عبدالله حسن الشريف يكتب.. اسف يا وطن …هل نعي الدرس؟؟
ارسل لي احد الاشقاء مقطع لفلم مدته دقيقة و ٥٧ ثانية ..
تدور احداثه في مصعد عمارة صعد فيه ثلة من المواطنين يتجهون الي اداء مهام مختلفة لكل منهم شأن يغنيه.
ولكن لم يتحرك المصعد نزولا او صعودا بل اطلق انزاره وكتب علي الشاشة الحمولة تزيد شخصا ، اصبح الكل ينظر الي الاخر في انتظار ان يتحرك ويخلي المكان.
حتي ذلك الشاب الذي اوقف المصعد قبل تحركه بثانية وضع سماعة الاذن في جهاز الهاتف واصبح يستمع الي الموسيقي .
لم يعلق احد او يتحدث الكل ينتظر تحرك الاخر ليتحرك المصعد . توقف الزمن ونظر الكل الي ساعته في انتظار تحرك الاخر ليتحرك المصعد .
تأرجح الحضور بين مشفق من مغبة التأخير ومن لا يبالي اذا توقف المصعد لساعات وتوقفت عجلة الحياة فهذا لا يهم كثيرا والتضحية لاجل الاخر ليست ممكنة.
وفي النهاية تحركت شابة من آخر المصعد تشق الاكوام البشرية المتكدسة في المصعد ، تنفس الجمع الصعداء وهزة الفتاة راسها أسا.
وعند خروجها عقدت المفاجأة ألسن الرجال والنساء فقد كانت الفتاة تعاني من الشلل بارجلها وتتوكأ علي عصاتين تتحرك بهما . منظر مهيب ،
اضعف الحاضرين يضحي بالوقت من اجل الاخرين لربما كان مقصدها الي الطبيب فأي ايثار هذا ..
درس عميق المعني ، مثال حين لا يفكر كل فرد إلا في نفسه . وينتصر لذاته في الحقوق التي يعتقد كل واحد منا أنه يتمتع بها دون الاخرين.
لا أحد يريد النزول . لا احد يدير حوارا يحدد من يترجل تفضلا من مكانه من اجل الاخرين.
لا أحد يريد التعاون و انتظار المصعد التالي او فرصة اخري في دورة الحياة تبادلا للادوار .
وفي الزمن القاتل يقيض الله من يصلح الامور وتكون النتيجة ان يضحي الافضل خلقاً ..!
وليس بالضرورة الاكثر قدرة والأقل تضرراً .. وهذا ما تحتاجه بلادنا هذه الايام وقحتودم والدعم السريع يتهافتون على السلطة والثروة ولا يهم ماهو الثمن يقتلون ويسرقون ويغتصبون وينصبون اسواق النخاسة للحرائر .
ما همهم من يدفع الثمن ولا يهمهم التخريب وتوقف عجلة الحياة .
رسالة اعيدها لبني وطني علهم يستمعون القول او يعون ما يترتب علي ذلك من متاعب وازمات
. كيف لنا ان ننعم بفضيلة الايثار متي تعي قحتودم والدعم السريع المتمرد ان وجودهم في مصعد الشعب يضر بالوجود.
ويمهد الطريق لمن دبر زيادة العدد لينسف المصعد بمن فيه ويحتل المقاعد الوثيرة بعد الخراب .
قال تعالي ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ ).
وهل يتدبرون هذه الاية التي تحض علي الايثار وتقديم الاخر واعانته للقيام بواجبه والفلاح يأتي بالعدل والايثار والتضحية وحب الخير للناس كل الناس …
فيلم قصير في زمنه عميق في معناه .. اشاراته واضحة فالزمن لن ينتظر الاناني ومحب الذات ولن ينتظر المستهتر ولن يلقي بالا للاناني وكتما ستأتي لحظة تصحيح المسار .
وعجلة الحياة لن تتوقف وحتما سيأتي الفرج من حيث لا نحتسب مهما طال الانتظار .. ثق في الله وتأكد يقينا من انه يدبر الكون فهو الحكيم المتعال .
كم هو عظيم الشأن من تدثر بالايثار ، فالعظمة ليست في المظهر ولكنها في الجوهر.
ولكل انسان رسالة يؤديها فمنا من يتكل علي الاخر ومنا من يقدم نفسه مضحيا للاخر ..
فالوطن يسع الجميع وكل له حقوقه وواجباته ولكن الايثار سيد الاخلاق ومفتاح الابواب المغلقة الي قلوب البشر يكسبك محبة واحتراما.
ويجعل الحياة مسرحا آمنا قاصدا لغد سعيد .. ويجعل السفينة تسير وفقا لما اراده الله الي امان.
انظر قصة سيدنا يونس حينما ساهم وكان من المغرقين فالتقمه الحوت والقاه في البر وانبت الله عليه شجرة من يقطين وارسله برسالاته الي قومه هداية لهم ..
كرمه ربه علي طاعته وعلي الامتثال لقدره وان يكون فداءا لمن في السفينة فلولا ايثاره والرضي بامر الله لغرقت السفينة بمن فيها ..
قال تعالي ( وَإِنَّ يُونُسَ لَـمِنَ الْـمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْـمَشْحُون (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْـمُدْحَضِين (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيم (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْـمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146)وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) الصافات ..صدق الله العظيم .
رسالة كاملة الدسم تحض علي التضحية والايثار وترك الانانية وحب الذات والتمسك بالحقوق دون النظر الي تقاطعها مع حقوق الاخرين .
اعلم اخي ان السلام المجتمعي يبدأ من ابسط الامور ايثار الاخر علي النفس وحب الناس وتساويهم والالتزام بنظام الكون فأنت لست وحدك وعجلة الزمان ستدور …
لك الله يا وطني . ….