مقالات الظهيرة

بين قمة الصمت في الدوحة وجيوش الخوف تحت أقدام الصهاينة وحده الجيش السوداني يقاتل عدوانًا عالميًا بوكلاء عرب ومليشيا متمردة عميلة مارقة باعت الوطن وخانت الأمة!!!

بقلم المجاهد محمد زياده الطيب:

حين تفرّقنا وتوحّدوا من الضحية ومن الإرهابي هل سألنا أنفسنا يومًا لماذا صرنا نُساق إلى قمم البيانات كما تُساق الأنعام إلى المذبح؟

لماذا تنعقد القمم في عواصمنا لا لتصنع قرارات بل لتدفن ما تبقّى من كرامتنا؟

لماذا كلما تفجّرت دماء الأمة اجتمع القادة لا لنُصرة بل لذرّ الرماد في العيون؟

وهل القمة الإسلامية والعربية الأخيرة في الدوحة كانت استثناءً من هذه المسرحية الهزيلة؟

قادة عرب ومسلمون توافدوا إلى قطر ففُرشت لهم السجادات ونُصبت الشاشات وتزيّنت القاعات لكن لا القدس حُرِّرت ولا غزة انتُصرت ولا الصهاينة ارتعشوا؟

جلسوا يتبادلون كلمات التنديد كأنهم يخاطبون شعوبًا بلا وعي؟

أيّ قمة هذه التي تعجز عن تسمية العدو؟ وتخشى ذكر إسرائيل؟ وكأنها صارت ربًّا لا يجوز لعنُه؟ وأيّ قمة تخاف من سخط واشنطن أكثر من خشية الله؟

والمثير للغثيان أن القمة المنعقدة في الدوحة تجاهلت قصف الدوحة؟ طيران العدو الصهيوني اخترق السيادة القطرية؟ قصف من فوقها أو عبر أجوائها؟ ثم جلس أصحاب الجلالة والفخامة والسعادة كأنّ شيئًا لم يكن؟ لم تُرفع قضية؟ لم يُستدعَ سفير؟

لم يُغلق مطار؟ لم يُعقد اجتماع طارئ؟ وكأن السيادة القطرية ليست جديرة بالدفاع؟ لأن المعتدي هو إسرائيل؟ صمت جماعي احترامًا لمشاعر البيت الأبيض لا لمشاعر الأمة؟

قمة تُعقد على أرض انتهكتها طائرات العدو؟ ولا تملك حتى الاعتراف بالصفعة؟ تُدير ظهرها للمضيف؟

وتُكمل الجلسة؟ إذا كان هذا حال قطر فماذا نقول عن السودان؟ بلد يُذبح منذ ثلاثة أعوام بسكينٍ إماراتية صهيونية أمريكية؟

عبر مليشيا الدعم السريع المتمردة التي تحارب بالوكالة عن العدو الإماراتي الصهيوني الامريكي؟ الذي جلب لها المرتزقة من كل أصقاع الأرض؟

حتى من دولٍ عربية وإسلامية؟ فُتحت لهم المطارات؟ وسُهّلت الطرق؟ ونُقلت عبرها شحنات السلاح والموت إلى الداخل السوداني؟ تحت سمع وبصر حكومات تتظاهر بالحياد؟

بينما هي تغرس السكين في خاصرة السودان من الخلف؟

عدوان عالمي على أرض السودان بتمويل إماراتي وتسليح صهيوني وتخطيط أمريكي وتنفيذ بأدوات عربية رخيصة؟ ثم تخرج علينا القمة بصمتها المقزّز؟ وبياناتها المعقّمة؟ خشية من إحراج الحليف الأمريكي؟

أو إثارة غضب الحامي الصهيوني؟ رؤساء لا يجرؤون حتى على التنديد بموت شعب مسلم؟ إن لم يصدر الإذن من السفارات الغربية؟

جبناء على الميكروفونات؟ شجعان فقط في قمع شعوبهم؟ بينما الفاشر تُحاصر؟ ويأكل أهلها علف الأمباز وورق الأشجار؟ ويموت الأطفال بالجوع؟ وتُباد دارفور؟ وتُقصف كردفان؟ ولا أحد يتحرّك؟ قمة لم تجرؤ على إدانة أبوظبي؟ أو تل أبيب؟ أو واشنطن؟ قمة لم تُدن العدوان؟

لم تواسي الخرطوم؟ لم تعترف بالحصار؟ لم تُغلق سفارة؟

لم تطرد ملحقًا عسكريًا؟ قمة لم تقل كلمة واحدة عن القوات المسلحة السودانية؟ التي تقاتل وحدها عدوانًا دوليًا مركّبًا تقوده قوى إقليمية وعالمية؟ بذراع مرتزق وقلب خائن؟ هذه ليست وحدات نظامية؟

بل جيش رسالي مجاهد تربّى على العقيدة والولاء للأمة؟ قاتل في فلسطين؟ وكان طليعة المتطوعين وفي الجولان تقدّم الصفوف؟ حين خذلته الجيوش؟ قاتل في سيناء؟ وفي حرب أكتوبر المجيدة؟ وساهم في صنع النصر بدمه وعرقه؟

ووقف مع العرب حين اختُبرت عروبتهم؟ ومع المسلمين حين أُهينت كرامتهم في كل ميدان؟ كانت بندقية السودان حاضرة؟ وراية جيشه مرفوعة؟ واليوم يُكافأ هذا الجيش بالتجاهل والتآمر؟ يُترك وحيدًا في معركة مفروضة عليه؟

ويتواطأ عليه القريب والبعيد؟ يُحاصر ويُستنزف؟ وتُغلق أمامه أبواب الدعم؟ وتُفتح عليه جبهات الخيانة؟ لا بيان نُصرة؟ ولا قرار دعم؟ ولا حتى اعتراف بحقيقة المعركة؟ وكأن المطلوب كسر شوكته؟ لتمرير مشروع التقسيم والاحتلال؟

لكنهم يجهلون أن القوات المسلحة السودانية لم تُخلق لتُهزم؟ ولا لتُساوم؟ جيش السودان ليس مرتزقًا؟ ولا تابعًا؟ ولا طامعًا؟

بل هو جيش مؤمن ثابت يعرف. وحين عجزوا عن كسر الجيش، حاولوا ضرب قائده. الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، القائد العام للقوات المسلحة السودانية ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، لم يسلم من التآمر. لأنه وقف في خندق الجيش، ولأنه رفض أن يُساوم على سيادة السودان، قرروا أن يعاقبوه.

فرضوا عليه عقوبات؟ لا لأنه قتل شعبه؟ بل لأنه حمى شعبه! لا لأنه خان؟ بل لأنه رفض الخيانة! في عالمٍ مقلوب، يصبح المقاوم مشروعًا للعقاب، ويُكافأ الخائن بالأوسمة والصفقات. أية عدالة هذه التي تضع قائدًا منتخبًا من ميادين الشرف على قائمة العقوبات، وتغض الطرف عن قادة المليشيات الذين ذبحوا الأطفال، واغتصبوا النساء، وأحرقوا القرى، واستدعوا الاحتلال؟

أي ميزان مختل هذا الذي يجعل من البرهان هدفًا للتضييق السياسي والدبلوماسي، بينما تُفتح العواصم أمام قادة المرتزقة، ويُفرش لهم السجاد، وتُمد لهم الأيادي؟ لم يعاقبوا البرهان لأنه طامع في سلطة، بل لأنه متمسك بوطن. لم يستهدفوه لأنه خان، بل لأنه رفض أن يُباع السودان في سوق النخاسة الجيوسياسية. صمد في وجه الضغط، وواجه الحصار، وخرج إلى الميدان لا ليرتدي ربطة عنق بل ليرتدي خوذة القتال، في الفاشر، في أم درمان، في بحري، في كادقلي، في كل جبهة ينادي فيها تراب السودان أبناءه. فهل سمعنا من القمة الإسلامية أو العربية تنديدًا بتلك العقوبات؟

هل خرج بيان يرفض استهداف رمز سيادة السودان؟

هل صدر موقف يعلن دعم القائد الذي ظل في الميدان بينما فرّ الآخرون إلى الفنادق؟

صمت القادة العرب والمسلمون كعادتهم. لم يدافعوا عن رجل يمثل آخر خطوط الدفاع عن الدولة السودانية. لأنهم يخشون أن يُغضبوا واشنطن، أو أن يزعجوا تل أبيب.

لكن البرهان لا ينتظر شهادات حسن سلوك من دوائر صنع القرار الأجنبي.

يكفيه أنه بين جنوده، ويكفيه أن تاريخ الأمة يسجل من صمد، لا من سجد. ويكفيه أن السودان يعرف من خانه ومن وقف معه حين ضاقت الخيارات، وسكت العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى