مقالات الظهيرة

أيوب صديق يكتب…. أقول للبرهان!!

أخلعوا عنكم ثوبَ التردد يا برهان، وامضوا مع الروس، لإنجاز ما اتفقتم عليه معهم من قبلُ على إقامة القاعدة البحرية.

التي باتتِ الحاجةُ إليها الآن ألحَ مما كانت عليه من قبل.

أقول الآن وظللتُ أتساءل دائمًا: ما هو يا ترى الأمرُ الذي بات وكأنه وسواسٌ قهريٌ يمنعكم من الإقدام على هذه الخطوة الضرورية، التي كَثر الحديثُ عنها رسيمًا وشعبيا، والتي تكشف مجرياتُ الحرب كل يوم ازدياد حاجتنا إليها.

إن السيد الرئيس البرهان مما يبدو لكثيرين، وأنا منهم، يَمضى في نهجه السياسي، مُتبعـًا سبلَ تسويفٍ عُرف بها في مواجه وضع سياسي مُتسارع الخُطى وفي منتهى الخطورة. إنه وضع يقتضي الأخذ بزمام الحزم الذي لا تستقيم الأمور إلا به. حزمٌ جعل غيابُه أعداءَ الداخل أكثرَ اجتراءً على ممارسةِ ضروبٍ من أعمال الحرب على البلاد علنـًا، دعك عن أعداء الخارج الذين لم يتركوا منزعَ قوةٍ إلا أخذوا به، ليحققوا هدفهم، الذي هو رؤية هذه البلاد جاثية على ركبتيها من الهزيمة.

أنا لستُ عسكريًا، ولكن أقول بكل ثقة، إن تلك الهزيمةَ المُتَناة من أعداء الخارج وأعوانهم من جيوش المنافقين في الداخل، لن تحدثَ بعونٍ من الله تعالى، ثم بهذا التكاتف بين صفوف الشعب ودعمه لجيشه بمختلف تشكيلاته ومجاهديه. ثم إذا أخذ البرهانُ بتنفيذ ما وعد به أخيرًا بأن بلادنا ستتبع سياسة الردع، بدلاً من الاكتفاء بعقيدة الدفاع، لإجهاض أي تحرك ضدها في مهده.

وهذا هو القول الذي نتمنى نحن جميعـًا رؤية نتيجته شاخصة أمام أعيننا. وذلك يقتضي في رأيي إقامة علاقاتٍ عسكريةِ قوية، تحديدًا مع روسيا والصين وتركيا، لتوفير جميع أنواع العتاد العسكري الذي يُمكِّنُ من جعلِ البلاد مهابةَ الجانب. وهذه  الدول الثلاث هي أضمنُ وأسهلُ في مواقفها من حيث التعاملُ معها. إن هذه القاعدة الروسية التي ذكرتُها في مُفتَتح هذا المقال، لهي مما يُسهم في حماية سواحلنا الطويلة. وهو طولٌ يُغري كلَ مًتربص أيًا كان. وليس بمستبعدٍ أن يأتي جُل الشرِ عبرها من قَبل البحر، طالما تَعذر ذلك من قِبلِ اليابسة.

تقول الإخبار إن المسيرات المعادية ضربت أخيرا فيما ضربت، قاعدة (فلمنغو على البحر الأحمر) في بورتسودان، التي أقيمت بها زمن الإنقاذ مُنشأةٌ روسية لتقديم تسهيلات للأسطول الروسي، وبهدف تعزيز السلام والأمن في المنطقة كما ذُكر. ولكن في إبريل 2021 أعلن السودانُ تعليق العمل بالاتفاق مع روسيا حول القاعدة، لحين ما سماه مصادقةَ الهيئةِ التشريعية عليه.

وأيضا خضوعه أي، الاتفاق للمراجعة. وعند قراءتي هذه الفقرة تساءلت في نفسي؛ ترى هل كانت تلك المسيراتُ ستتجرأ على الاقتراب من تلك القاعدة وضربها، او ضرب اي موقع اخر في تلك الانحاء لو كانت القاعدة لم تزل قائمة فاعلة بمعداتها الروسية؟

وهذا تساؤلٌ يقطرُ أسىً وحسرة الآن، إذ حسب علمنا فلا هيئةَ تشريعيةً أعلنت مصادقتها على الاتفاق، ولا مراجعة صدر إثرها بيانٌ بشـأنه!!

وأمام هذا الموقف الرسمي البائس بتعليق العمل بالاتفاق، فكك الروسُ منشأتِهم وسحبوا معداتهم، من قاعدة فلمنغو، حيث ضربتها المسيرات. وهنا شعرتُ بالأسف لتلك الخطوة التي عملنا بها على خِذلان الروس، الذين كانوا قد ظنوا بنا خيرا. ولا بد أنهم أصيبوا بخيبة أمل كبيرة بسبب موقفنا منهم. ولكن رغم ذلك؛ يُحسب لهم أنهم لم يعاملونا بذلك الموقف،

فظلوا يقفون معنا في دوائر الأمم المتحدة، وحيث موقفهم الأخيرُ في مجلس الأمن، الذي أبطلوا به بحقهم في النقض، تلك الخطواتِ الخبيثة، التي لولا هم لكان جواسيسُ الأمم المتحدة، وتحت مظلة المساعداتِ الإنسانية يجوسون خلال ديارنا الآن.
ورغم موقفنا المخيب لأملهم فينا، تقول الاخبارُ إن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال زيارته بلادنا في فبراير الماضي 2023 قال إنهم لم يزالوا في انتظار موافقة المؤسسة التشريعية على إنشاء القاعدة البحرية على البحر الأحمر. كان ذلك في عام 2023 إن لم يكن تسرب إلى نفوسهم اليأسُ من تصرفاتنا التي تتصف بالبطءِ أحيانا وبالتردد أحيانا أخرى، وكل منها أسوأ من الآخر. فنحن البلد الكبير، ويأخذنا الريثُ والترددُ في إقامة قاعدة بحرية تقتضيها ضرورة أمننا القصوى.

وجيبوتي ذلك البلد الصغير الذي تبلغ مساحته 23,200 كيلو متر مربع، يضم كما تقول المصادرُ ستَ قواعد عسكرية أجنبية.

وهي قواعد لفرنسا والولايات المتحدة واليابان والصين وإسبانيا وإيطاليا. فقد رأى أهل ذلك البلد الصغير أن ذلك هو ما يضمن سلامته لهم، ومضوا في سبيل تحقيق هدفهم ذاك، ولم يُخيفهم بُعبعُ مجتمع دولي مُتخيل، أو إغضابُ دولٍ متشاطئة، لو أرادت إقامة أي شيء على أراضيها لما طاف السودانُ بخاطرها، دعك من التفكير في رضاه أو غضبه. ونحن البلدُ المتُربصُ به ليس أما منا إلا إقامة القاعدة الروسية هذه، وثانية تركية وثالثة صينية. فليُقدم البرهانُ ورفاقه على ذلك؟ وليبلِّط الباقون البَحرَ، كما يقول إخواننا في بلاد الشام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى