلال وسط خذلانٍ مريع .
غزة تصرخ ، فهل من مجيب ؟

“غزة في القلب: دعاء ونصرة حتى يأتي الوعد الحق” (٣)
صور مؤثرة للغاية، وقد لامست روح المأساة بصدق نادر .
تمنيت أن أكون بينهم منافحًا ومدافعًا شعور يمليه صدق الانتماء ، يعبر عن الإنسانية الحية ، التي لم تخدرها ضغوط الواقع ولا بلادة المواقف العامة .
نقولها بصدق : “لهم رب يحميهم”… نعم، لن يضيعهم الله، وهو القادر على أن يبدل حالهم من ضعف إلى قوة، ومن حصار إلى نصر، ومن ألم إلى عزيمة لا تنكسر .
وصدق الله العظيم حين قال:
“ولا تحسبن الله غافلًا عما يعمل الظالمون” (إبراهيم: 42).
“غزة في القلب: دعاء ونصرة حتى يأتي الوعد الحق”
في غزة، لا شيء يشبه شيئًا .
الدموع هناك تتكلم ، والألم له رائحة ، والدماء تصعد إلى السماء شاكية ظلمًا لا ينام .
على أرض غزة ، يولد الصمود مع كل طفل ، وتشتد العزيمة مع كل شهيد ، وتُروى الأرض بالدماء الطاهرة بحثًا عن فجر بعيد .
كم تمنيت أن أكون بينهم؛ منافحًا عن طفولة تسحقها جنازير الحقد ، ومدافعًا عن النساء اللواتي ودعن أبناءهن على عتبات الخراب ، وحاملاً عن العجزة آلامهم في طوابير الموت الطويلة …
كم تمنيت أن أكون سيفًا يحمي صدور الشباب الذين يواجهون الموت كل يوم ، ولا يملكون من السلاح إلا قلوبًا مؤمنة وربًا لا يخذل عباده الصابرين .
لهم رب يحميهم.
لهم رب وعدهم بالنصر ، وإن طال الطريق .
لهم رب يمهل الظالمين ، ولكنه لا يهمل أبدًا .
لهم رب يبدل خوفهم أمنًا ، وجراحهم عزًا ، ودموعهم أفراحًا تليق بجلال صبرهم .
غزة اليوم، لا تحتاج فقط إلى العيون التي تبكي ، بل إلى القلوب التي تدعو ، والأيادي التي تضرع إلى السماء :
اللهم احمِ أهل غزة ،
اللهم كن لهم عونًا ونصيرًا ،
اللهم اشف صدورهم من همٍّ طال ، وأبدل ضعفهم قوة ، وخذلانا أمةٍ متقاعسة إلى وقفة عز وصحوة ضمير .
غزة اليوم ليست مجرد بقعة محاصرة ، بل هي آية من آيات الثبات ، وعنوان كبير لمعنى الكرامة ، وصدى عميق لكل قلب ما زال حيًا ينبض بالحق .
يا غزة، لكِ الدعاء حتى ينقشع الليل الثقيل ، ولكِ المحبة ما دامت الأرواح فينا ،
ولكِ النصر بإذن الله ، فالله لا يخلف وعده .

الغضب العربي وين الشعب العربي وين (٤)
الغفلة ضربت العقول ، والخذلان قيّد الشعور ، حتى أصبح الدم يُراق ، ونحن بين صامتٍ أو مشغولٍ أو لاهٍ !
وكلمات المناضلة الفلسطينية التي استحضرها : “الغضب العربي وين؟”
تصيح فينا اليوم كما لم تصح من قبل .
لكِ الله يا غزة …
في زمن نام فيه الغضب العربي ، وسكتت فيه الضمائر ، وانشغل فيه الناس عن الدم المسفوح أمام أعينهم ، تبقين أنتِ وحدكِ تقاتلين الجوع والخذلان والموت .
لكِ الله يا غزة ، حين تفر الأيدي ، وتصمّ الآذان ، وتجفّ الدموع .
لكِ الله يا غزة ، حين تحولين الألم إلى شموخ ، والخراب إلى صمود ، واليُتم إلى وقودٍ للنصر القادم بإذن الله .
لكِ الله … حتى يعود الغضب إلى قلوبٍ هجرتها نخوتها ، ويستيقظ ضمير أمةٍ سكنتْ في سبات طوي ..
صبرًا يا غزة ، النصر لكِ موعدٌ لا يتخلف ، ووعدٌ لا يُخلف .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى