سلسلة التوعية المجتمعية عن عن السموم والملوثات ( 4)

بروف ايهاب السر محمد الياس (جامعة الجزيرة) :

*إدمان التمباك الكارثة المجتمعية*

قد يستغرب البعض بعد قراءة هذا المقال لبعض الحقائق المدهشة عن التمباك قد لا تخطر على بال أحد لواحدة من اسوأ انواع المواد المخدرة والسامة المتفشية في مجتمعنا السوداني. لنبدأ أولا عزيزي القارئ لنتحدث قليلا عن اصل التمباك وقد يدهشك ان تعرف ان المادة الفاعلة في المركب تستخلص من نبات يحمل الاسم العلمي (نيكوتيانا روستيكا)في الصورة المرفقة مع المقال او نبات التبغ والذي يختلف عن تبغ السجائر في اسم النوع للنبات فتبغ السجائر يستخلص من نبات ( نيكوتيانا تاباكم) ينتمي النبات للعائلة الباذنجانية وهي العائلة نفسها التي ينتمي اليها الباذنجان والبطاطس والطماطم والفلفلية تزرع هذه النبته في شكل شتول جاهزة ولا تزرع عن طريق البذور وتسقى برية خفيفة ولا تحتاج لكثير من الماء. اصعب مرحلة هي مرحلة الحصاد الخطيرة لأن النبات به مادة النيكوتين السامة والتي تستخدم عالميا مبيدا حشريا ولا تقربها الآفات والحشرات وتسبب للشخص الذي يجمع أوراق النبات ضيق في التنفس واحيانا تسممات خطيرة نتيجة لاستنشاق النيكوتين. تجمع الاوراق وتجفف ويتم تخميرها باضافة أوراق نبات العشر السامة وروث الحيوانات ويضاف اليها الماء والعطرون أو بيكربونات الصوديوم لجعل الوسط اكثر قلوية ليسهل امتصاصه عند التعاطي وهذا ما يعرف بعملية( التمطير) (العماري الممتاز) تذكر عليه بعض العبارات الخاصة عند البيع مثل (لو ما فاطر ما تخاطر) دلالة على قوة التأتير لجذب الزبائن. تغمل بعد ذلك كل هذه المكونات تحت مشمعات لتحدث عملية التخمر البكتيري ثم تطحن هذه المكونات بعضها مع بعض ثم تعبأ في جوالات تباع بعد ذلك في أكياس مباشرة للجمهور دون مرورها بعمليات تصنيع او عمليات تعقيم اخرى. يتم بعد ذلك تعاطيها بما يعرف بالسعوط او السفة والتي توضع بين اللثة والشفاة السفلية أو العلوية بحيث يتم امتصاص النيكونين والمواد الاخرى السامة عبر بطانة الفم لتذهب لتيار الدم مباشرة وتصل للمخ او يتم ابتلاع جزء من هذه المكونات اثناء النوم لتذهب عبر الجهاز الهضمي وتتوزع عبر الدم ايضا. عندما يصل النيكونين للدماغ يحتل مستقبلات الموصل العصبي الأستايل كولين مثل ماذكرنا في موضوع ادمان الشاي والقهوة ويبدأ في افراز هرمون الدوبامين وهو سبب النشوة التي يحس بها المتعاطي.

طبعا الجميع يعرف جيدا اضرار التمباك فهو يشكل مظهرا اجتماعيا مكروها غير الروائح النتنة غير المحببة التي تنبعث منه كذلك تسبيبه لانواع عديدة من السرطانات مثل الفم والبنكرياس والمريء وكذلك امراض القلب وتلف الأسنان واصفرارها وبعض الظواهر النفسية مثل القلق والاكتئاب. يحتوي النبات وهذه الخلطة المميتة على عدد من المركبات المسرطنة المعروفة بالنايترزوأمينات وكذلك مركب البنزوبايرين وهو المركب المسرطن نفسه في السجائر وكذلك بعض المعادن الثقيلة السامة. اذن يمكن اعتماد التمباك واحد من المواد المخدرة الخطيرة التي تسبب الادمان وذلك بتغيراتها الكبيرة على فسيولجيا الجسم وتسبب التعود عليها وصعوبة الفكاك من براثنها. علاج الإدمان يحتاج لمراكز وبرامج خاصة وذلك لتقليل اعراض الانسحاب (الخرمة) التي احيانا تسبب العودة للتمباك مرة اخرى وبطريقة اكثر شراهة. وذلك بسبب تعود الجسم على اخذ المادة من مصدر خارجي بعد اتلاف منظومة الموصلات العصبية والهرمونات الموجودة داخل الجسم. حقيقة نحتاج لتوعية

مجتمعية مكثفة لحماية جيل الشباب خاصة من اخطار الادمان على هذه المركبات وهذا يتطلب عمل مجتمي كبير لعلماء واطباء والتخصصات الاخرى كعلم النفس.

 

*(نشرك للسلسلة يساهم في نشر رسالتنا المجتمعية)*