رؤية إسلامية لحل مشكلة الاقتصاد لتحقيق الاستقلال الحقيقي والسيادة الوطنية الكاملة
مقال يكتبه للظهيرة :
د.محمد عبدالله كوكو
رئيس الجبهة الوطنية لدعم القوات المسلحة/الاقليم الاوسط
باحث ومفكر إسلامي
والبلاد تحتفل بذكرى الاستقلال لابد أن نذكر أنفسنا اننا ما زلنا وكل دول العالم الثالث تحت الاستعمار الغربي ما لم نتحرر اقتصاديا
فقد حولت الدول الاستعمارية أسلوب الاستعمار من الاستعمار العسكري إلى أسلوب آخر يجعل الدول المتحررة مستعمرة في الواقع من خلال (الاستعمار الاقتصادي) والذي اخترعوا له كعادتهم – أسماء عصرية وبراقة بهدف التمويه والخداع حيث أطلقوا على الاستعمار الجديد اسم «برنامج التعاون الدولي» وذلك عن طريق القروض والمساعدات بما يستتبعه ذلك من فوائد وأرباح – التي أسموها – خدمة الديون وكلها أسماء ظاهرها الرحمة والتعاون وباطنها الاستغلال والاستعباد والسرقة.
وقد أنشأت الدول الاستعمارية الكبرى لتنفيذ هذا الأسلوب مؤسسات ادعوا أنها دولية وعالمية وهي (البنك الدولي) وصندوق النقد الدولي، ووكالة التنمية الأمريكية
«وبرنامج الغذاء من أجل السلام» «ومؤسسة» الفاو منظمة الأغذية الزراعية وغيرها من المؤسسات الاستعمارية.
ولقد اتجهت الدول الغربية إلى استثمار فائض رؤوس الأموال في دول العالم الثالث وذلك من خلال مشاريع تعود فوائدها اولا واخيرا على الدول الدائنة نفسها ولذلك اقرضت البنوك على نطاق واسع حكومات الدول النامية….هذه القروض التي تشكل الان اهم مشكلة في حياة هذه الدول لأنها لم تستفد منها بالقدر الكافي بعد تبديدها في مشاريع غير منتجة لكنها مطالبة سنويا بدفع عشرات الترليونات من اقوات شعوبها الفقيرة كعوائد وارباح
ما الذي تهدف إليه القروض الاجنبية؟
هل هي حب في المسلمين وسائر البلدان النامية؟
لا يا سادة وإنما هي حرص على تحقيق مصالح خاصة بالغرب الراسمالي.
إن الغربيين يضحكون علينا ويقولون لنا إن هذه القروض مساعدات انسانية تهدف إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين من أبناء الدول النامية وإنها لإنقاذ الذين يموتون جوعا….هكذا يدعون ولكن الواقع والوثائق تكذبهم. فهذه المساعدات والمنح لا صلة لها على الإطلاق بالنواحي الإنسانية. فمثل هذه المشاعر الاخلاقية ساقطة تماما من قاموس الغرب المادي وإنما تهدف هذه المساعدات بالدرجة الأولى إلى تحقيق أغراض مادية وسياسية وعقدية وقد اعترفوا هم بذلك (راجع صناعة الفقر ص٣٤)
وهكذا تكشف الوثائق والاعترافات عن الأهداف الحقيقية للمساعدات والقروض الأجنبية ويمكن اختصارها في الاتي:
١/ انها تهدف إلى استنفاد ما تبقى من موارد العالم الإسلامي والقضاء على اقتصادها.لان هذه القروض تمثل الوحش الكاسر الذي يمسك برقبة فريسته ولا يتركها إلا حطاما
٢/ استمرار تبعية العالم الإسلامي وخضوعه للغرب الراسمالي والسيطرة الصهيونية
٣/ خلق أسواق جديدة لمنتجات.
خطورة القروض الاجنبية:
١/ تستنفذ اقتصاد البلد المقترض في وقت قصير.
٢/انها مشروطه ومقيدة وتهتم بمصلحة المقرض بصرف النظر عن مصلحة الطرف الضعيف وهو المقترض
ففي حالة كثيرة يقوم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بإعداد برامج مفصلة وعلى الحكومة المعنية أن تتمناها كشرط للحصول على قروض .
٣/ كما أن هذه القروض تقدم لأجل مشروعات محددة قد تكون أهميتها للبلد المقترض في الدرجة الثالثة أو الرابعة.
وقد يكون هناك جزء كبير من القروض في صورة سلع لابد من شرائها من الدولة المقرضة ومعظمها من السلع الراكدة وبأسعار أعلى من الأسعار العالمية
ولقد كان الرئيس الأمريكي نيكسون صادقا مع نفسه حين قال (دعونا نتذكر أن الهدف الأساسي للمساعدات الأمريكية ليس هو مساعدة الأمم الأخرى بل مساعدة انفسنا)(راجع صناعة الفقر العالمي ص ١٤٧)
وهكذا فالشروط والقيود التي يضعها البنك الدولي لقروضه تفقد القرض قيمته وتجعل منفعته للمقرض وليس للمقترض وذلك أنه يفرض على الدول المقترضة تخفيض الأجور ورفع القيود عن الواردات وتخفيض قيمة العملة وغير ذلك
٤/ كما أن هذه القروض تركز على النواحي الهامشية ولا تهتم اطلاقا بالاصلاح الحقيقي للاقتصاد أو التحديث الصناعي
٥/ واخيرا فهناك خطورة المساس بسيادة الدول لأنه ما دام القرار الاقتصادي بيد الدول الاستعمارية فإن القرار السياسي سيكون تابعا له وبذلك يضيع استقلال الدول المدينة وتخضع للهيمنة الاستعمارية حيث تفرض عليها نظم وتعليمات تضطر لتنفيذها حتى ولو كانت مخالفة لعقائدها وتراثها وعليها أن تنفذ والا فالموت جوعا والفضيحة العالمية حيث يعلن البنك الدولي إفلاس الدولة وهو إعلان يساوي موت الدولة وشعبها حيث تمتنع جميع الدول عن التعامل معها.
ما هو الحل الإسلامي لمشكلة القروض؟
يتمثل الحل الإسلامي في الاتي:
اولا:
تحقيق الاستقلال الاقتصادي والتنمية المستقلة من خلال التوجيهات التالية
١/ ترشيد الإنفاق وضبط الاستهلاك والبعد عن الاقتصاد الترفي وذلك ما وجه إليه القرآن الكريم في كثير من آياته كقوله تعالى :(إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) وقوله:(ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)
فالقانون الذي يحكم سلوك المسلم الاقتصادي هو التوازن والاعتدال فلا إسراف ولا تقتير
وحين توضع هذه القيم موضع التنفيذ تحل المشكلة لأن التنمية تفترض أن يقتطع المجتمع من استهلاكه ليستثمر الفائض في زيادة طاقته الإنتاجية وهو ما يسمى في الاصطلاح الحديث بالتراكم الراسمالي
٢/ فرض الضرائب على القادمين
٣/ جباية الزكاة وتوزيعها على المستحقين الذين حددتهم الآية الكريمة
٤/ مقاطعة سائر البضائع الاجنبية التي تلتهم أموال المسلمين وذلك بإغلاق باب الاستيراد تماما للسلع التي لها مثيل محلي حتى ولو كان المثيل المحلي اقل جودة أو على الأقل وضع نظام للحماية الجمركية وزيادة الضرائب على السلع المستوردة وذلك أن فتح باب الاستيراد بدون ضوابط يشجع التجارة على حساب الصناعة ويؤدي إلى تبعية اقتصادية كاملة
٥/ الاعتماد على الذات والثقة بالنفس واحترام التراث الحضاري لشعوبنا وتفجير طاقتها على الإبداع والابتكار للخروج من الأزمة
٦/ المشاركة الشعبية في التنمية واعتبارها من الجهاد في سبيل الله والارتفاع بها إلى مستوى العبادة وذلك بترسيخ القيم الإسلامية في مجال العمل
٧/ ترسيخ القيم الإسلامية في مجال الزراعة واستصلاح الأرض البور واستخراج المعادن والتنقيب واستغلال الثروات المائية ومجال الصناعة بأنواعها واشكالها المختلفة
ثانيا:
تحقيق التكامل بين دول العالم الإسلامي خاصة وأن العالم الإسلامي يمتلك المقومات التي تجعل منه قوة عظمى في طليعة القوى العالمية.